مسقط - الشبيبة
بعد مجموعة من الإصدارات آخرها "الأمن العسكري" يواصل العميد الركن متقاعد، وعضو مجلس الدولة سابقا، سعود بن سليمان الحبسي مشروعه الكتابي عبر إصداره الجديد "عمان وأمن الخليج" الذي أهداه إلى روح جلالة السلطان قابوس -طيب الله ثراه- "مؤسسة مبادىء السياسة الخارجية العمانية الهادفة دائما وأبدا إلى تحقيق الأمن والسلام والرخاء والاستقرار لكل سعوب العالم" وإلى جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم "الذي حافظ على النهج العماني الأصيل لخير ورخاء الإنسان"، وإلى الأرواح العمانية الطاخرة لأبناء عمان "الذين وهبوا حياتهم وبذلوا الغالي والنفيس للمحافظة على عروبة وأمن عمان، وأمن الخليج على مر العصور".
وفي تقديمه يشير الدكتور إبراهيم بن حمود الصبحي إلى أهمية الكتاب الذي "يأتي في وقت تستقطب هذه المنطقة (الخليج) المختلف أساسا على تمسيته بين الدول المحيطة به ناهيك عن نزعة الخوف والترقب" لهذه الدول، باعتبارها "تقف على فوهة بركان لا يعرف متى سينفجر. وكل يوم يزداد الخوف والترقب".
ويؤكد المؤلف، في كتابه الصادر عن دار لبان للنشر، على أن حقائق التاريخ أثبتت بأن منطقة الخليج كانت ولا تزال تمثل إحدى أهم المناطق الاستراتيجية في العالم، وبأنها تتصدر اهتمامات الدول الكبرى في عالمنا المعاصر وكذلك على مدى المستقبل المنظور لأهميتها الجيوبولتيكية والجيوستراتيجية، مشيرا إلى مصالح الدول الغربية، والقائمة سياساتها على إخضاع هذه المنطقة لسيطرتها وتبعيتها الاقتصادية والحصول على المواد الخام منها مقابل تسويق منتجاتها، خاصة في مجال التسليح.
ويتكون الكتاب من سبعة فصول، بدأت في أولها بالحديث عن "الأمن الإقليمي للخليج من المنظور العالمي والإقليمي في ضوء المصالح والتغيرات والأزمات المتتالية"، وفي الفصل الثاني يتحدث عن الأهمية الاستراتيجية للسلطنة بالنسبة للخليج، بدءا من أهمية الموقع الجغرافي للسلطنة في العصور القديمة، ووصولا إلى العصر الحديث وموقع مضيق هرمز، مستعرضا في الفصل الثالث "الأدوار العمانية في أمن الخليج عبر التاريخ" مستعرضا الدور العماني في الحد من النفوذ البرتغالي في المنطقة والسواحل الافريقية، وأيضا في مكافحة القرصة في بحر عمان والخليج وبحر العرب، ووصولا إلى "الأدوار العمانية في أمن الخليج في التاريخ المعاصر" كما سرده في الفصل الرابع، والذي تضمن أيضا حديثا من رجل خبير عن المبادرات العمانية لأمن الخليج والتي بدأت بدراسة قدمها السلطان الراحل قابوس بن سعيد أحيطت مناقشاتها بسرية تامة في القمة الثانية لدول الملجس عام 1991، لكن المؤلف يشير إلى أن دول الخليج وصلت إلى مرحلة متقدمة في عدم الثقة فيما بينها.
ويسرد المؤلف سعود الحبسي في الفصل الخامس التحديات التي تواجه الأمن الإقليمي لدول الخليج والجزيرة العربية، كالمخاطر التي تهدد منظومة مجلس التعاون، والعلاقة مع إيران، ومشكلة الجزر الثلاث (أبو موسى، وطنب الصغرى، وطنب الكبرى)، ومستقبل العراق، وغيرها من التحديات، عربيا وعالميا، لكن المؤلف يرى أن إرادة الشعوب المخلصة الصادقة لا تعرف المستحيل، مشيرا إلى أن هذه الدول خرجت بدروس مستفادة من معطيات الماضي وأصبحت في موقف يمكنها من إعادة النظر في مجمل التحديات التي تواجهها، وتحليلها والخروج برؤى موحدة للمحافظة على ما تبقى من سيادتها الوطنية، فيما يطرح في الفصل السادس الافتراضات المستقبلية لأمن الخليج والجزيرة العربية، ويختتم الكتاب باستعراض "الاستراتجية العسكرية والأمنية المستقبلية المقترحة لتحقيق الأمن الإقليمي للخليج والجزيرة العربية".