علي بن راشد المطاعني
مع توحيد أنظمة التقاعد في السلطنة ودمجها في صندوقين الأول مدني والثاني عسكري، وما يمثله ذلك من أهميّة في المساواة في المزايا التقاعدية؛ إلا أنّ هناك بعض المشكلات العالقة لعدد كبير من العاملين سابقا في شركة «تنمية نفط عمان» والذين انتقلوا إلى شركات أخرى بالقطاع الخاص؛ وتتمثل الإشكالية في عدم نقل خدماتهم إلى الصناديق الأخرى بحجة أنّ كل جهة لها نظامها الخاص بها.ولكن الآن بعد توحيد هذه الأنظمة فإنّه من الأهمية بمكان ضم خدماتهم بما يحفظ حقوقهم التقاعدية والسنوات التي أمضوها في خدمة الشركة والتي بأي حال من الأحوال لا يجب أن تذهب سدى؛ بل إنّ بعضهم ستكون أعمارهم الوظيفية كبيرة بعد رفع سن التقاعد وتتجاوز العمر المحدد للإحالة للتقاعد في السلطنة، الأمر الذي يتطلب من الحكومة وشركة «تنمية نفط عمان» حل هذه الإشكاليّة من خلال تحويل مساهمة الشركة في نظامها التقاعدي للذين انتقلوا منها للصناديق التقاعدية العاملة في الدولة، على اعتبار أنّ الشركة دفعت لهم مساهماتهم في حين أنّ مساهمتها لم تدفع حتى الآن؛ لكون نظامها لا يسمح بذلك؛ في حين أنّ أنظمة التقاعد الآن توحدت في صندوقين بالدولة وبالطبع يشمل ذلك تنمية نفط عمان..لا يختلف اثنان حول أنّ أنظمة التقاعد تشكل هاجسًا للموظفين؛ باعتبارها ضمانة لهم وأسرهم وحصيلة اشتراكهم في أنظمة تأمينية يجب أن تحفظ حقوقهم كاملة ليست منقوصة وحتى مساهمة جهات العمل التي عملوا فيها؛ على اعتبار أنّ مساهمة جهة العمل كانت وفق نظام عمل موقع ومتفق عليه بين الجهة والموظف، وارتبط ذلك بجهة تأمين أخرى هي صناديق التقاعد، حتى لو كان في ذات الجهة مثل شركة «تنمية نفط عمان»؛ فمساهمتها على سبيل المثال لأي موظف دُفِعت للصندوق، وبالتالي هذه المساهمة حق للموظف بعد استقالته أو انتقاله لجهة أخرى، وليست حقا خاصا بها. فإذا كانت حُجة الشركة بأنّ نظامها التقاعدي غير مرتبط مع أي صندوق فإنّ هذه الإشكالية قد حُلّت الآن بدمج الصناديق؛ وإن كان ذلك ليس مبررًا، فالأصل في الموضوع أنّ مساهمة الشركة للموظف حولت لصندوقها شهريا مع استقطاع من راتب الموظف، وهذا الاستقطاع خارج عن مالية الشركة وأصوالها؛ بل إنّ الصندوق له أمواله وممتلكاته واستثماراته كنظام تأميني، وهو ما يفرض على الشركة أصلا تحويل مساهماتها كاستحقاق أصيل وفق القانون والقيم الإنسانية التي يجب أن تكون هي الأساس الذي تعمل الشركة على تكريسه حتى ولو على نفسها.
الحقيقة الناصعة أنّ المسوغات المنطقية والقانونية ليست في صالح الشركة في هذه الجزئية، والتي كان يفترض أن تجد لها حلا جذريا قبل اندماج الصناديق، سواء لهذه الاعتبارات أم غيرها، فحقوق الناس لا يجب أن تمس أبدا، وإذا الشركة سلّمت بأنّها دفعت مساهمتها في نظامها التقاعدي فليس شرطا أن تستحوذ عليه إذا استقال الموظف منها أو انتقل لجهة أخرى، فهذا النظام أشبه برد الفعل، ومقيّد لحركة الموظفين وحريّتهم في الانتقال من وظيفة إلى أخرى داخل البلاد، ويضيّق على حقوق الإنسان، وبالتالي لا يجب أن نضع موانع أشبه بالكيدية في القانون تمنع الموظف من مغادرة الشركة أو الانتقال إلى أخرى، وإذا انتقل فعلى مساهماته هذه السلام.
إنّ هؤلاء الموظفين يعانون أيما معاناة ويحزنهم ألا تضم سنواتهم في العمل بالشركة لخدمتهم، وأنهم سيبدأون من جديد في الانضمام لشركة أخرى ونظام تقاعدي آخر رغم أنّ عمر بعضهم الوظيفي أكثر من 20 عامًا، وإذا كان يرغب في التقاعد فلابد أن يكمل 30 عامًا كتقاعد مبكر، أي أن خدمته ستكون أكثر من 50 عامًا وعمره أكثر من 75 عاما، أو أن يكون قضى في نفط عمان أكثر من 20 عاما ثم ينتقل إلى جهة أخرى فتحيله للمعاش بحكم السن بعد عشر سنوات، وبالتالي يأخذ مساهمات 10 سنوات فقط من الصندوق بعد أن ضاعت عليه مساهمة الـ 20 سنة الماضية في شركته السابقة؛ فبالله أي منطق هذا يمكن أن تقنعنا به الشركة في هذا الجانب.
الصناديق بدورها طالبت الراغبين في ضم خدمتهم بأن يدفعوا مساهماتهم ومساهمة جهة عملهم السابقة مع اختلاف الأنظمة، في حين أنّ تنمية نفط عمان لا تريد الدفع بحجة اختلاف نظامها وبالتالي أوقفت مساهمة الموظف واحتفظت بالأموال بدون وجه حق.
بالطبع نتفهّم الأنظمة التقاعدية وإجراءاتها؛ لكن لا يجب أن تكون مجحفة في حق العاملين فيها سابقًا؛ فيضطرون لأخذ حقوقهم عبر المحاكم وساحات العدالة، وكان الأجدى تدارك كل ذلك إن كان في نظام تنمية نفط عمان ثمة متسع لمنح هؤلاء الموظفين مساهماتهم التقاعدية.