مسقط - الشبيبة
رصد العديد من شركات التداول الوهمية التي تروج لاستثمارات ذات عائد مالي كبير في وقت قصير.
الأحداث الفئة الأخطر للتعرض للابتزاز.
البعض وقعوا كضحايا نتيجة مشاهدتهم إعلانات حول التداول الوهمي في حسابات مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي.
لابد من رفع مستوى الوعي فيما يخص الجريمة الإلكترونية.
ما زال استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في تزايد مستمر بين الأفراد والجماعات لا يمكن الاستغناء عنها كحلقة تواصل في كافة المجتمعات، وكما لتلك المواقع من إيجابيات كثيرة فإن لها آثارًا سلبية على المجتمع، وقد أصبحت هذه المواقع والبرامج تشكل هاجساً نتيجة استغلالها من بعض الفئات لارتكاب جرائم الاحتيال أو الابتزاز الإلكتروني، حيث يتم اتخاذها كأداة في ارتكاب الجرائم دون وضع اعتبار للمكان أو الزمان.
أهم جرائم العصر الحديث
حول هذا الموضوع قال العميد جمال بن حبيب القريشي، مدير عام التحريات والتحقيقات الجنائية، أن قضايا الاحتيال والابتزاز الإلكتروني أصبحت من أهم جرائم العصر الحديث نتيجة للتطور في منصات التواصل الإجتماعي وتنوعها، ولا يمكن الحد من تلك الجرائم إلا من خلال الوعي المجتمعي، فلا أحد يستطيع وقف شخص موجود في دولة أخرى من إرسال رسالة أو بريد إلكتروني لشخص موجود في السلطنة، ولكن عندما يكون المواطن أو المقيم قادرا على تنفيذ محتوى تلك الرسالة أو البريد الإلكتروني فإنه يسهم في منع هذه الأنواع من الجرائم.
وأشار أن الجرائم الإلكترونية تختلف من حيث طريقة ارتكابها كسرقة بيانات عملاء البنوك والاختراق والإبتزاز والاحتيال الإلكتروني، حيث إن الأسلوب الجرمي يختلف من حيث طريقة استدراج المجني عليهم والمحفزات التي يستخدمها الجناة كالربح المادي السريع والمضمون أو الحصول على خدمات أخرى أو عن طريق التهديد والإكراه أو قناة التواصل مع المجني عليهم.
زيادة نسبة ارتكاب جرائم الاحتيال الإلكتروني
وأوضح العميد مدير عام التحريات والتحقيقات الجنائية أن جرائم الاحتيال الالكتروني ارتفعت بنسبة 25 % بالمقارنة بين عامي (2019 و 2020م)، حيث من الملاحظ لدينا أن فئة من يقع عليهم الاحتيال لا يتقدمون ببلاغات وخاصة عندما يتعلق الموضوع بالابتزاز الإلكتروني نظراً لحساسية البيانات التي تمكن الجناة من الحصول عليها،
وفي هذا الشأن نرى بأهمية إدراك المجني عليهم أن العاملين في مكافحة هذه الأنواع من الجرائم قادرين على مساعدتهم وتوجيههم بالمسارات التي يجب أن يتبعوها بكل سرية، والتأكيد على من يقع ضحية لهذا النوع من الاستجابة لطلبات الجناة أن يكون يقظا فالاستجابة الأولى لهم لا تعتبر الأخيرة إنما ذلك هو الطلب الأول فقط ويتبعه طلبات كثيرة.
شركات استثمار وهمية
ومن خلال المتابعة لهذا النوع من الجرائم والبرامج الإلكترونية التي تكثر فيها عمليات الاحتيال والابتزاز الإلكتروني؛ فقد بين مدير عام التحريات والتحقيقات الجنائية أن كافة منصات التواصل الاجتماعي يمكن استغلالها من قبل الجناة لارتكاب جرائم الاحتيال أو الابتزاز، فما تلك المنصات إلا وسيلة تواصل فقط للوصول للضحايا، وقد تعاملت إدارة الجرائم الاقتصادية مع عدة جرائم ارتكبت بواسطة برامج التواصل الاجتماعي كالواتساب والانستجرام والسناب شات وبعض منصات الاستثمار في تداول الأسهم الوهمية في العالم الافتراضي.
وقد تم رصد العديد من شركات التداول الوهمية التي تروج لاستثمارات ذات عائد مالي كبير في وقت قصير، والتي نجحت في إقناع العديد من الضحايا بالسلطنة، وقد اكتشفوا بعد ذلك أن تلك الاستثمارات ما هي إلا سراب لأهداف غير واقعية.
ويعتمد هذا النوع من الاحتيال على التركيز على الإعلانات لجذب الضحايا، فقد يظهر لدى متصفح أحد منصات التواصل الاجتماعي إعلان عن شخص يتحدث عن تجربته في الاستثمار في أحد مجالات النفط أو العملات أو الأسهم والنجاحات التي تحققت له في وقت قصير، كما يتم أيضا استغلال الأخبار ذات الرأي العام في الدول ويتم تضمينها قصة نجاح شخص في هذا النوع من الاستثمارات، مستغلين شعارات الصفحات الرسمية لبعض المواقع الحكومية من أجل إقناع الضحايا.
وقد تمكنت شرطة عمان السلطانية في مواجهة العديد من تلك الجرائم وتم تقديم العديد من الجناة إلى المحاكم، ولكن في هذا الشأن نود التوضيح بأن أغلب الجناة يتواجدون في دول أخرى، وكثيرا ما يلجأ المجني عليهم إلى الإبلاغ في وقت متأخر ولا يكون لديهم تفاصيل عن الشركة الوهمية إلا حساب بنكي في دولة أخرى، وفي هذا الجانب تتعاون شرطة عمان السلطانية مع الدول الأخرى عن طريق المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول).
كما رُصدت حالات لضحايا تم إقناعهم عن طريق المعارف والأصدقاء قاموا بتشجيع بعضهم البعض لاستثمار أموالهم في هذه الشركات الوهمية التي وعدتهم بدفع أرباح وشيكات إليهم مقدماً وأيضا لوحظ في عدة حالات بأن المجني عليهم وقعوا كضحايا نتيجة مشاهدتهم إعلانات عن هذا النوع من التداول الوهمي في حسابات مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي.
استهداف الأحداث
أما عن الفئة الأكثر عرضة للجرائم الإلكترونية فقد أوضح العميد أن جميع الفئات العمرية معرضة للوقوع كضحية لهذه الجرائم، ولكن بمقياس أيهما أخطر فإنه بكل تأكيد تكون فئة الأحداث (ما دون سن الثامنة عشر) هي الفئة الأخطر للتعرض للابتزاز، كون هذه الفئة يمكن أن لا يكون لديها الوعي الكافي أو القدرة والمعرفة للتصرف الصحيح، وبالتالي فإن استجابتها لطلبات الجناة تكون أسهل وأسرع.
ولذلك لابد من أولياء الأمور أن يقوموا بمتابعة استخدام أبنائهم للإنترنت، ويجب عليهم أن يدركوا بأن توفير أي جهاز إلكتروني للأبناء تقابله حاجة لذلك أو أن يكون ولي الأمر على علم بما يتصفحه ابنه من مواقع، كما توجد في بعض الأجهزة خاصية التصفح الآمن للأطفال، حيث أن بعض البرامج التي لا تتناسب مع أعمارهم يتم حجبها.
ومن الجوانب المهمة في هذا الشأن ضرورة متابعة تصرفات الأبناء اليومية وخاصة المصروفات التي يطلبونها، فإن ارتفاع عدد الطلبات للنقود من قبل الإبن بدون معرفة الهدف من ذلك ربما يكون مؤشر غير إيجابي يجب البحث فيه كما أن العزلة وقضاء وقت طويل مع الجهاز الإلكتروني أيضا يعتبر سلوك يجب الانتباه له.
التعاون الدولي
وعن التنسيق الدائم بين الإدارة العامة للتحريات والتحقيقات الجنائية بشرطة عمان السلطانية والمنظمات الشرطية الدولية حيال المستجدات المتعلقة بالجريمة الإلكترونية؛ قال العميد جمال: يوجد تواصل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع مع المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول)، حيث توجد بالإدارة العامة للتحريات والتحقيقات الجنائية إدارة متخصصة بالتنسيق لهذه الجوانب وهي إدارة الاتصال للشرطة العربية والدولية، تقوم باستقبال كافة المعلومات والبيانات عن الجرائم والأساليب الجرمية التي ترسلها الدول الأعضاء في المنظمة سواء بهدف التوعية أو طلب المساعدة أو غيرها من الجوانب، واستجابة شرطة عمان السلطانية تكون سريعة طالما يكون الطلب متوافق مع القوانين.
وفيما يخص الجرائم الإلكترونية فإنه عندما يتم استلام معلومات عن أساليب إجرامية مبتكرة تم رصدها في دول أعضاء بالمنظمة يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة للتصدي لها والوقاية منها بشكل مباشر في السلطنة بالتنسيق مع الجهات المختصة الأخرى، كما يتم تعميم الأساليب الإجرامية المستحدثة التي تندرج تحت تصنيف الجرائم الإلكترونية مع الجهات الحكومية ذات العلاقة بالسلطنة.
محاذير
وحول المحاذير التي يجب أن يتبعها الشخص لتفادي الوقوع كضحية لهذا الأسلوب الاحتيالي قال العميد جمال: قبل كل شي يجب التأكيد على أن لا تكون المعلومات الشخصية والمالية لمستخدم الإنترنت مكشوفة ومعروضة للمستخدمين الآخرين (للمتصفحين)، فهذه البيانات يجب أن تكون سرية ولا يتم الإفصاح عنها إلا بناء على سبب مقنع وآمن، كما أن طريقة التواصل يجب أن تكون آمنة وخاصة عند الشراء عن طريق الانترنت، ومن المحاذير الأخرى هي تقييم أي فكرة للاستثمار يتم عرضها عبر وسائل التواصل الاجتماعي من خلال مبلغ الاستثمار والربح ومدة الاستثمار، فغالبا ما يحفز الجناة ضحاياهم من خلال طلب مبلغ معين يكون ربحه مضاعفا خلال مدة قصيرة جداً، وبالتالي يجب الانتباه لمثل هذه العروض (الحصول على الكثير من الربح مقابل القليل من الاستثمار) فإنها تؤدي بلا شك إلى ضياع الأموال واختفاء الجناة.
كما يجب الانتباه إلى أنه غالبا ما يرافق تواصل الجناة مع الضحايا إلحاح وضغط نفسي، بحيث تكون اتصالاتهم متكررة ولا تعطي الضحية وقت للتفكير، ومحاولة التركيز على أهمية السرعة في اتخاذ قرار البدء بالاستثمار مع تذكير الضحية بالمردود الاستثماري الكبير في الوقت نفسه، وقد وقع ضحية هذا الأسلوب الجرمي العديد من المواطنين والمقيمين.
نصيحة
وختم العميد جمال القريشي مدير عام التحريات والتحقيقات الجنائية حديثه قائلا: أنه يجب على الشخص أن يكون قادراً على تحليل المعلومات المضللة من خلال رفع مستوى وعيه فيما يخص الجريمة الإلكترونية، لأنه بشكل عام يسعى الجناة في مثل هذه الجرائم لعزل المجني عليهم عن مجتمعهم بهدف السيطرة عليهم بسهولة.
كما يجب على الآباء تشجيع أبنائهم على التحدث عن المشاكل التي تواجههم وخاصة عند تعرضهم للابتزاز، لذا فإنه لا يجب بناء حواجز بين الأبوين والأبناء حتى لا يكون الإبن عرضة للابتزاز بسبب الخوف من الديه، أما فيما يخص الاستثمار المالي فله أسس ومتطلبات معلومة، فإن الجناة دائما ما يضعون المردود الكبير خلال فترة قصيرة كطعم أمام ضحاياهم كي لا يتمعنوا في باقي التفاصيل.