القطاع الخاص.. بين رسوم المأذونيات ومطرقة كورونا

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٣١/يناير/٢٠٢١ ٠٩:٠٥ ص
القطاع الخاص.. بين رسوم المأذونيات ومطرقة كورونا

مسقط - الشبيبة

بقلم: محمد محمود عثمان

تأثر القطاع الخاص كثيراً من وباء كورونا خاصة في 2020 بكل ما حدث فيه بعد أن أصيب القطاع الخاص في مقتل وتوقفت معظم الأنشطة الاقتصادية إن لم يكن جميعها ، واصبح يعاني من التصفية أو التعثر أو التوقف ، ويبدو ذلك جليا في الاقتصاديات التي اعتمدت لسنوات طوال على العائدات النفطية - التي كانت تمثل المحرك الأول والرئيسي لكل قطاعات المجتمع - والتي تراجعت مع انخفاض الأسعار في الأسواق العالمية وانعكس ذلك سلبا على الجميع لذلك يحتاج القطاع الخاص إلى مجموعة جديدة من المحفزات الحقيقية التي تمكنه من إعادة دورة الحياة من جديد حتى يتمكن من التعافي التدريجي في أسرع وقت وتجنبا للمزيد من الخسائر، لأن الإدارة الاقتصادية المرنة والرشيدة لا تترك سفينة الاقتصاد تغرق بمن فيها ومن عليها ، بل وتضع على كاهلها أوزارا على أوزارها ، تنوء بحملها ولا تقدر على تبعاتها ، وإنما تسعى وتعمل على إنقاذها وإصلاحها وتعويمها ، ووضعها على المسار الصحيح لتؤدي الدور المطلوب منها في التنمية المستدامة ،وفي هذا الإطار وبناء على قرار اللجنة العُمانية العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا ، قد أصابت وزارة العمل في سلطنة عُمان ، حينما قدمت حزمة من التسهيلات لمؤسسات وشركات القطاع الخاص ومراعاة لظروفه ، في إطار النهج الذي انتهجته الحكومة لدعم الاقتصاد الوطني في مواجهة تداعيات الإغلاق العام بسبب كورونا ، مثل تخفيض رسوم تجديد بطاقات القوى العاملة غير العمانية حتى نهاية شهر مارس 2021م لتصبح الرسوم (201) ريال عماني بدلا من (301) ريال عماني مع السماح بتجديد البطاقات المنتهية للمؤسسات والشركات التي بها قوى عاملة عمانية ،ولكن أن يتغير ذلك ويتم الإعلان عن زيادات باهظة في هذه الرسوم ، فإن الأمر يحتاج إلى مبضع جراح اقتصادي خبير ومتمكن لإجراء الإصلاحات وتقدير الرسوم أوالضرائب، التي تتوافق مع احتياجات وظروف القطاع الخاص ومتطلبات المجتمع في هذه المرحلة ، من خلال البحوث والدراسات الميدانية الموسعة والمسبقة، حول كل السيناريوهات للتعرف على جميع النتائج والتأثيرات الإيجابية والسلبية المتوقعة للقرارات أوالرسوم التي تفرض، بدون التشاورمع المؤسسات التشريعية أو التنسيق مع أصحاب شركات ومؤسسات القطاع الخاص والعاملين فيه وممثليهم في غرف التجارة والصناعة واتحادات العمال ،في غياب المبادرات المؤثرة والفاعلة التي تطرح من قبلهم لمواجهة هذه الأزمة وتقديم رؤيتهم للتغلب عليها ، لأن القطاع الخاص لا زال يعاني ولفترات طويلة قادمة من آثار كورونا الكارثية التي سوف تمتد لعدة سنوات قبل أن يستطيع التعافي واستعادة ولو جزء من قوته ، وضمانا لاستمرار المسيرة بدون حدوث هزات عنيفة تؤثر على العمل والإنتاج والتوظيف وعلى أنشطة القطاع الخاص بشكل عام، الذي يتأثر بشدة من القرارات التي تحتاج إلى دراسات جدوى متأنية ، لأن ذلك وبدون أدنى شك ينعكس بشكل أو بآخر على المناخ الاستثماري،ويعمل على عدم تدفق الاستثمارات أو هروبها ، لذلك أحرى بنا - في الوقت الراهن - أن نتخلي عن الإجراءات السلبية وبعض القرارات التنظيمية التي قد لا تتوافق مع إمكانيات القطاع الخاص أو الواقع المفروض عليه والأوضاع الاقتصادية السائدة،التي نشهرها - بدون قصد - في وجه جذب وتوطين الاستثمارات وضد انتعاش الاقتصاديات التي تضررت انكماشا وتراجعا ، خاصة الاجراءات التي تقلص من أعداد الأيد العاملة الماهرة والمدربة في القطاع الخاص، حيث تخسرشركات القطاع الخاص التي استغنت عنها أعمدتها الفاعلة والمؤثرة في تنفيذ وتطوير مشروعاتها الآنية والمستقبلية ، والتي تتكبد الكثير في سبيل عودتها أو إعداد البديل الكفء لها ، بعد أن تأثرت من ذلك قطاعات مختلفة لها اهميتها الإنتاجية ودورها في زيادة الموارد المالية ،لا سيما أن سيكولجية اتخاذ القرار تقتضي المواءمة بين الواقع والمأمول لتحقيق التوازن والاستقرار المجتعي ، وألا نجعل من الطموحات والغايات النبيلة عقبة كأداء أمام عبور الواقع المعاش وأمام الخروج من الأزمات التي تحاصرنا ، خاصة أن القطاع الخاص الناشئ يعاني من جملة من المعوقات بداية من الموارد المالية والتمويل والترويج والتسويق، كما تتحمل الشركات الصغيرة والمتوسطة أعباء مادية فوق طاقتها، أقربها ما يتعلق بالرسوم البلدية ، أو رسوم مأذونيات العمل التي ترتفع بنسب مضاعفة أضعافا ، في ظل ظروف اقتصادية غاية في الصعوبة، تُطبق الخناق على القطاع الخاص وتحاصره بين رسوم المأذونيات ومطرقة كورونا ،وتحمله المزيد من الأعباء، في الوقت الذي يحتاج فيه إلى المساعدة والدعم ، ومن هنا فإن الأمر يستوجب ضرورة السرعة في تنظيم جلسات استماع في اللجان المتخصصة في المؤسسات التشريعية والرقابية وغرفة التجارة والصناعة، بمشاركة رجال الأعمال ورموز القطاع الخاص للدراسة والمناقشة العلمية والميدانية ، وذلك حتى نحمي الشركات الكبيرة قبل المتوسطة والصغيرة من عواقب الآثار السلبية للأزمات الاقتصادية المتتالية،والخروج من عنق كورونا ، وحتى ينجح القطاع الخاص في أداء دوره في تحقيق المساهمة المستمرة في تنويع مصادر الدخل وزيادة الناتج المحلي.