أمريكا تحتشد لتوفير الكهرباء

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٩/أبريل/٢٠١٦ ٠٥:٠٠ ص
أمريكا تحتشد لتوفير الكهرباء

أندرو ديلاسكي

نتذكر الضجة التي أثيرت في أنحاء الولايات المتحدة حول نية الحكومة إجبار المستهلك الأمريكي على التحول من استخدام المصابيح المتوهجة التي تستخدم منذ أيام توماس اديسون الى مصابيح الفلورسنت المدمجة؟ الآن وبعد عدة سنوات لا نجد أي نوع من ذلك النقد السياسي مع تقديم وزارة الطاقة اقتراحا بمعايير للطاقة من شأنها أن تحقق رقما قياسيا للولايات المتحدة في كفاءة استخدام الطاقة.
فكيف انتقلت معايير الإضاءة من كونها قضية سياسية ساخنة الى قضية تدافع عنها صناعة الإضاءة والمستهلك الأميركي معا؟ كانت البداية عندما أصدر الكونجرس قانون استقلال وأمن الطاقة في العام 2007، ونتيجة للقانون، الذي وقعه الرئيس جورج دبليو بوش، أصبحت المصابيح المتوهجة من مخلفات الماضي. وفي مقابل 5 دولارات أو أقل يمكن الاستغناء عنها بلمبات (LED) الموفرة للطاقة والتي يمكن أن تضئ واحدة منها غرفة داخلية أو شرفة المنزل بنفس القدر – إن لم يكن أفضل – من اختراع اديسون، بينما تستهلك كمية أقل بكثير من الكهرباء فيما تعمل بكفاءة لمدة تصل الى 25 عاما، وهذه المدة الطويلة تعني أنك لن تكون بحاجة الى مكان لصندوق التخلص من مخلفات مصابيح الانارة.
وخلال المرحلة الأولى من المعايير الجديدة طالب الكونجرس تقليص استهلاك المصابيح المتوهجة بنسبة 25 الى 30 في المئة أقل من الطاقة، وكانت البداية استبدال المصابيح العادية الـ 100 واط بمصابيح عادية أيضا ولكن بقوة 72 واط، والمصابيح المتوهجة 60 واط بأخرى 43 واط. أما الهالوجينات التي كانت تمثل في العام 2007 حصة ضئيلة من مجموع المصابيح الكهربائية المشتراة، فأصبحت الآن تشكل نحو 50 في المئة من المبيعات، والجزء الأكبر من المتبقي من المصابيح الأكثر كفاءة أو مصابيح الفلورسنت المدمجة.
أما المرحلة الثانية، فقد وجه الكونجرس وزارة الطاقة لوضع معيايير منقحة للمبات يتم تطبيقها في 2020، فيما أضاف الكونجرس شرطا يتطلب أن تحقق المعايير الجديدة كفاءة تصل على الأقل إلى 45 شمعة (مقياس السطوع)، وفي 17 مارس أصدرت وزارة الطاقة المعايير المقترحة.
وكانت تلك هي الانطلاقة التي وضعت الولايات المتحدة من خلالها أرقاما قياسية جديدة لكفاءة استخدام الطاقة، وبفضل المرحلة الثانية من المعايير الدنيا، سيوفر المنزل الأمريكي في المتوسط نحو 90 دولارا من فاتورة الكهرباء السنوية، ما يعادل تقريبا شهرا مجانيا من الكهرباء. واعتبارا من عام 2020 إلى العام 2030 ستوفر تلك المعايير بصورة تراكمية 1.5 ترليون كيلوات/ساعة من الطاقة أو أكثر، وهو ما يكفي لتلبية احتياجات جميع المنازل في الولايات المتحدة من الكهرباء لمدة سنة واحدة، وهذه الوفورات تترجم إلى أكثر من 11 مليار دولار من الوفورات السنوية للمستهلكين، وهو القدر الأكبر على الاطلاق لمعيار كفاءة واحد يتم تطبيقه في تاريخ الكونجرس.
فماذا عن كل هذه الضجة السياسية قبل بضع سنوات؟ بدأت الشركات المصنعة في التركيز على المصابيح الأكثر كفاءة وعمرا، وشهد كلا النوعين من المصابيح تطويرا استجابة لقانون عام 2007، واصبحت مصابيح الهالوجين، التي كانت تحت التطوير في السابق، هي اللمبات الأكثر شيوعا ومبيعا اليوم فيما يدفع المستهلك زيادة طفيفة في التكلفة ، بينما المصابيح الـ LED تكلف حوالي 5 دولارات أو أقل ولكنها تدوم لفترة أطول مقارنة بالمصابيح الهالوجين التي تكلف من 1 الى 1.50 دولار وتعمل لمدة حوالي عام. في حين أن المصابيح LED تستهلك حوالي ربع ما تستهلكه من الكهرباء، كما أن أسعارها آخذة في الانخفاض.
وعلى الرغم من أن معايير الإضاءة كانت لفترة وجيزة قضية سياسية ساخنة، ولكن الواقع أن البيت الأبيض والمشرعين في الكونجرس قاموا بعمل جيد وذكي في العام 2007 أدى الى موجة من الابتكار المذهل في صناعة الإضاءة، والنتيجة على المدى الطويل توفير التكاليف وإضاءة موفرة للطاقة يقبل عليها المستهلك.

المدير التنفيذي لمشروع التوعية بمعايير الأجهزة، وهو ائتلاف لمصالح المستهلك والبيئية وكفاءة الطاقة