الكل يطلب الدعم

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٩/أبريل/٢٠١٦ ٠٥:٠٠ ص
الكل يطلب الدعم

علي المطاعني

عندما تجرى مقابلات إعلامية على اختلافها اذاعيةو تلفزيونية و صحفية مع أي من الفئات المجتمع سواء رجال أعمال أو فنانين أو مرآة اواعمال تطوعية أو غيرها، و يطرح سؤال حول ما هي التحديات التي تواجهها هذه الفئات، وغيرها سترد بالاتي بأن أهم التحديات هي عدم وجود دعم من الحكومة، و يبدوا في سرد معاناتهم و الالامهم، بل إن البعض يبالغ في كيل الاتهامات وتشخيص الأوجاع الى ما لانهاية من بدون اي حدود أو ذكر المحاسن، كأنه لم يبصص النور يسطع من نفق الظلام الذي يصور به ماساته، سواء مع مشروعه أو عمله أو أعماله التطوعيه، فالكل يشكي و يبكي بدون أن يلهج بالشكر والثناء على ماهو فيه و ما يحظى به من خير و نعمة تحتاج في بداية كل شىء إلى من يشكرها لكي تدوم، و ثانيا بأن تكون هناك قناعة بأن كل عمل فيه تحديات و صعاب و لولا ذلك لم يكن عمل، و ثالثا بأن تكون لدينا قناعة بأن ليس كل شىء له دعم يخصص يمنح على طبق من ذهب كما يقال، اوأننا يجب أن نعمل من أجل الحصول على لقمة صائغة. مما تقدمه الدولة ، الأمر الذي يجب أن نراجع ما نحن فيه من توجهات للطلب الدعم و تقنين هذه السلوكيات الغير قويمة في كل أعمالنا و نرتقي في طلب الشىء بالمعقول و المنطقي وامكانيته من عدمها .
فبلاشك أن الدولة تسدي الدعم سواء في الاستثمارات الوطنية أو الأجنبية أو إنشاء المشاريع صغيرة ومتوسطة أو أي مشاريع الفنية والتطوعية وغيرها في صور شتى من أشكال الدعم المنظوره والغير منظوره كالخدمات و التسهيلات و المزايا و التفضيلات وماشابهها تعد دعما بالمفاهيم الاقتصادية وهناك دعم مادي عبر مؤسسات أوجدت لهذا الغرض و تقوم بدور محوري لدعم جميع الجادين ، إلا أن لهذا الدعم قنواته و إجراءاته لابد أن يسلكها اي صاحب اي مشروع رغب في الاستفادة مما تقدمه الدولة، ليس بتلك السهولة التي يتوقعها البعض بأن كل شىء يعمله المواطن لابد أن يخصص له دعم، أو يجب أن يكون له مخصصات مالية أو عينية ، فهذه من البديهيات التي يجب أن يعيها المواطنين في كل خطواتهم قبل الشروع في اي مشروع كان.
فاليوم عندما تسأل صاحب اي شركة أو رجل أعمال عن ما يواجهه ستجد الإجابة جاهزة، بأنه لا يحصل على دعم من الجهات الحكومية، وعندما تسأل احد المبادرين لا ي عمل سيقول لك بأن ليس هناك دعما، و عندما تناقش جمعيات المرأة عن التحديات التي تواجهها ستأتي لك الإجابة بأنها لا تحصل على دعم ‏، واصحاب مؤسسات التعليم العالي و المعاهد وامت هذا السلوك إلى رجال الفنون بأنواعها و الثقافة بمجالاتها قلما تسألهم عن ما يواجهونه من معوقات أو تحديات تأتيك نفس الإجابة و كأنها حاضرة على لسان كل من هؤلاء وغيرهم، بل البعض يحفظها كقالب و لا يكتفي بذلك، بل يرددها مع الماشي و الجاي كما يقال، وكان الأبواب كلها أغلقت في وجهه بدون أن يسعى إلى ما هو أفضل و يحاول أن يكسر الجمود الذي يعتري تفكيرنا بأننا خلقنا لكي نرضع الدعم من الدولة و بدون ذلك لا نقوى على عمل شىء ما لم تدفع له الدولة، ونشل تفكيرنا إلى بأن ليس إلا دمى يحركها الدعم إلى النجاح فقط، بدون أن نحرك ساكنا، و نظل ندور في فلك ذلك إلى ما لا نهاية و يصل الأمر بالبعض بإغلاق مشروعه أو شركته أو مبادرته، بحجة بأنه لم يحصل على دعم للأسف.
ان ثقافة طلب الدعم من الدولة بدون عناء او جهد يبذل أصبح سلوكا مشينا يبعث على الاستياء بأن يكون الكثيرين أسرى لهذه المفاهيم المغلوطة في ممارسة العمل اوالنشاط أو مبادرات أو أعمال تطوعية ، فهذه الشكاوى أو اللهجات المتبعة يجب أن تنتهي، و ان نعمل بدون أن تكون هناك اجندة تخفي خلفها أشياء أخرى.
بالطبع ليس الكل ينحو هذا المنحى في ان تكون أولوياته الحصول على الدعم، إلا أن اصبحت ظاهرة معروفة لدى الكثيرين، الكل يسعى لها و يتجج بها، بل البعض يضعها شماعة لفشله أو عدم استمراره في ممارسة عمله، يغالي البعض الآخر في الابتزاز للحصول على الدعمو إلا فإنه سوف يوقف كل شىء يعمله اوكان ما يؤديه منه على غيره أو الدولة.
بالطبع الدعم مهم لا أحد ينكره، وأجهزة الدولة يجب أن تسدي كل صنوف الدعم لكل جاد، لكن لا يبقى هو الهدف الأسمى لكل مشروع أو خطوة، فالاتكال على ما تقدمه الجهات الحكومية و اعتبارها هي المنقذ و السماعة أمر غير مرغوب ولا يأتي بنتيجة إذا ظلننا نعول عليه بشكل نهاني.
نرى أنه من الاهمية مراجعة هكذا سلوكيات في ممارستنا لاعمالنا وعرض مشكلاتنا بأن نكون متوازين نقدم الخير و نحمد على ما تحقق و لكن نسعى للافضل ليس من خلال تحميل الطرف الأخرى مشكلاتنا و تعثرنا و مصائبنا، و ان نسلك سلوكيات إيجابية تعزز من قيم الشكر و الثناء قبل أن نفتح صنابير الشكاوى و المنه و الأذى.