التهرب الضريبي مشكلة عالمية

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٨/أبريل/٢٠١٦ ٠٥:٥٠ ص
التهرب الضريبي مشكلة عالمية

خوان كارلوس فاريلا

على الرغم من اسمها، فإن وثائق بنما لا تتعلق بالأساس ببنما. بل إنها ليست معنية في المقام الأول بشركات بنمية. إن الوثائق البالغ عددها أكثر من 11 مليون وثيقة، والتي تم اختراقها بطريقة غير قانوني وتم نشرها مؤخرا وتتعلق بشركات خارجية لم يتم الكشف عنها سابقا، تؤرق العالم بالكشف عن نقاط الضعف التي يمكن أن تؤدي إلى انتهاكات واسعة للهياكل المالية القانونية من قبل الأثرياء.
لقد تم تسمية هذه الوثائق بشكل غير منصف باسم "وثائق بنما"، وذلك لأن هذا الكنز من الوثائق جاء من شركة محاماة واحدة مقرها في بنما. ولكن مشكلة التهرب الضريبي هي مشكلة عالمية.
إن بنما لا تستحق الانفراد بهذا الأمر الذي يحدث في العديد من الدول. ولكننا مستعدون لتحمل مسؤولية إصلاح هذا الأمر، وذلك لأن المزيد من الشفافية هو في نهاية المطاف مواصلة للإصلاحات التي قمنا بها مؤخرا. وعلى العالم معالجة هذه المشكلة بشكل جماعي وبسرعة، وبنما مستعدة لقيادة هذا المسار.
إن نطاق المعلومات يحبس الأنفاس: فالوثائق تضم معلومات عن أكثر من 14000 بنك وشركة محاماة ومؤسسي شركات ووسطاء آخرين من أكثر من 100 دولة، وهو مجرد جزء صغير من صناعة عالمية تؤوي تريليونات الدولارات.
وكون البعض يستطيعون التلاعب بالنظام لإخفاء ثرواتهم فهذا ليس مجرد ظلم؛ بل إنه أيضا يضر التنمية العالمية عن طريق امتصاص العائدات التي كان يمكن توجيهها إلى التعليم والرعاية الصحية والبنية الأساسية.
وخلافا لتقارير وسائل الإعلام، فإن بنما لا توفر تراخيص خاصة للهياكل "الخارجية". ولكن ارتباط بنما بالأنشطة الخارجية يأتي من حقيقة أننا نفرض ضرائب على الدخل المستمد من داخل بنما فقط، وليس من خارجها، ولكن ذلك الدخل الذي يأتي من الخارج يظل خاضعا للضريبة وفقا لقوانين الدول المعنية. وهذه القوانين، التي تقوم على أساس قوانين في نيويورك وديلاوير، نشأت في عام 1927 وأصبحت شائعة اليوم. وفي حين أن تلك القوانين تم تدعيمها بلوائح إضافية، فمازال بالإمكان التلاعب بها لأغراض غير مشروعة.
في ظل الحكومات السابقة، كانت بنما بلا شك هدفا لغاسلي الأموال. واليوم، بنما ملتزمة بتبني جميع إصلاحات الشفافية اللازمة لإرضاء المجتمع الدولي. وفي مدة حكومتي التي لم تتجاوز 21 شهرا، اتخذت بنما خطوات نحو زيادة الشفافية وقوة نظمنا المالية القانونية. لقد قمنا بتطوير شبكة معاهدات قوية تسمح بتبادل المعلومات. كما تم تعزيز لوائح "اعرف عميلك" بشكل كبير ومدها ليس فقط إلى مقدمي الخدمات المالية والشركات، بل أيضا إلى الصناعات غير المالية الرئيسية العرض لإساءة الاستخدام. واعتبارا من يناير الفائت، اشترطنا تقديم شهادة هوية مساهمين من جميع الشركات في بنما.
وقد أعلنتُ عن التزام بالتبادل التلقائي للمعلومات المالية ومعلومات الشركات، واقترحنا خطوات نرى أنها تتسق مع أهداف المجتمع الدولي الذي يضم منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من خلال اقتراح معايير تقارير مشتركة.
هذه الإصلاحات تم الاعتراف بها والتصديق عليها من قبل المجتمع الدولي، بما فيه فريق العمل المعني بالإجراءات المالية المتعلقة بغسيل الأموال، الذي تحدث عن "التقدم الكبير" في بنما في مكافحة غسيل الأموال وذلك عندما أزالتنا هذا العام من "القائمة الرمادية". وقد حدث الإلغاء من هذه القائمة في وقت قياسي.
كما أن تصنيف شفافيتنا المالية لدى منظمة "شبكة عدالة الضرائب" غير الحكومية تحسن بشكل مطرد منذ عام 2013، ونحن الآن في مرتبة جيدة قبل اليابان وألمانيا والولايات المتحدة. كما أننا حققنا تقدما أيضا بشكل إيجابي في "مراجعة للنظائر" التي أجراها المنتدى العالمي لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للشفافية وتبادل المعلومات للأغراض الضريبية. وقد آتت الإصلاحات في بنما، جنبا إلى جنب مع الجهود الدولية الأخرى، ثمارها.
ومع ذلك كله، فمازالت هناك حاجة إلى المزيد من العمل. لقد أعلنت أن وزارة الشؤون الخارجية في بنما ستقوم بإنشاء لجنة مستقلة من خبراء دوليين لتقييم سياساتنا وتحديد أفضل الممارسات واقتراح التدابير التي سيتم تبادلها مع الدول الأخرى لتعزيز الشفافية المالية والقانونية العالمية. وننتظر نتائج هذه اللجنة في غضون ستة أشهر.
ستواصل بنما التعاون مع الولايات القضائية في الدول الأخرى لملاحقة الجرائم المحظورة بموجب قانوننا الجنائي، وسنواصل تبادل المعلومات المالية والقانونية للامتثال للعديد من المعاهدات التي وقعنا عليها. كما نؤكد على استعدادنا للدخول في حوار مع منظمة التعاون الدولي والتنمية ومنتداها العالمي للتوصل إلى اتفاقيات بشأن الشفافية المالية من شأنها أن تعزز التنمية الاقتصادية في دولنا.
بعد عقود من الديكتاتورية، أصبحت بنما الآن دولة ديمقراطية ملتزمة بحكم القانون وأصبحت هي المقر الإقليمي لأكثر من مائة شركة عالمية. ولتحقيق تطورنا الديمقراطي، يجب أن تكون لدينا حكومة ملتزمة بالشفافية والمساءلة والفصل بين السلطات. إن استجابتنا للأزمة الحالية ستكون اختبارا لعزمنا وقدراتنا.

رئيس بنما