مسقط - الشبيبة
بقلم: علي المطاعني
في الوقت الذي ننتظر فيه من بلدية مسقط أن تحل إشكاليات تصريف مياه الأمطار من الشوارع الرئيسة التي تغرق في برك مائية تشلّ الحركة المرورية فيها؛ نتفاجأ بأنّها -وللأسف الشديد- تهرع إلى بعض الحارات والأحياء لتشق الترع أمام منازل المواطنين بعيدًا عن مجاري الأودية والسيول؛ لتمنع الناس من دخول منازلها وتغلق المداخل والمخارج.
ودونا الشكوى التي تقدم بها مواطنو منطقة العذيبة «المرحلة الثانية» بولاية بوشر. حيث اشتكى عدد من مواطني المنطقة من قيام بلدية مسقط بشق مجرى مائي بعرض ١٤ مترا أمام إحرامات بيوتهم؛ لتصريف المياه المتجمّعة خلف خدمات «نيسان» ومدرسة الصفوة.
وأبدى المواطنون دهشتهم من الإصرار على إهدار موارد الدولة وصرف الأموال في مشاكل طفيفة كان يمكن معالجتها بحلول بسيطة لا ترهق عاتق الدولة ماليا، فبحسب رؤية المواطنين أن الأمر عبارة عن تجمّع بسيط للمياه عند هطول الأمطار الغزيرة خلف خدمات «نيسان» وشارع 48، وكذلك في الشارع أمام المواصلات باتجاه متنزه العذيبة، حيث تقوم الجهات المختصة بالتخلّص منه خلال بضع ساعات فقط عن طريق التنكر أو مضخات المياه.
وعدّد المواطنون عددًا من الأضرار التي ستلحق ببيوتهم وأسرهم القاطنة فيها جراء هذا المجرى، وقالوا إنّه سيعرقل دخولهم وخروجهم من وإلى منازلهم، بالإضافة إلى الأضرار البيئية التي سيخلّفها المجرى، موضحين أنّه في حال هطول أمطار غزيرة فسيصبح المكان عبارة عن مستنقع كبير لتوالد البعوض والذباب والحشرات الأخرى؛ أو يصبح مكانا لتجمع النفايات والأوساخ والأتربة في حال عدم الأمطار. هذا بجانب أنّ المجرى سيمر بمدرسة الصفوة؛ الأمر الذي يعرض حياة التلاميذ للخطر والأمراض. وفوق ذلك فإنّ المجرى سيكون خصمًا على جمالية المنطقة وبنيتها العمرانيّة والحضريّة.
ولأنّ المواطن العماني فاعل في محيطه وتعلم إيجاد الحلول للمشكلات منذ عهد أسلافه النواخذة؛ فقد تقدّم سكان المنطقة المعنية بحلين، يقضي الأول منهما بالتخلّص من المياه من مصدرها (شمالًا) قبل دخولها خدمات «نيسان» باتجاه وادي العذيبة من خلال متنزه العذيبة. أمّا المقترح والحل الثاني فهو التخلّص من المياه بعد خروجها (جنوبًا) من خدمات نيسان مباشره باتجاه وادي العذيبة غربا بمحاذاة شارع 48. وإذا كان لا بد من المرور في المنطقة فيجب إقامة مجرى مغلق خلف الأراضي رقم 923 و924.
البلدية بشروعها في هذا الأمر تتناسى حقيقة أنّ هذه المنازل رُخِّصت إباحتها من فروع البلدية ذاتها.
فكيف بها اليوم ترغب في شق قنوات مائية أمامها بدون أي اعتبار لمناشدات الأهالي لوقف شق مسار للوادي أمام بيوتهم؛ ليبقى طوال العام يشكل خطرًا على أبنائهم وملاذا لتراكم الأوساخ والنفايات؟
كان الأوجب التفكير مليًّا في الحلول الموضوعيّة والمنطقيّة والعمليّة لهكذا إشكالات؛ وليس تعميقها على هذا النحو المفضي لإغلاق المداخل والمخارج أو لإحالة تلك الواجهات لمناطق محفوفة بالمخاطر في الغدو والإياب، وبدون إتاحة الفرصة كاملة لأصحاب المنازل بإبداء رأيهم ومرئياتهم باعتبارهم أصحاب الهم الأكبر والمكتوين بنار أضرار المجرى.
أعتقد أنّ المقترحات التي تقدّم به أهالي المنطقة يمكن تصنيفها بأنّها على درجة من الوجاهة، وذات جدوى، وتتواءم مع أهداف البلدية في درء تبعات السيول والأمطار، وفي ذات الوقت تنال رضا وموافقة سكان المنطقة باعتبار أنّ المصلحة أساسًا مشتركة، والكل يسعى للأفضل والأحسن، والجميع يهدف لتحقيق المصلحة العامة ومصلحة الولاية والمحافظة من ناحية خاصة.
لاشك أنّ المطالبات بتصريف مياه الغيث تعد من المشكلات العويصة في محافظة مسقط، وذلك لعدم وجود شبكات تصريف مياه بمحاذاة الشوارع الرئيسة وما ينتج عن ذلك من مظاهر ومناظر لا تسر الناظرين عند نزول الأمطار.
ولكن لا يمكن لبلدية مسقط أن «تسكت دهرا» عن حل هذه المعضلات ثم تأتي بعد ذلك بمعالجتها للمشكلة عبر شق قنوات مائية لتصريف مياه الأمطار من الشارع الفرعي المحاذي لشارع السلطان قابوس وعبر أحياء ومنازل المواطنين؛ فما تقوم به بلدية مسقط في حي العذيبة المرحلة الثانية بولاية بوشر يذكرنا بالمثل العامي الذي يقول «جا يكحلها عماها».
كان من الأفضل للبلدية أن تشق القناة المائية لتصريف المياه بمحاذاة الشارع الفرعي كغيرها من قنوات تصريف المياه التي تكون بمحاذاة الشوارع الرئيسة والفرعية، وبدون أن تشق القنوات بعرض 14 مترا حتى مدرسة الصفوة الخاصة التي لم تسلم من مرور الترعة أمامها، وبالتالي إغلاق منافذ دخول المدرسة أمام الطلبة والطالبات.
نتّفق مع الأهالي في حقيقة أنّ هذا المجرى المائي سيعرقل عملية الدخول والخروج إلى المنازل، فضلا عن إسهامه العكسي في جماليات المكان، وإمكانية تحوله لبركة آسنة في حال تجمع المياه وما يشكله من خطر على الأطفال أو المارة حتى، وكذلك حقيقة إمكانية تحوله لمكان مثالي لتجمع المخلفات والنفايات في حالة عدم هطول الغيث أو في موسم الجفاف، وما يعنيه ذلك من ضرر ورسم مشهد غير حضاري في المكان.
إنّ القناة التي تعمل بلدية مسقط على شقها وتمتد من الشارع الفرعي حوالي كيلومتر وتمر أمام البيوت؛ تشكل خطرا على الجميع ببقائها مفتوحة ومرصوفة بالحجارة والشباك في انتظار هطول الغيث في موسمه. في حين أنّ الخيار الثاني والمتمثل في إقامة قناة محاذية للشارع الداخلي وصولا لمتنزه العذيبة الطبيعي بدون أي اختراقات لمنازل المواطنين وأحيائهم؛ هو الأسلم والأفضل.
بالطبع نحن مع إقامة قنوات لتصريف المياه وندعم كل ما من شأنه أن يدفع في اتجاه حل معضلة تجمّع مياه الأمطار ومخلّفاتها، لكن يتعيّن على بلدية مسقط أولا والجهات ذات الصلة تقديم الحلول المنطقية والواقعية والناجعة؛ التي تتماشى بسلاسة مع البنية الأساسية المتوفرة، وألا تخدش حياء الأحياء، وتفتح ثغورا وخنادق تمثل خطرًا على سلامة الأطفال أثناء لعبهم ولهوهم البريء أمام منازلهم؛ وألا تتعارض تلك الحلول مع التخطيط الهندسي السليم الذي يسهم في إضفاء هالات من الروعة والجمال على الأحياء السكنية؛ وليس العك، نطالب ونأمل من بلدية مسقط أن تتراجع عن شق تلك القناة المائية، وأن تستمع لرؤية لسكان الحي الذين قدموا مقترحات بديلة وموضوعية لتصريف مياه الغيث؛ بحيث يتم تحقيق الأهداف المُشتركة، والتي تسعى البلدية لتنزيلها على أرض الواقع؛ وفي ذات الوقت النأي بالسكان عن خطر الأودية والسيول. وفي نهاية المطاف فإنّ الحل الوسط الذي يلبي كل هذه المتطلبات هو غاية وهدف الجميع.