رسالة التاريخ

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٧/أبريل/٢٠١٦ ٠٥:١٥ ص
رسالة التاريخ

احمد المرشد

"قلعة السلام والمحبة الشامخة التي تنبع من عمق التاريخ الإنساني"..حقا إنها سلطنة عمان التي تضرب بتاريخها في جذور هذا التاريخ الذي يتعد المكان والزمان لتحمل رسال وئام للعالم أجمع، بحكم موقعها الجغرافي المميز الذي منح العمانيون رحلة طويلة مع عالم التجارة منذ قديم الأزل، هذه الرحلة التي يتوارثها الأجيال لتنهل منها الدبلوماسية الحكمة في التعاطي مع الملفات الإقليمية والدولية.

إنها سلطنة عمان، أصل الإنسان والحضارة، الإنسان الذي يشهد له التاريخ برسالته الخالدة في كيفية التدخل السريع لمنع إراقة الدماء وإجهاض فتن الحروب والدمار وخراب الشعوب وحرق أراضيها. هذا الإنسان العماني الصلد الذي يضرب في جذور التاريخ بعقله وقلبه، ليتدخل فور اندلاع الحروب هنا وهناك ليكون أول داعي للسلام بغية تجنب ويلات المعارك بخسائرها البشرية والمادية باهظة التكاليف، فبفضل وحكمة وحنكة الدبلوماسية العمانية علي مدار التاريخ الإنساني، تجنب العالم بحورا من الدماء ونزاعات دامية، هذا بفضل سياسة لم الفرقاء وتدشين الحوارات الكفيلة بالتوصل الي تفاهمات يكون من شأنها وقف حمام الدم وعودة الاستقرار والسلام للمناطق المنكوبة.
إنها سلطنة عمان، مهد الحضارات التي تحتضن عاصمتها مسقط اللقاءات والوساطات الدولية، ليس لأزمات المنطقة فحسب وإنما الأزمات الدولية، ويتذكر الجميع كيف توصل العالم لحلول خلاقة لأزمة الملف النووي الإيراني الذي ظل دائرا علي عواصم عدة حتي بلغ نهايته في مسقط لتتوصل الأطراف المختلفة الي حلول أولية لتلك الأزمة التي استمرت سنوات وسنوات، الي حين كانت بوادر حلها في سلطنة عمان صاحبة المدرسة الدبلوماسية العريقة في نزع فتيل الأزمات الإقليمية والعالمية.. ليشيد التاريخ بحق بدور السلطنة البارز والخلاق في صنع السلام بين إيران وبقية الدول المتفاوضة، ليدرك العالم وشعوب بلدانه قاطبة مدي أهمية جهود مسقط الصادقة نحو السلم العالمي وكذلك مدي أهمية وجود مثل هذه الأدوار في صنع السلام للبشرية.
لا يتسع المجال لذكر مآثر وأفضال الدبلوماسية العمانية علي العالم، فكم استضافت العاصمة بفضل وجهد وحنكة أهل الحكم ، الفرقاء الذين يمثلون معظم أزمات المنطقة مثل اليمن وسوريا، لتفتح لهم أبواب التفاوض لإيجاد صيغ الحل ونزع فتيل الأزمات ووقف الحروب المدمرة .
إنها بحق سلطنة عمان، صاحبة الرسائل الإنسانية لخدمة قضايا السلام والتنمية والاستقرار.. ستظل السلطنة نبراسا للفخر والاعتزاز ومصدر إلهام للبشرية ترتوي من فيض معانيه لمعزة الانسان وكرامته، وصون عيشه وحياته والمحافظة على استقراره من منطلق الكرامة الإنسانية التي وهبها الخالق للإنسانن ليعيش في الأرض ويعمر فيها وينمي ويبني، لا لكي يقتل ويدمر ويتناحر وينشر الفوضى في بقاع المعمورة.
إنها سلطنة عمان ، صاحبة السياسة الواقعية والنموذجية في آن ، تلك السياسة التي تتميز بالثبات ، فالهدوء هو سمة وحكمة عمان في اتخاذ قراراتها في الكثير من القضايا ، لتكون عبرة لغيرها في كيفية التعاطي في الملفات المستعصية علي الحل، حتي تكون مسقط قبلته النهائية.

كاتب ومحلل سياسي بحريني