فيرابهادران ,راماناثان,
دانيال, بريس,
يجمع علماء المناخ على أن العالم يجب أن يصبح خاليا من الكربون بحلول عام 2050 لتجنب اضطرابات بيئية كارثية، وكان تركيز المفاوضون في مؤتمر القمة الأخير في باريس منصبا على الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وبالفعل هناك مشكلة كبيرة تتمثل في أن ثاني أكسيد الكربون يظل عالقا في الغلاف الجوي لمدة قرن أو أكثر، ولأننا لن تتخلى عن الوقود الأحفوري بين عشية وضحاها ، ربما يكون الوصول الى هدف إنتهاء انبعاثات الكربون بحلول عام 2050 ليس جيدا بما فيه الكفاية للحفاظ على الأرض من ارتفاع درجات الحرارة بدرجتين مئوية – وهو الحد المتفق عليه بوجه عام – ناهيك عن الهدف الطموح بخفض الرقم الى 1.5 درجة مئوية الذي تدعمه العديد من الدول.
وإذا كنا جادين في منع أو على الأقل إبطاء التغير المناخي، علينا توسيع قائمة الأهداف، حتى ونحن نمضي نحو الحياد الكربوني، فهناك مصادر أخرى للتلوث يجب أن نحد منها وهي غاز الميثان وسخام الكربون والأوزون ومركبات الهيدروفلوروكربون. ويبلغ حجم تأثير هذه الملوثات في زيادة درجات حرارة الأرض الى حوالي 25 إلى 4000 مرة أكثر من ثاني أكسيد الكربون، لكنها تبقى في الغلاف الجوي ما بين مجرد أيام كما في حالة سخام الكربون إلى 15 عاما في حالة مركبات الكربون.
والحد من انبعاثات هذه الملوثات المناخية قصيرة الأجل، خلافا لكبح انبعاثات الكربون، سيكون لها تأثير فوري ومن الممكن أن يبطئ الاحتباس الحراري بشكل كبير في غضون بضع عقود. وبحسابات أكثر دقة فإذا خفضنا انبعاثات غاز الميثان 50 في المئة، والكربون الاسود 90 في المئة مع استبدال كامل لمركبات الكربون بحلول عام 2030، فإننا سنقلص الاحترار العالمي على مدى السنوات الـ 35 المقبلة بمقدار النصف، كما أن هذه الخطوات من شأنها أن تؤخر كارثة بيئية وتمهلنا الوقت الذي نقف في أمس الحاجة اليه لإدخال تغيير جذري في نظام الطاقة.
ومن الممكن استخدام التكنولوجيات التي دخلت حيز التنفيذ الآن بالفعل والبدائل النظيفة والآليات التنظيمية مثل بروتوكول مونتريال لعام 1987 والتي أثبتت فعاليتها مع ملوثات المناخ الأخرى للتعامل على وجه السرعة مع الملوثات المناخية قصيرة الأجل.
وفي شهر نوفمبر الفائت وافقت الـ 197 دولة المشاركة في بروتوكول مونتريال على العمل لإدخال تعديلات مركبات الهيدروفلوروكربون في عام 2016. وهناك بعض الدول التي بادرت ولم تنتظر حتى ذلك الموعد ، فقد التزمت الهند وباكستان بتقليص مركبات الكربون، كما تعهدت المكسيك بخفض الملوثات المناخية قصيرة الأجل بـ 25 في المئة بحلول عام 2030، وخفضت كاليفورنيا بالفعل من سخام الكربون والغازات المكونة للأوزون بنسبة 90 في المئة، وهي في طريقها إلى كبح جماح الملوثات قصيرة المدى الأربعة.
وليس هناك جانب سلبي لهذا النهج، فالحد من الملوثات قصيرة الاجل لن يؤدي فحسب الى إنقاذنا من الاحتباس الحراري على المدى القصير، ولكن سيؤدي أيضا الى إبطاء ارتفاع مستوى سطح البحر وزيادة إنتاجية المحاصيل، كما سيسجل انتصارا كبيرا للصحة العامة. واليوم يعد التلوث الداخلي والخارجي مسؤولا عن حدوث ما يربو على 7 مليون حالة وفاة مبكرة سنويا. والحد من الملوثات قصيرة الأجل سيعود بفوائد كبيرة الآن كما أنه سيسهم في درء وقوع 40 مليون وفاة على مدى السنوات الـ 20 المقبلة.
والحقيقة أننا لسنا أمام خيار توجيه الزخم الى (ثاني أكسيد الكربون) أو الى (الملوثات قصيرة الأجل)، فمن الأهمية بمكان أن توجه الجهود المشتركة الى الجانبين معا. ولدينا واجب أخلاقي للعمل فورا مع كل ما هو متاح في متناول أيدينا، ليس فقط لأننا ليس لنا كوكب آخر – كما يقول ناشطون بيئيون – ولكن لأن تغير المناخ من الممكن أن يلحق ضرار بالغا بحياة الإنسان على الأرض.
وقبل أيام سجل مؤشر جودة الهواء فى بكين 253 ما يضعها في تصنيف منطقة "غير صحية تماما". وكانت مقاطعة لوس انجلوس قد وصلت الى مستوى مماثل في عام 1991، بيد أن العديد من المدن في مختلف أنحاء العالم نجحت في خفض معدلات تلوث الهواء في المناطق الحضرية باستخدام تقنيات وسن لوائح أثبتت جدواها. وهناك مثال كاليفورنيا التي حققت نجاحات كبيرة على الجبهتين ، وفيما يتواصل نمو عدد سكانها واقتصادها يتنفس قاطنوها هواءا أكثر نظافة.
وسواءا كان العمل أحادي من جانب واحد أو على مستوى تحالفات صغيرة، من الممكن إحراز تقدم حقيقي بشأن تغير المناخ الآن، ربما يتجاوز ما دعا اليه اتفاق باريس، فنحن لدينا الزخم ولكننا بحاجة فقط الى الدفع قدما للأمام.
راماناثان أستاذ بارز في علوم المناخ في معهد سكريبس لعلوم المحيطات في جامعة كاليفورنيا،
دانيال أستاذ الدراسات البيئية في جامعة كاليفورنيا في سانتا كروز