الحرب الأهلية.. جرح لم يندمل في لبنان

الحدث الخميس ١٤/أبريل/٢٠١٦ ٢٢:٤٥ م
الحرب الأهلية.. جرح لم يندمل في لبنان

بيروت – ش – وكالات

في الذكرى الحادية والأربعين لاندلاع الحرب اللبنانية، دعا لبنانيون، أمس الأربعاء، إلى الاتعاظ وعدم السقوط في فخ العنف مجددا في بلد تتوالى فيه الأزمات السياسية والتوترات الأمنية. إلا أنهم أكدوا على فتح ملف المفقودين، في وقتٍ تمثل فيه هذه الحرب الدامية، في الذاكرة اللبنانية، جرحاً لم تندمل آثاره إلى اليوم، لاسيما وأن الحرب في سوريا، والصراع الدائر فيها وعليها، أعاد اللبنانيين إلى سنوات الدم والرصاص والألم.
في 13 أبريل 1975، بدأت الحرب في لبنان. وانتهت في 1990 مخلفة وراءها أكثر من 150 ألف قتيل. وفي العام 1991، صدر قانون عفو عام بقي موضع انتقاد من كثيرين لا سيما بسبب عدم حل ملفات عديدة مثل ملف المفقودين البالغ عددهم 17 ألفا، ما زال ذويهم يتطلعون لمعرفةِ مصيرهم، علاوة على عدم حصول مصالحات حقيقية بين أطراف الحرب المختلفة.
ولأن الحرب تلتها سنوات طويلة من هيمنة سوريا على لبنان، لم يحظ البلد الصغير ذو التركيبة السياسية والطائفية الهشة بدولة ذات مقومات صلبة، ما يجعل استقراره الأمني والمؤسساتي باستمرار عرضة للاهتزاز.
ويعلق عائلات المخفيين آمالا كبيرة على تشكيل الهيئة الوطنية لكشف مصير أبنائها، لكن إنشاء بنك الـ DNAمطلب قديم جديد، يلحون عليه، مرددين "شو ناطرين نموت كلنا؟". إضافة إلى المطالبة بضرورة حفظ الحمض النووي لأهالي المفقودين والمعتقلين في السجون السورية.
وقال رئيس جمعية "سوليد" غازي عاد لصحيفة "النهار" اللبنانية "خلال جلسة لجنة حقوق الانسان، أكدت لنا ممثلة الصليب الأحمر أن اللجنة الدولية مستعدة لمساعدة لبنان في هذا الاتجاه، إلا أن على الحكومة اللبنانية أن تبدي استعدادها لهذه المبادرة".
وأضاف أنه "بهذه الطريقة تحفظ حقوق الأهل في معرفة حقيقة مصير ابنائهم، وخصوصا ان عددا كبيرا من الأهالي ماتوا أو سيموتون، وتاليا لا بد من حفظ حق هؤلاء وحق الضحايا أيضا. وهذا الأمر لن يتم إلا عبر أخذ عينات الحمض النووي". وتابع "كم من أم ماتت من دون أن تعرف مصير ابنها. لا نريد أكثر".
وأشار إلى أنه "سيشكل هذا البنك صلة الوصل بين الأهل وأبنائهم المخفيين، لذا لا بد من الاحتفاظ بداتا عن الجينات الوراثية، وإذا اكتشفنا في المستقبل جثثا، أو بقايا رفات، بفضل إجراء فحص DNA سنتمكن من التعرف إلى هوية الجثة وتطابقها مع عائلات المخفيّين".
ويضيف "المؤسف أن الأهالي يموتون تباعا من دون أي داتا جينية عنهم، وبذلك نفقد كما هائلا من المعلومات، وعلى رغم مطالبتنا الدؤوبة لم نصل إلى نتيجة فعلية".
وردا على تخوف البعض من إنشاء هذا البنك، ولا سيما بعض السياسيين، يجيب "لا أرى من سبب مباشر، هناك جملة عوامل خلف الرفض، أبرزها التهرب من مقاربة الموضوع برمته، خصوصا أن أيديهم تلوثت في الحرب"، ملاحظا أن "العدد الأكبر من السياسيين يرفض الاقتراب من هذا الموضوع أو مناقشته، والدليل هو التأخير في إعداد الداتا المساعدة وتوفير المعطيات اللازمة، وكأنهم يريدون إلغاء الموضوع من الذاكرة. وهذا جل ما نخشاه".
وفي الأثناء؛ دعت الصحف اللبنانية الصادرة الاربعاء اللبنانيين إلى "قلب صفحة" الحرب الاهلية التي استمرت 15 عاما والتي تصادف ذكراها الـ 41 اليوم، في وقت يعاني المجتمع اللبناني من احتقان مذهبي مستمر تغذيه النزاعات الاقليمية.
وعلى الرغم من مرور أكثر من أربعين عاما على إنتهائها، لا يزال لبنان يعاني من فساد المؤسسات ومن التوترات الطائفية والانقسامات الداخلية. وعنونت صحيفة "النهار" العريقة صفحتها الأولى بـ"13 نيسان: إقلب الصفحة". وكتبت متوجهة إلى المواطن اللبناني "أنت لم تقلب صفحة الحرب يوما، لأنك لم تصف حسابك معها ولم تخرج منها.. أنت تفتيتي، طائفي ومذهبي. تفكر على قياسك وقياس زعيمك وقياس طائفتك ومذهبك ومصالحك. فكيف تقول لي إنك تريد أن تقلب الصفحة؟".
وكتبت صحيفة "السفير" التي تأسست بعد عام واحد على بدء الحرب الأهلية على صفحتها الاولى "13 نيسان 2016: خطوط التماس تتمدد". وأضافت "بعد مرور اربعة عقود ونيف على وقوع المأساة، تكاد تكون معظم شروط تجدد الحرب متوافرة: احتقان متراكم، تحريض متواصل، هواجس متبادلة (...)". واضافت "اذا كان هناك فارق بين الامس واليوم فهو أن خطوط التماس التي كانت تشطر الطوائف سابقا، باتت حاليا، تشطر المذاهب (...) حتى نكاد نترحم على الماضي".