دارفور – ش – وكالات
وسط أكواخ القش بمخيم زمزم للنازحين في دارفور، لا تبدو الآمال كبيرة في أن ينهي الاستفتاء على الوضع الاداري للاقليم سنوات من المعأناة خلفها صراع دام.
ويفترض أن يصوت سكان الإقليم على خيار من اثنين: أما بقاء الإقليم الواقع في غرب السودان على تقسيمه الحالي إلى خمس ولايات، وهو الخيار الذي تتبناه حكومة الخرطوم بحجة أنه يدعم الاستقرار، وأما أن يعود إقليما واحدا، وهو ما يقاتل من أجله المتمردون منذ العام 2003.
في سوق صغيرة لبيع التبغ المحلي تظللها أشجار شوكية في وسط المخيم، يبدي مواطنون فقدوا كل شيء لا مبالاة واضحة بعملية الاستفتاء.
ويقول إسماعيل موسى الذي يبيع تبغا أخضر اللون معبأ في أكياس بلاستيكية، "الاستفتاء لا يعنيني. أنا أريد فقط السلام والاستقرار".
وتمرد مسلحون من أقليات إثنية في الإقليم ضد الحكومة المركزية التي يسيطر عليها العرب منذ العام 2003 ردا على تهميش الإقليم سياسيا واقتصاديا.
وأمر الرئيس السوداني عمر البشير الملاحق من المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب، بحملة عسكرية للقضاء على التمرد نفذتها قوات من سلاح المشاة بالتحالف مع ميليشيات غالبها من قبائل الجنجويد البدوية العربية في دارفور.
بعد عام من بداية الحرب، فقد موسى (62 عاما) كل ما يملك بعد وصول القتال إلى قريته. ويضيف "وصلت الحرب إلى قريتي كنجاره قرب تارني، وهاجم الجنجويد منازلنا واحرقوها واخذوا ماشيتنا".
وموسى واحد من 2,5 مليون شخص أجبروا على الفرار من منازلهم في دارفور ويعيشون في مخيمات، بحسب أرقام الأمم المتحدة. وخسر موسى الأرض التي كان يفلحها بانتقاله إلى مخيم زمزم الذي يسكنه 185 ألف شخص.
وقال "الآن أعمل في تجارة التبغ في هذه السوق الصغيرة بعد أن كنت مزارعا كبيرا منتجا". ويدعم حزب البشير خيار استمرار الإقليم على تقسيمه الحالي، بينما ترى المجموعات المتمردة أن عدم القدرة على إرساء الاستقرار يعني عدم نزاهة التصويت.
وتشدد حكومة الخرطوم على ان هناك اهتماما كبيرا بالاستفتاء، مستندة إلى عدد الناخبين الكبير الذين سجلوا اسماءهم استعدادا له، وهو ثلاثة ملايين و583 الفا و105 من جملة اربعة ملايين و588 الفا و300 يحق لهم التصويت.
وتوجه عدد محدود جدا من سكان مخيم زمزم للادلاء باصواتهم في اليوم الثاني من الاستفتاء الذي ينتهي اليوم.
وينتمي سكان زمزم إلى مجموعات غير عربية ومسلمة تعمل تقليديا في الزراعة وترعى المواشي في إقليم دارفور. وكان الإقليم قد عانى من إهمال الحكومة المركزية وغياب التنمية قبل بداية الحرب في عام 2003.
واضافت الحرب مزيدا من الفقر والتشرد. ويرى سكان المخيم ان معالجة الفقر والنزوح اكثر الحاحا من بقاء الاقليم ولايات او توحيده.
في أزقة المخيم، يتجول أطفال صغار حفاة الأقدام وفي ملابس رثة وهم يتسولون الطعام من جنود قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة والاتحاد الافريقي التي تسير دوريات يومية لحراسة المخيم.
ويسعى عمر عشر (62 عاما) إلى توفير سبل حياة كريمة من خلال عمله في سوق التبغ، ويقول ان التصويت في الاستفتاء الإداري لن يعيد له أسرته التي فقدها عندما هاجمت ميليشيا قريته التي تبعد مسافة ساعتين من المخيم بالسيارة على طريق ترابي.
ويقول عشر الذي يرتدي جلبابا أبيض تقليديا وهو يحبس دموعه بتأثر، "جئت إلى هنا في السابع من مارس 2003 عندما احرقت الميليشيا قريتنا تارني".
ويضيف "شاهدت ابني حامد ابراهيم وابن شقيقتي فيصل تبن يقتلان امام عيني"، ويتابع بصوت خافت "الوقت غير ملائم لاجراء الاستفتاء. نريد السلام والاستقرار".
ويأوي مخيم زمزم الذي انشأ في عام 2003 نازحين فروا من مناطق مختلفة من دارفور على مدى سنوات.
ومنذ منتصف يناير الفائت، أجبر القتال الذي دار في منطقة جبل مرة في وسط دارفور حوالى مئة الف شخص على الفرار.
ويقول أحد الواصلين حديثا إلى المخيم عبد المجيد عبد الرحمن الذي فر من هجوم نفذته ميليشيا على أرضه في شمال دارفور في عام 2012 .
وكان عبد المجيد في السابق مزارعا، وفقد ماشيته وتغيرت كل حياته كما بقية سكان المخيم. لكنه لا يرى في الذهاب إلى مركز الاقتراع للتصويت أولوية. ويقول "الاستفتاء لا يعنينا. نريد الاستقرار. هذا هو الأمر الأكثر أهمية بالنسبة لنا".