هل حمل العاهل السعودي تفاهمات لعرضها على اردوجان بعد زيارة القاهرة ؟ وساطة الرياض للمصالحة المصرية التركية ..... جولة أخيرة وفاصلة

الحدث الأربعاء ١٣/أبريل/٢٠١٦ ٢٣:٣٠ م
هل حمل العاهل السعودي تفاهمات لعرضها على اردوجان بعد زيارة القاهرة ؟ 
وساطة الرياض للمصالحة المصرية التركية ..... جولة أخيرة وفاصلة

مسقط – محمد البيباني

بعيدا عن الاتفاقات الاقتصادية التي جرى التوقيع عليها بين الرياض والقاهرة خلال الزيارة التي اختتمها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز للقاهرة على مدار خمسة ايام كاملة وبعيدا عن الجدل والصخب الذي رافق الزيارة خاصة فيما يتعلق بقضيتي الجزر التي وافقت مصر على انتقال السيادة عليهما للرياض ..
تظل مباحثات الغرف المغلقة وملفاتها الحساسة مثارا لشهية عددا كبيرا من المحللين السياسيين ومقدمة للتكهنات حول ابرز الملفات التي تناولتها المباحثات والاهداف الحقيقية للزيارة ...
توقيت الزيارة يؤشر بقوة لموقع المصالحة بين القاهرة وانقرة على جدول اولوياتها حيث توجه العاهل السعودي من القاهرة مباشرة لانقرة قبل افتتاح مؤتمر منظمة التعاون الاسلامي يرجح ان المساعي السعودية للوساطة بين القاهرة وانقرة لم تتوقف وبدات تتصاعد وان الرياض مصممة على النجاح في عودة العلاقات بين الدولتين ..
يذكر ان الدكتور إياد مدنى أمين عام منظمة التعاون الإسلامى، وزير شئون الحج السابق بالمملكة العربية السعودية، كان قد كشف قبيل زيارة العاهل السعودي للقاهرة ان القمة سوف تشهد مساعى سعودية لإتمام المصالحة بين مصر وتركيا قبل القمة الإسلامية، لتكون عملية تسليم مصر رئاسة المنظمة إلى تركيا خلال القمة، نموذجا عمليا على قدرة الدول الإسلامية على تجاوز خلافاتها.
وأشارت بعض المصادرفي حينها ، إلي احتمال قيام الملك سلمان باصطحاب الرئيس السيسسى، في زيارة خاطفة إلي انقرة، لبحث القضايا المثارة بين الطرفين، والتي أدت الي توتر العلاقات، في ظل دعم تركيا لجماعة الإخوان المحظورة، وايوائها لقياداتها، والسماح باستخدام الأراضي التركية منبراً سياسياً وإعلامياً للهجوم علي مصر وقياداتها.

مؤشرات في الاتجاه
كشفت مصادر بوزارة الخارجية المصرية أن القاهرة قررت إيفاد وزير الخارجية، سامح شكري، لحضور قمة منظمة المؤتمر الإسلامي، التي ستنعقد في مدينة إسطنبول التركية الشهر الجاري.
وأوضحت المصادر أن مصر قررت رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي للقمة بحضور وزير الخارجية، بعد أن كانت تعتزم إيفاد أحد مساعدي الوزير، لتسليم رئاسة القمة لتركيا، في ظل العلاقات المتوترة بين الجانبين.
وأشارت المصادر إلى أن القاهرة استجابت لمطلب سعودي برفع مستوى التمثيل الدبلوماسي، بعد وعود بتأمين الوفد المصري، وعدم التعرض له بأي مضايقات من جانب المصريين المعارضين والتابعين لجماعة "الإخوان المسلمين"، الذين تستضيفهم تركيا.
كما كشفت المصادر إن مصر قررت إيفاد السفير هشام بدر، مساعد وزير الخارجية للشئون متعددة الأطراف، إلى تركيا لرئاسة وفد مصر فى الاجتماع الوزارى التحضيرى للقمة لافتة إلى أن وزير الخارجية سامح شكرى سيرأس وفد مصر خلال أعمال القمة وسيتولى تسليم رئاسة القمة من مصر إلى الرئيس التركى رجب طيب أردوجان .
وساد خلال الأيام الماضية غموض حول موقف المشاركة المصرية فى القمة، خاصة فى ظل التوتر السياسى والدبلوماسى الشديد بين القاهرة وأنقرة فى أعقاب ثورة 30 يونيو، وتتحفظ الخارجية حتى الأن على أعلان شكل التمثيل المصرى، وهو ما أكده المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث باسم الوزارة الذى قال إن "مصر سوف تقرر مستوى التمثيل الملائم لها بالقمة وسيتم الإعلان عنه فى حينه"، إلا أن المصادر قالت أن الرئاسة طلبت من شكرى رئاسة وفد مصر فى القمة.
وأشارت المصادر إلى أن تمثيل مصر فى الاجتماع الوزارى للقمة الإسلامية بمساعد وزير الخارجية لا يعد تمثيلاً منخفضاً، حيث تواترت أنباء خلال الأيام الماضية بأن التمثيل المصرى فى القمة سيقتصر على القائم باعمال السفارة المصرية بأنقرة، إلا أن الجهود التى قامت بها السعودية والأمانة العامة لمنظمة التعاون الاسلامى جعلت مصر تقرر رفع مستوى تمثيلها فى القمة التى ستشهد مناقشة عدد من الملفات الهامة التى تطلب على الأقل وجود وزير الخارجية فى القمة، مشيرة إلى أن وجود شكرى لا يعنى تطبيعاً للعلاقات بين القاهرة وأنقرة، وأن الأمر مقتصر على حضور أجتماعات القمة الإسلامية فقط، فى وضع مشابه لاجتماعات دولية وأقليمية سابقة خاصة بالوضع فى سوريا ومكافحة تنظيم داعش والتحالف الإسلامى الذى أعلنت عنه السعودية، جمعت مسئولين مصريين وأتراك على طاولة واحدة دون أن يحدث نقاش بينهم.
وكانت مصادر مصرية قد كشفت ايضا ان الرئيس المصري لن يشارك في اعمال القمة المقرر عقدها في اسطنبول في 14 و 15 ابريل الجاري وصرحت المصادر ان مستوى التمثيل لم يحسم بعد رغم ترجيحها ان يتراس سامح شكرى وزظير الخارجية وفد بلاده الى القمة .

زيارة المصالحة
بعنوان "عودة أردوغان" قالت صحيفة "هآرتس" العبرية إن المصالحة بين تل أبيب وأنقرة سبقت رحلة الملك السعودي للمنطقة، والذي يحاول التوصل إلى مصالحة أخرى بين مصر وتركيا.
ولفتت إلى أن "سلمان بدأ منذ أيام حملة سياسية بزيارته للقاهرة وهناك استقبل استقبال الملوك من قبل الرئيس المصري السيسي، لكن قبل هذه الزيارة تحدث سفير الرياض بالقاهرة عن أن الملك سيأتي بمفاجأة كبيرة لمصر، والتي اتضح أنها مساعدات تقدر بـ 3 مليار دولار، وقروض بمليار ونصف دولار، مخصصة للاستثمار في سيناء، وإقامة جامعة هناك على اسم الملك السعودي، وتعهدات بتلبية احتياجات الطاقة المصرية على مدى 5 سنوات".
وأضافت "السعودية قلقة من نقص الحماس الذي تبديه مصر فيما يتعلق بإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد كما أن موقف السيسي تجاه إيران غير واضح، والرياض تشعر بالإحباط من مشاركة القاهرة المتواضعة في الحرب باليمن، كما أن السيسي لديه تحفظات واعتراضات على السياسة السعودية، وبشكل خاص فإن الرئيس المصري لا يمكنه قبول العلاقات الجيدة التي تطورت العام الماضي بين الرياض وأنقرة، وتحول تركيا إلى حليفة ومركز لاستثمارات السعودية".
وقالت "السيسي كان يريد أن يطالب سلمان أردوجان بالاعتذار عن الإهانات التي وجهها للقاهرة طوال السنوات الأخيرة، وأن يتوقف عن دعم الإخوان المسلمين ويتوقف أيضا عن التدخل في شؤون مصر الداخلية، بدلا من ذلك جاء الملك السعودي للقاهرة وأوضح للرئيس المصري أن الإخوان هم شركاء في الحرب ضد الحوثيين باليمن، وأن انضمام حماس للتحالف العربي ضروري وان تركيا هي حليفة على مصر التصالح معها".
وأضافت "وسائل الإعلام المصري هللت للعلاقات مع الرياض بعد أن كانت قبل عام واحد تتحدث عن اتجاه السياسة السعودية مع مصر إلى وضع سيء، وأعربت عن قلقها من ذلك".
وقالت "ليس المصريون فقط الذين ينتظرون نتائج زيارة سلمان، بل أنقرة كذلك تنتظر معرفة :هل سيأتي الملك بمبادرة للتصالح تعيد تركيا للسوق المصري الذي خرجت منه قبل أكثر من عام"، مضيفة أن "إسرائيل تعهدت بإبلاغ مصر بأي تطورات في اتجاه المصالحة مع تركيا، والمشكلة أن اتفاق بين تل أبيب وأنقرة من شأنه أن يضع القاهرة في حيرة وارتباك، لأن هذا سيجعلها الدولة الوحيدة المستمرة في فرض حصار على قطاع غزة".
وختمت "من هنا يمكن تفسير اهتمام قيادات حركة حماس الفلسطينية بنتائج زيارة سلمان لأنقرة، فالمصالحة بين إسرائيل وتركيا ستضمن انتقال البضاع والأفراد عبر المعابر الإسرائيلية، والمصالحة بين القاهرة وأنقرة من شأنها أن تنهي إغلاق معبر رفح، ولكي يتحقق ذلك على حماس أن تبتعد عن الإخوان المسلمين، هذا الشرط الأساسي الذي وضعته مصر أمام حماس جعل بيد الحركة الخيار، في الفوز بتمويل سعودي والاستمرار في البقاء، أو لف حبل المشنقة حول رقبتها، والأن جاء دور أردوجان في استحدام وسائله وأدواته".

المصالحة مع القاهرة ستسبق مثيلتها مع تل ابيب
في نفس الاتجاه نشر موقع “ديبكا” الإسرائيلي تقريرا له تطرق فيه إلى تصريحات العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز في الأيام الأخيرة خلال زيارته إلى القاهرة التي استمرت خمسة أيام، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوجان، لن يجعل أي تحرك للمصالحة مع إسرائيل، إلا بعد فتح صفحة جديدة في العلاقات بين أنقرة والقاهرة.
وأضاف العاهل السعودي طبقا لمصادر “ديبكا” الخاصة، في التقريرأن المصالحة بين أردوجان و السيسي، ستفتح الطريق أمام مصالحة كاملة بين تركيا وإسرائيل، وهذا تم ضمن المعلومات التي تم الاتفاق عليها بين أنقرة وتل أبيب.
وأوضح الموقع الإسرائيلي أنه بسبب هذا، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في وقت سابق “السلام مع مصر أكثر قوة الآن من أي وقت مضى، ومن التحديات الصعبة جدا التي تواجه البلدين، العلاقة بين مصر وإسرائيل أمن وطني هام لكلا البلدين”.
ولفت “ديبكا” إلى أن نتنياهو لم يحدد ما هي التحديات التي تواجه البلدين، لكن مصادر “ديبكا” كشفت أن ذلك كان ردا على إشارة إلى إسرائيل مفادها أن الملك سلمان، ورئيس جمهورية تركيا رجب طيب أردوغان يرغبان في تأمين تحالفهما الاستراتيجي مع السيسي، وأن الظروف الحالية لا يجب أن تكون فرصة يقوم من خلالها رئيس تركيا بالإضرار بالعلاقات بين تل أبيب والقاهرة.
وشدد الموقع الإسرائيلي على أن إسرائيل تعتزم تعزيز موقف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عبر ضغوط الملك سلمان على أردوغان من أجل المصالحة مع القاهرة.

فك الارتباط مع الاخوان
من جانبه كشف محمد زاهد جول - الكاتب والباحث التركي - عن إتجاه تركيا لما سماه "فك الارتباط الاعلامي بينها وبين الإخوان " .
وقال جول أن تركيا مستعدة لبعض "التفاهمات" المتعلقة بالإخوان من أجل تحسين علاقتها بالسعودية قائلاً: ليست تنازلات بقدر ما هي تفاهمات ، وللأسف الشديد الإعلام صور العلاقات التركية مع جماعة الإخوان بصورة ليس لها علاقة بالواقع على الأرض، لكن تركيا ستحاول خلال الفترة القادمة فك الارتباط الإعلامي مع الإخوان.
وأضاف معلقاً على القنوات المقربة من الإخوان التي تبث من تركيا : هذه القنوات لا تبث عبر تركيا ، بل تستأجر بعض الخدمات من شركات تركية ، والدولة ليست لها مشكلة مع خطاب تلك القنوات ، وهناك قنوات مصرية ويمنية وعربية ولا يمكن المساس بها مادمت ظلت محافظة على الخطاب السلمي ، لكن ستتعامل الدولة معها مباشرة إذا اتجه خطابها للعنف.
ولفت إلى أن تركيا لا تتدخل في قرارت الإخوان قائلاً: نرى أن الجماعة تمر بفترة تاريخية حرجة وعليها التعامل بطريقة أكثر حكمة سياسية، وحنكة في التعامل مع المعطيات والمتغيرات الإقليمية ، فالجماعة لا تستثمر تلك المتغيرات لصالح الحركة الثورة ، وتركيا ستظل لا تعارض وجود الإخوان ، ولن تقبل أن تصنف جماعة الإخوان بالإرهابية
وهذه نقطة الخلاف بين تركيا والدول العربية ، فتركيا تري أن الدول التي لها خلاف مع الإخوان يمكن تصنيفها كجماعة معادية سياسيا وليست جماعة إرهابية.. مشيراً إلى أن موقف السعودية تجاه الإخوان تغير إلي حد كبير وبات هذا ملموسا للجميع ، وأعتقد أنها لم تعد تتعامل مع الإخوان على إنها جماعة إرهابية ، بدليل الحوار المتواصل مع حركة الإصلاح في اليمن ، وحركة حماس في فلسطين .

زيارة تقرِّب مصر من تركيا
في هذا الاتجاه ألمح خبراء عرب في حديث لوكالة أنباء صينية، إلى أنه من أهم النتائج المرجوَّة لزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى مصر حاليًّا، هي تحقيق التقارب بين الحكومتَين المصرية والتركية، ودعم الجهود الإقليمية العربية والإسلامية.
وقالت وكالة الأنباء الصينية “شينخوا” في تقرير لها: إن زيارة الملك سلمان لمصر تدعم عبدالفتاح السيسي وحكومته خاصة، بعد ما أثير، مؤخرًا، عن وجود عدم اتفاق بين البلدَين بشأن الصراعات في سوريا واليمن.
ونقلت “شينخوا” عن عمر الحسن رئيس مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية، أنه لا يوجد عدم اتفاق عميق بين الرياض والقاهرة، سواء في قضايا سوريا أو اليمن أو لبنان أو ليبيا، لكن التكتيكات والوسائل لتحقيق الأغراض المشتركة قد تكون مختلفة.
وتحدث عن استمرار البرامج الثنائية والتنسيق الإستراتيجي المشترك بين البلدَين؛ ما يؤكد عدم وجود اختلاف كبير أو عميق بشكل عام بينهما. وأضاف إن مصر “تكرر مرارًا أن أمنها القومي جزء من أمن الخليج والعكس، ومعظم دول الخليج تعتبر مصر العمود الفقري للأمن العربي والعمل العربي المشترك”.
وذكر الحسن أن دول الخليج ترى أنه من المهم أن تبقى مصر قوية ومستقرة، و”هذا هو السبب في قدوم الملك سلمان إلى القاهرة، ومعه مشاريع لدعم الاقتصاد المصري، وتعزيز العلاقات الإستراتيجية”.
وأشار إلى أن مصر شريك مهم في التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين في اليمن، وعضو في التحالف الإسلامي المكوَّن من 39 دولة.
وأشار الدكتور يسري العزباوي، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إلى أن الأهداف الإقليمية للبلدَين متطابقة، لكن ربما يكون هناك بعض الاختلاف في الآلية والأدوات المتعلقة بتنفيذ الأهداف؛ خاصة في سوريا واليمن. وأضاف إن البلدَين لديهما يقين بأهمية الحفاظ على تحالفهما الإستراتيجي قويًّا، في ظل التحديات الإقليمية المستمرة.
ويعتقد الخبراء أن تقارب الرياض مع القاهرة يساعد في خلق نوع من التوازن في المنطقة وإعادة إحياء العمل العربي المشترك.
وعبَّرت نورهان الشيخ أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة عن اعتقادها بأن أحد أسباب الزيارة، ربما تكون الوساطة السعودية بين مصر وتركيا، والاتفاقيات يمكن أن تكون بادرة إيجابية تستطيع من خلالها المملكة لعب دور الوسيط النشط. وتحدثت عن أن السعودية تريد جَسر الهُوَّة بين القاهرة وأنقرة، وضمان تمثيل مصري رفيع المستوى في القمة الإسلامية المقبلة التي ستُعقد في تركيا.