انقسام في مصر حول "تيران" و"صنافير"

الحدث الأربعاء ١٣/أبريل/٢٠١٦ ٢٣:٣٠ م
انقسام في مصر حول "تيران" و"صنافير"

القاهرة - خالد البحيري

يشهد الشارع المصري جدلا متصاعدا منذ الإعلان عن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية، والذي آلت بموجبه جزيرتا تيران وصنافير إلى السيادة السعودية.
وانقسم الشارع المصري بكل مكوناته الفكرية والثقافية إلى فريقين أحدهما مؤيد لموقف القيادة المصرية بأن الجزيرتين هما بالأساس تتبعان السعودية وأنهما أمانة لدى الجانب المصري لظروف فرضتها الحرب مع إسرائيل وضعف القوات البحرية السعودية في هذا التوقيت.
وذهب عدد ليس بالقليل من المفكرين والساسة والمثقفين المصريين إلى أن الجزيرتين هما أرض مصر لا يصح التنازل عنهما للملكة تحت وطأة الظروف الاقتصادية، وأن هناك وثائق تاريخية تعود إلى الدولة العثمانية وتحديدا في العام 1906 تثبت ملكية مصر لهذه الجزر.
وسريعا؛ انتقل النقاش من ساحات الفضائيات إلى مواقع التواصل الاجتماعي فدشن المعارضون للاتفاقية وسم "عواد باع أرضه" في حين دشن المؤيدون لها وسم "السيسي صاين أرضه".
وتبارى الفريقان في نشر الصور والخرائط التي تدعم وجهة نظره، وعاد كل منهما إلى كتب التاريخ والجغرافيا بحثا عما يعضد كلامه ويثبت خطأ الطرف الآخر.
وبرغم أن مجلس الوزراء المصري أصدر بيانا شرح فيه الأسباب التي دفعت إلى اعتبار الجزيرتين تحت السيادة السعودية إلا أن الكثير من المتابعين والمراقبين لم يقتنعوا بذلك.
وقالت الحكومة إن لجنة مصرية سعودية مشتركة انتهت إلى هذه النتيجة بعد 11 جولة من الاجتماعات لتعيين الحدود البحرية بين البلدين، وأنها سوف تعرض الاتفاقية على البرلمان وفقا للدستور.
ومن الصخب الإعلامي إلى المتخصصين حيث قال الدكتور محمد نور فرحات أستاذ القانون الدستوري: الجزيرتان مصريتان، لأن هناك وثيقة قانونية مبرمة في عام 1906 تؤكد أن تيران وصنافير تقعان ضمن حدود الدولة المصرية، وهي منشورة في محيط كتاب الشرائع. فضلاً عن أن وثيقة "الباب العالي" تؤكد أن تيران مصرية.
وأضاف أنه لم يحدث في تاريخ الدولة أن تطوعت الحكومة بإصدار بيان تؤكد فيه أحقية دولة أخرى في إقليم متنازع عليه، ودعا إلى عرض الأمر على الشعب المصري للاستفتاء أولا، وفقا للمادة 151 من الدستور الحالي؛ مؤكدًا أن الرئيس لا يملك حق التنازل عن شبر واحد من أرض مصر.
بينما قال الدكتور عمرو حمزاوي أستاذ السياسة العامة بالجامعة الأمريكية: في حدود قراءة سريعة لبعض الكتابات القانونية والأكاديمية، لم تدفع مصر أبدا بسيادتها على صنافير وتيران ولم أعثر على إشارة رسمية واحدة لذلك، وصفت الجزيرتان كمناطق متنازع عليها بين مصر والسعودية لتأخر تحديد الحدود البحرية بين البلدين وبسبب الإدارة المصرية للجزيرتين منذ 1950.
وأضاف: حق لنا أن نرفض غياب الشفافية عن تعامل الحكومة المصرية مع اتفاق تعيين الحدود البحرية وأن نرفض تجهيل الرأي العام، غير أن توجيه الاتهام بالتنازل عن الأرض دون استناد إلى فهم لتاريخ ووضعية صنافير وتيران ليس من الموضوعية في شيء، ولا من المعارضة في شيء.
وتابع: أسجل ذلك من موقع التمييز بين نهج المزايدين وبين رفضي للسلطة الحاكمة ولسياساتها الفاشلة ومطالبتي بمحاسبتها على المظالم والانتهاكات، كانت شائعات التنازل عن حلايب وشلاتين وقت الرئيس السابق محمد مرسي ظالمة، وادعاءات التنازل عن السيادة المصرية على صنافير وتيران أيضا ظالمة.
وأيد الدكتور عاصم الدسوقي، أستاذ التاريخ بكلية الآداب بجامعة حلوان، ما ذهب إليه حمزاوي قائلا: إن الجزيرتين تتبعان في الأصل مملكة الحجاز والتي انضمت للسعودية عام 1926 حتى أعلنت المملكة رسميا عام 1932.
وأوضح أن السعودية وبعد حرب 1948 واستيلاء إسرائيل على جزيرة أم الرشراش المصرية والمعروفة حاليا باسم إيلات خشيت على الجزيرتين وبعد توقيع هدنة ردوس طلبت من مصر الدفاع عن الجزيرتين في مواجهة إسرائيل وحتى لا يحدث معهما مثل ما حدث من قبل مع أم الرشراش وهو ما استمر حتى اتفاقية ترسيم الحدود التي أعلن عنها هذا الأسبوع مؤكدا أنه طبقا للجغرافيا والتاريخ فهما يقعان في المياه الإقليمية السعودية.
قانونا، قال المستشار حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، إن أي اتفاقيات يوقعها رئيس الجمهورية مع أي دولة أخرى يتم إخطار مجلس النواب بها فقط، وفي حال كانت هذه الاتفاقيات تتعلق بالسيادة فيجب أن تعرض على مجلس النواب، وأنه بغض النظر عما إذا كانت الاتفاقية تتعلق بسيادة الدولة أو اقتطاع جزء منها فإنها ستعد لاغية إذا عرضت على البرلمان ورفضت.
وأضاف الجمل أنه لا مشاكل في إبرام الاتفاقية بين السلطتين التنفيذيتين في مصر والسعودية على أن يتم عرضها على مجلس النواب بعد ذلك، خاصة وأن الاتفاقية حتى الوقت الحالي تعتبر كلاما إجرائيا على الورق، كما أن الإعداد المبدئي لمثل هذه الاتفاقيات عمل منوط به السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية.

*-*
"شفيق" يعود مجددا: الجزر مصرية
دخل الفريق أحمد شفيق المقيم حاليا في دولة الإمارات العربية المتحدة على الخط بقوة، بعد غياب عن التصريحات والبيانات دام لأكثر من عام، منتقدا الحكومة المصرية وطرح خمسة أسئلة تشير إلى قناعته بأن الجزر مصرية وليست سعودية، وجاء في البيان المطول والذي تناول انتقادا لتعامل الدولة المصرية مع عدد من الملفات من بينها سد النهضة وقضية الطالب الإيطالي جوليو ريجيني: "أين الوثيقة أو الوثائق التاريخية التي تشير إلى ملكية الجزيرتين سواء للمملكة أو لمصر؟ وأين الوثيقة التي فُوضت مصر بمقتضاها في استخدام الجزيرتين؟ ما أسباب صدور هذا التفويض إن كان قد حدث؟ وهل انتهت الأسباب التي صدر التفويض من أجلها إن كان صحيحا؟، وإذا كانت أسباب التفويض مازالت قائمة، فلماذا ينتهي الآن وبعد أكثر من مائة عام؟".
وتقع جزيرة تيران في مدخل مضيق تيران، الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر، ويبعد 6 كيلو مترات عن ساحل سيناء الشرقي؛ وتبلغ مساحة الجزيرة 80 كيلو متر مربع. وكانت الجزيرة نقطة للتجارة بين الهند وشرق آسي، أما جزيرة صنافير فتقع بجوار جزيرة تيران من ناحية الشرق، وتبلغ مساحتها نحو 33 كيلو متر مربع.