مسقط - ش
إن الإرث التاريخي الذي امتازت به الحضارة العمانية منذ أقدم العصور، وتكيف المواطن العماني مع نمط الحياة التي عاصرها، جعل شبابها المعاصر يتمسك بهذا الإرث الذي خلّفهُ الأجداد جيلا بعد جيل. وفي وقتنا الحاضر، استحضر شباب عمان هذا الإرث من خلال إعادة استخدام المسارات التي سلكها الأجداد في تنقلهم بين القرى والحواضر، من أجل ممارسة هوايتهم المتمثلة في سياحة المغامرات، وإعادة استكشاف هذه المسارات وما تحتويه من مكنونات طبيعية وخلابة.
ومن هنا جاء اهتمام اللجنة الوطنية للشباب بالأُطر التي تضمن ممارسة الشباب العماني لهذه الهواية وتعريفها للراغبين في استكشاف هذه المسارات من خلال استخدام التقنيات الحديثة والمشاركة الفعّالة في توثيق هذه المسارات. وتنفذ اللجنة الوطنية للشباب ضمن منهجية عملها (2016 -2020) ستة برامج استراتيجية منها برنامج تعزيز المشاركة الشبابية، حيث يسعى البرنامج إلى تنمية معارف ومهارات وقدرات الشباب، وتوسيع الفرص أمامهم للمشاركة في تخطيط وتنفيذ مجموعة واسعة من الأنشطة التي تعزز دورهم في خدمة المجتمع والتأثير الإيجابي. ويتضمن برنامج تعزيز المشاركة الشبابية خمسة مشروعات رئيسية من بينها مشروع الرحال الشاب.
وتسعى اللجنة من خلال مشروع (الرحّال الشاب) إلى المساهمة في تفعيل حركة السياحة الداخلية بالتشارك مع كافة المؤسسات المعنية بقطاع السياحة وتعزيز وتحفيز الشباب للمساهمة والمشاركة في ذلك. من خلال تأهيل مجموعات من الشباب في مهارات إدارة النشاطات والجولات السياحية والاستكشافية من خلال التدريب وتوفير المعرفة والمعلومات بالأماكن السياحية والأثرية والتاريخية والبيئية وإكسابهم الخبرة العملية الميدانية، والتمرس في التعامل مع الظروف المختلفة على أرض الواقع، وتشجيعهم على توثيق تجاربهم في الرحلات عبر المقالات والصور والفيديو ومشاركتها من خلال بوابة اللجنة الالكترونية، وكذلك تقديم اقتراحات حول كيفية تفعيل الزيارات لهذه المواقع وكيفية المحافظة عليها.
أما عن انطباعات شبابنا المغامر، فقال إسماعيل الشحي -رئيس فريق هايكنج مسندم: "مشروع الرحال الشاب مشروع مميز وهادف أتاح لي فرصة تعلم رسم علامات المسارات الجبلية، كما استفدت أيضا من الورش التي أقامها المشروع في مجال الإسعافات الأولية بالإضافة الى الورش التدريبية لكيفية وضع العلامات النهارية والليلية في المسارات الجبلية."
ومن جهته أضاف المغامر د. جمعة الشكيلي رئيس فريق مجان للمسير الحر: "المشي الجبلي ليس فقط هواية، وإنما هو نمط وركيزة قوية جدا. لكسب وتنمية واستثمار قدرات وطاقات الشباب، لدعم السياحة والمحافظة على الموروث الحضاري القديم، وإحيائه بما يحقق العائد المادي لثروات الطبيعة في عمان، بلد الحضارة والتاريخ وفتح الأفاق للجيل القادم."
وأضاف الشحي: "مشروع الرحال الشاب، للجنة الوطنية للشباب قدم أساس قوي جدا بإعطاء الفرصة الحقيقية المدروسة بمحتواها القويم من حيث تطوير طرق العمل الجماعي وإتباع خطة استراتيجية منظمة ومعدة بمستوى عالي لضمان العطاء وسلامة الطاقات الشبابية بصورة صحيحة ميدانيا. وتحقيق المنفعة العامة للحكومة والمواطن والسعي لتثقيف الشباب بكيفية نشر مقتنيات السلطنة التاريخية للأقاليم العالمية بنمط حضاري متجدد ومركزي منظمه بالتنسيق مع الجهات الأخرى المعنية بالاختصاص لمختلف الأصعدة."
ومن جانبه قال صالح الحبسي -رئيس فريق التحدي للمغامرات: "يُعتبر مشروع الرحال الشاب محفزا لرياضة المغامرات والمشي الجبلي بالسلطنة من خلال الخطط والبرامج المعتمدة. وقد حظيت مع مجموعة من أعضاء فريقي بشرف تعليم أحد المسارات الجبلية القديمة وفق القواعد والأسس المعتمدة من قبل وزارة السياحة من خلال عمل دورة نظرية وعملية لتعليم المسارات الجبلية. ويعتبر هذا التوجه لتعليم المسارات الجبلية ذا فائدة كبيرة واستدامة طويلة المدى حيث أن تلك العلامات يهتدي بها كل من يسلك الطرقات الجبلية وبالتالي حفظا للأرواح من الضياع والذي قد ينتج بسبب قلة الخبرة في الطرقات الجبلية لدى الكثيرين، وكذلك تثري رياضه المشي الجبلي على المستوى المحلي والعالمي. ونتمنى أن نشهد دعم مشروع الرحال الشاب بشكل أكبر لرفع مستوى الوعي لدى محبي وممارسي رياضه المشي الجبلي وتنسيق الدورات التدريبية اللازمة لذلك."
وأما عن مُستكشف المسارات الجبلية، أحمد الرحبي فقال: "مشروع الرحال الشاب هي الانطلاقة الحقيقية التي استطاعت بها اللجنة أن تتبنى أفكار الشباب وتنفذها ميدانيا من خلال جمع قاعدة لبيانات الفرق الأهلية ومن ثم عقد الورش التدريبية في توثيق وتأشير مجموعة من المسارات للمشي الجبلية بالسلطنة وجمع أكبر قدر من المعلومات عن هذه المسارات، مشاركتي بالمشروع أعطتني الفرصة الكبيرة في المساهمة بالمعلومات ونقل الخبرات لبقية الفرق لتنظيم هذا العمل الوطني. “
وأجاز المغامر منذر الذهين -رئيس فريق أرض اللبان للاستكشاف والمغامرات، بقوله: "مشروع الرحال الشاب يُعد مبادرة تجسّد أفكار وأهداف جميع فرق المشي الجبلية في السلطنة."
وأخيرا، استطاعت اللجنة الوطنية للشباب عبر مشروعها (الرحّال الشاب-استكشف عمان) إلى تدريب 50 شاب في مهارات إدارة النشاطات والجولات السياحية عبر التعاقد مع مختصين في التدريب على الإرشاد السياحي التخصصي. بالإضافة إلى تنظيم 20 جولة سياحية ميدانية من قبل الشباب العماني مع توثيقها. وتطوير وتنفيذ ما لا يقل عن 20 نشاط توعوي بالمواقع السياحية والتاريخية والأثرية في عمان. هذا فضلا عن تخريج عدد 6 من الشباب العمانيين (الباحثين عن عمل) كإدلاء سياحيين محترفين في مختلف المسارات سواء أكانت المسارات الجبلية والأودية والكهوف أو المسارات والمغامرات البحرية.