علي بن راشد المطاعني
يتفنّن البعض في تلقّف الجوائز الدعائية من بعض المؤسسات والمنظمات المأجورة والممتهنة لهذا النوع من العمل المتملّق من بعض الشركات التي تبحث عن تحسين صورتها وسمعتها، ومواراة سوءاتها للأسف، ولفت الانتباه بعيداً عن أخطائها وتسويق نفسها والمسؤولين فيها بشكل رخيص للغاية وليصبح إنجازها الوحيد في النهاية تكديس إنجازات وإحصائيات مزيّفة لا قيمة حقيقية لها، خاصة ونحن نعلم أن هناك الكثير من المؤسسات في دول أجنبية تخصّصت في بيع هذا الوهم للشركات المتعطّشة إلى شرائه.
إن هذه الجوائز مهزوزة ومكشوفة من الجميع، ومعروفة أهدافها ومراميها وغاياتها المادية مسبقا، تتمثل في الضحك على الشركات ليس أكثر، في حين أن الواقع يكشف غير ذلك للأسف؟
حتى أن البحث عن هذه الجوائز أصبح مهنة بعض الشركات لتسويق نفسها وتحسين صورتها ولهذا تدفع مئات الملايين من الدولارات للحصول على جوائز الوهم كما يصفها المختصون، فهم يبيعون وهم أن هذه الشركة الأفضل في العالم، والأحسن جودة أو صاحبة أفضل شركة إلى غير ذلك من المسميات التي تباع لمن يدفع أكثر للأسف.وتجد شركاتنا للأسف تتسابق للحصول على هذه الجوائز وتمارس إجراءات البهرجة التي تصاحبها في حين أن الجميع يعرف أن هذه الجوائز أشبه بالخدع السينمائية، والتمثيل على الجماهير ليس أكثر، والاصطفاف في طوابير المتسلّقين على جدران الجوائز المدفوعة أمام الشاشات والأضواء والديكورات.
إن الشركات لديها مهام أخرى يمكن أن تمارسها وتبذل فيها الجهد لتحسين صورتها في الداخل من خلال العمل على خدمة المستهلكين وبناء علامتها التجارية لتجويد الخدمات وليس من خلال ما تذهب إليه في شراء الجوائز الفارغة والمكشوفة من الجميع، فبناء قاعدة من رضا الزبائن هو الرصيد الحقيقي لهذه الشركات، وهذه الجوائز مثل الفقاعة التي سرعان ما تتلاشى إذا كانت فعلا جوائز حقيقية وذات مصداقية وتكون عليها مؤسسات معروفة دوليا، أم إذا كانت جوائز تجارية ودعائية فهي خسارة في خسارة وتكون مؤسساتنا خسرت زبائنها بتدني خدماتها، ودفعت دم قلبها من أجل الحصول على هذه الجوائز وفوق هذا وذاك أوهمت شركاتنا بأنها الأفضل في حين أنها الأسوأ، هذه حقائق ربما غائبة عن بعض الشركات التي تلهث وراء مثل هذه الجوائز.
نحن لا نعترض على فوز شركاتنا بجوائز وما شابه ذلك إذا كانت هذه الجوائز ذات وزن وقيمة مضافة، وتعبّر عن مصداقية عالية، والمؤسسات المانحة ليس وراءها ما يشينها ويلطّخ سمعتها كالجري وراء الماديات فقط والضحك على مؤسساتنا.
فاليوم الجهات الرقابية المختصة بالدولة مدعوّة للتدقيق في الوسائل التي تم خلالها دفع مقابل هذه الجوائز وكيفية الاشتراك فيها وماهيتها ودواعيها في إطار دورها الرقابي على الشركات الحكومية، أو التي تساهم فيها الحكومة بنسية 51 في المئة أو ما حدده القانون، فما يتم إهداره في الجوائز من أموال عامة يجب علينا صيانتها وتوجيهها في مكانها الصحيح. بالطبع هناك جهات ومؤسسات تحصل على جوائز إقليمية ودولية من منظمات دولية كالأمم المتحدة ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، نحن نحيي هذه الجوائز ونبارك لكل الفائزين بها، فهي واضحة الأهداف ومعروف من يقف وراءها، في حين أن الكثير من الجوائز التي تدفعها مجلات وشركات وتسعى بعض شركاتنا إلى الفوز بها لتلميع نفسها ووضع المكياج على صورتها الملطّخة بسوء الخدمة، فعليها مراجعة نفسها بعض الشيء، والفوز برضا زبائنها أفضل من الجري وراء السراب. نأمل أن نستفيد من التجارب والكفّ عن اللهاث وراء هذه الجوائز المشبوهة وإدراك ماذا أضافت لنا مقارنة مع ما تم إنفاقه من أجل الحصول عليها، والسفر إلى مختلف أصقاع العالم لاستلامها وتكاليفها بشكل عام.