كليفلاند أوهايو – الشبيبة
أكّدت خبيرة في الصحة النفسية من مركز ميلن التابع لمستشفى كليفلاند كلينك في الولايات المتحدة أن الشعور بالحزن أمر "مقبول تمامًا" تجاه الحالة المعيشية الراهنة في العالم، بعد أن استطاع انتشار مرض فيروس كورونا المستجد أن يقلِب حياة البشر رأسًا على عقب بعد أنغيّر الروتين اليومي للحياة ووضع حدًا للنشاط الاجتماعي الإنساني وأحدث هزّة شديدة في الإحساس بالسلامة والأمان.
وقالت الدكتورة إمي سوليفان الطبيبة النفسية الحاصلة على زمالة البورد الأمريكي للصحة النفسية، إن الحزن "رد فعل طبيعي علىالخسارة" سواء كانت فقدان الحياة الطبيعية أو حتى فقدان أحد الأحباء بالوفاة نتيجة الإصابة بالمرض، مشيرة إلى أن العالم يشهد فيالوقت الراهن "إحباطات كبيرة في مختلف جوانب الحياة من شأنها أن تجعل الحزن واقعًا سائدًا لدى الكثيرين".
واعتبرت الخبيرة النفسية أن من المهم التعامل بالطريقة المناسبة مع هذا الأمر والحفاظ على التواصل مع الآخرين بالطرق الآمنة. أما فيمايتعلق بكيفية التعامل مع المشاعر التي وصفتها بالصعبة وغير المتوقعة جرّاء الأوضاع السائدة، فاعتبرت الدكتورة سوليفان أنه "لا توجدطريقة صحيحة أو خطأ"، لكنها قدمت أربع اقتراحات قالت إنها قد تساعد الناس على التعامل مع الأحداث الجارية.
الإقبال على السعادة
ونصحت الدكتورة سوليفان الأشخاص بالبحث عن السعادة أو البهجة والامتنان حتى في الأشياء الصغيرة، مثل محادثات الفيديو مع أفرادالأسرة، أو نسمات الهواء العليلة عند فتح نافذة أو الخروج إلى الشرفة أو حديقة المنزل. وأضافت أن الناس إذا كانوا يخضعون لحظر تجوّلجرّاء الظروف الراهنة، فلا بد أن يسعوا نحو إظهار تقديرهم للفرصة التي أتاحت لهم الابتعاد عن صخب الحياة اليومية والمكوث في المنزل.
تقبّل الحزن وغيره من العواطف
وقالت الدكتورة سوليفان إن مراحل الحزن يمكن أن تقدّم إطارًا مفيدًا يساعد في الانتقال بين المشاعر المعقدة. ويعرّف الخبراء هذه المراحل بأنها الإنكار والغضب والمساومة واليأس والتقبّل. ومع ذلك، يُدرك هؤلاء الخبراء أيضًا أن الأشخاص لا يتقدمون دائمًا وبدقة من مرحلة إلى أخرى في هذا الترتيب المحدّد، وفق ما أوضحت الخبيرة النفسية التي أضافت: "يمكن أن يحدُث الحزن على شكل موجات تتغير بانتظام، كما يمكن أن تتغير مشاعرنا يوميًا أو حتى كل ساعة".
ومضت الدكتورة سوليفان إلى القول: "من الطبيعي أن نجد من ينتقل من الشعور باليأس يومًا إلى الغضب في اليوم التالي، ويتعين عليناإدراك أنه من الطبيعي أن تصيبنا موجات المشاعر هذه بانتظام، والتي ربما تصل إلى الإقرار بالخسارة، سواء أكانت فقدان وظيفة، أو وفاةشخص أصابه المرض من الأصدقاء أو العائلة، وهي مشاعر بالحزن البالغ يصعب كثيرًا تقبلها والتعايش معها".
ودعت الأفراد إلى الإقرار بمشاعرهم، سواء كانت إرهاقًا أو قلقًا أو ضعفًا أو غيرها، مشيرة إلى أن هذا الأمر يساعد في تقبّلها وتطبيعها منخلال مواجهتها، لكنها نصحت بوضع حدٍّ زمني لهذه المواجهة، واقترحت أن يمنح المرء نفسه خمس دقائق ليشعر بالعاطفة التي تنتابه، ثمينتقل إلى ممارسة شيء إيجابي يعرفه ويتقنه.
وقالت: "من المهم أن نتقبل مشاعرنا في الوقت الراهن ونتعامل معها، قبل أن ننتقل إلى موقف قبول أكثر إيجابية، وذلك من خلال تحديدأفضل طرق التأقلم، فهذا هو الوقت الذي يستدعي أن يصبح الناس مبدعين ويطوروا إحساسهم الفردي للتأقلم بالطريقة التي تناسبهم خلالهذه الفترة، وقد يشمل ذلك التنفس العميق، والتمارين الذهنية، وكتابة اليوميات، والتحدّث مع شخص آخر، والمشي". ولكنها أضافت: "إذا وصل الأمر إلى نقطة لا يستطيع فيها شخص ما التعامل مع هذه المشاعر بمفرده، فإنه سيكون بحاجة إلى طلب المساعدة في مجال الصحة العقلية".
محاربة الرغبة في الانسحاب
وشدّدت الخبيرة في الطب النفسي على أن البقاء على اتصال يظلّ أداة قوية للتأقلم مع المشاعر في الأوقات الصعبة، سواء أكان ذلك علىشكل دردشة بالفيديو أو حتى كتابة رسالة جيدة بالطريقة الكلاسيكية القديمة وإرسالها إلى أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء أو الجيران أوزملاء العمل، معتبرة أن هذا قد يساعد الناس في الحفاظ على موقف إيجابي. وأضافت أن العديد من المختصين في الصحة العقليةوالسلوكية يفحصون مرضاهم حاليًا عبر الزيارات الافتراضية، التي أكّدت أنها قد تشكّل "حلاً مناسبًا لمن يواجهون مشاكل في التأقلم".
التركيز على ما يمكن السيطرة عليه
وقالت الدكتور سوليفان: "يسهل على الناس أن يتخيلوا أسوأ السيناريوهات عندما يكون هناك قدر كبير من الشكوك التي تحيط المستقبل،ومن ذلك القلق حيال إصابتهم أو إصابة أشخاص عزيزين عليهم بفيروس كورونا المستجد، أو التساؤل عمّا إذا كانت الأمور ستعود إلى طبيعتها، فتوقّع الأحداث السلبية قد يبعث على القلق أو الخوف".
ونصحت الخبيرة النفسية الناس بأن يكونوا على دِراية بما يمكنهم التحكم فيه بدلاً من التألّم على أشياء لا يمكن معرفتها أو التحكّم فيها،مشيرة إلى أن باستطاعتهم، مثلًا، تقييد أوقات متابعة الأخبار والدخول إلى وسائل التواصل الاجتماعي، بجانب تحديد ما يتناولونه منطعام. وأوصت بأهمية إدراك هذه الخيارات وتحديدها والتركيز على الحاضر.