لغة خليجية للتصدى للهجمات الإعلامية المعادية

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٠٧/أبريل/٢٠١٦ ٠٨:٢٠ ص
لغة خليجية للتصدى للهجمات الإعلامية المعادية

فريد أحمد حسن

تكمن أهمية الندوة التي نظمها قطاع الشئون التشريعية والقانونية بالأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في الرياض الأسبوع الفائت تحت عنوان "التصدي للهجمات الإعلامية المعادية وكيفية الرد عليها" ، تكمن في أنها أكدت أمورا ودعت إلى اعتماد أمور أخرى رأى المشاركون في الندوة أهمية إيجاد صيغة تتيح ترجمتها إلى واقع ، وخلصت إلى أن "الهجمات المستمرة لن تتمكن من إيقاف مركبة التطور والنمو الخليجي بل ستزيدنا قوةً وعزيمةً" كما جاء في كلمة الأمين العام للمجلس الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني .
الندوة أكدت ضرورة "تبني استراتيجية خليجية موحدة قائمة على خطاب إعلامي مدروس للتصدي للهجمات الإعلامية التي تستهدف دول مجلس التعاون الخليجي" ودعت إلى "وضع استراتيجية إعلامية واتصالية موحدة للتعامل مع ملف حقوق الإنسان في دول المجلس" وكذلك "تصميم برامج لدبلوماسية المجتمع المدني للتواصل مع المنظمات الحقوقية" ، وشددت على "اتخاذ إجراءات استباقية والمبادرة في إبراز ما تحققه دول المجلس من إنجازات في مجال حقوق الإنسان والتنسيق مع الأجهزة الحكومية المعنية حيال القضايا ذات الصلة في المحافل الإقليمية والدولية والاهتمام بالحضور في المنظمات الحقوقية الدولية غير الحكومية" ، وطالبت "برصد الملاحظات والتقارير التي تثار من بعض الدول والمنظمات في وسائل الإعلام الدولية في مجال حقوق الانسان ضد دول المجلس واعتماد الآليات المناسبة للرد على الحملات المعادية بالتنسيق مع الدول الأعضاء واستثمار النفوذ الاقتصادي الذي تمتلكه دول المجلس في التصدي لتوضيح الصورة الحقيقية" .
المشاركون في هذه الندوة المهمة أكدوا أيضا "أهمية إنشاء مكتب متخصص لتعزيز ونشر ثقافة حقوق الإنسان إضافة إلى تقديم المشورة والمساعدة الفنية للجهات المعنية لدول المجلس عند إعداد التقارير المتعلقة بحقوق الإنسان مع إشراك مؤسسات المجتمع المدني في تلك الأعمال" ، ولفتوا إلى "ضرورة إنشاء مكتب دعم الاتصال الحكومي وتشكيل فريق متخصص من المحللين للمشاركة في كافة اللقاءات والمؤتمرات والندوات المتعلقة بحقوق الإنسان وتزويدهم بالمعلومات اللازمة من خلال إنشاء بنك للمعلومات وقاعدة بيانات خاصة بحقوق الانسان في دول المجلس" . كما أكدوا "أهمية تزويد السفارات والمندوبيات العامة لدول المجلس في الخارج بمتخصصين في مجال حقوق الانسان لاسيما في العواصم التي تحتضن المنظمات الدولية مثل جنيف وباريس ولندن ونيويورك إلى جانب إنشاء مندوبية عامة لدول مجلس التعاون في منظمة العمل الدولية" .
الندوة أوصت أيضا "بإنشاء إدارات للتعاون الدولي في بعض الوزارات والأجهزة الحكومية وتقويتها إلى جانب إنشاء إدارات لحقوق الانسان في وزارات الخارجية بدول مجلس التعاون وسرعة المبادرة في إصدار البيانات الرسمية حول الأحداث الجارية" .
في كلمته التي افتتح بها الندوة أكد الأمين العام لمجلس التعاون أن "دول المجلس لم تكن بعيدة عن أسس ما أقرته الأمم والشعوب من اتفاقيات ومواثيق تحمي حقوق الإنسان بل عكست ذلك في جميع أنظمتها الأساسية وتشريعاتها الوطنية" وأوضح أن هذه الندوة جاءت "لمناقشة هذه الهجمات بغية الوصول للحل الأمثل في التعاطي معها دون أن تؤثر على المسيرة المباركة التي رسمها أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون" لافتا إلى أن "سياسات دول مجلس التعاون الاقتصادية جعل دول المجلس مظلةً راعية للعديد من مؤسسات المجتمع المدني والتي تعمل لخدمة الإنسان الخليجي في نشاطات مختلفة ، ومن بين هذه المؤسسات جمعيات وهيئات حقوق الإنسان التي كرست الوعي بثقافة حقوق الإنسان على المستوى المحلي والإقليمي والدولي وسارت باتجاه متزن يعكس هوية المواطن الخليجي وثقافته" .
الندوة اهتمت كثيرا بما ملخصه أن "الانجازات الخليجية في مجال حماية حقوق الإنسان عديدة وكبيرة وليس من سبيل لحصرها سوى الإشادة ببعضها ومنها استضافة مملكة البحرين للمحكمة العربية لحقوق الانسان في 2014 وإقرار إعلان دول مجلس التعاون لحقوق الإنسان في ديسمبر من العام 2014 وإنشاء بعثتها الدائمة في جنيف والمعنية بحقوق الإنسان" .
أمين عام المجلس لفت إلى مسألة أخرى مهمة فقال إنه "على الرغم من ذلك الجهد العظيم الذي تبذله دول المجلس إلا أنه من المحزن أن نسمع بعض الأصوات التي تقلل من هذا العطاء ، ونرى من يحاول تغذية سياسة التفرقة ، وتجاهل ما يقدمه الآخرون من إسهامات إيجابية في الحفاظ على حقوق الإنسان ، والاستمرار في نشر معلومات مغايرة ومجانبة للصواب والهجوم على دول المجلس لتحقيق مقاصد غير موفقة بطرق غير شرعية" .
عناوين عديدة حملتها أوراق الندوة منها (الانتقادات الدولية وكيفية معالجتها) والتي سلطت الضوء على الانتقادات الدولية التي تمس دول مجلس التعاون ، و(دبلوماسية المجتمع المدني وحقوق الانسان في دول مجلس التعاون ) ، و(آليات الرد على الانتقادات الدولية – الطرق والقنوات) ، بالإضافة إلى ورقة تحدثت عن مقترح إنشاء فريق لإدارة ومعالجة الحملات التشويهية على دول مجلس التعاون في المحافل الدولية والإقليمية) .
أهمية هذه الندوة تكمن أيضا في أنه يمكن تصنيفها في باب نقد الذات بقسوة حيث أقرت الأمانة العامة للمجلس والمشاركون بالتقصير في جوانب عديدة وأن هذا التقصير أدى إلى تلك الهجمات الظالمة على دول المجلس وسياساتها في مجال حقوق الإنسان على وجه الخصوص . الكثير مما تم اقتراحه والخطوات التي دعى المشاركون في الندوة إلى تبنيها يفترض أن المجلس قد قام بها منذ زمن بعيد ، فمن غير المعقول الدعوة الآن إلى "تبني استراتيجية خليجية موحدة قائمة على خطاب إعلامي مدروس للتصدي للهجمات الإعلامية" ، ومن غير المقبول ألا يكون لدول المجلس حتى الآن كل ما تمت الدعوة إلى إيجاده رغم أهميته .

• كاتب بحريني