القطاع الخاص يفتقر للرؤية الاستراتيجية

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٠٧/أبريل/٢٠١٦ ٠٥:١٥ ص
القطاع الخاص يفتقر للرؤية الاستراتيجية

مما لا شك فيه ان القطاع الخاص يعد المحرك الرئيسي لعملية النمو الإقتصادي في البلاد وذلك لما يتميز به من روح المبادرة وتحمل المخاطرة في سبيل تحقيق الربح وتعظيم المصلحة الخاصة، وما يرافق ذلك من عمليات التجديد والإبتكار التي تساهم في تطوير قدراته الإنتاجية وتعزز من دوره في النشاط الإقتصادي.
وعلى غرار مساهمته في النمو الإقتصادي فإن القطاع الخاص يمارس دورا كبيرا في توظيف الباحثين عن عمل انطلاقا ما يوفره من مناصب عمل وارتفاع في الدخول، إذ أن تطوره يساهم في النشاط الإقتصادي، وبالتالي فمن الضرورة بمكان وضع استراتيجية مثلى تعكس الفهم والتصور الصحيح لآلية التطور التي تنشدها الحكومة ويطالب بها أصحاب الأعمال، وذلك من خلال توفير المناخ الملائم والمحفز الذي يساعد على القيام بالنشاط الإستثماري، وذلك من خلال مجموعة من الإجراءات تعكس أفضل الظروف الإقتصادية واولها تبسيط الإجراءات وسرعة إنجاز المعاملات الاستثمارية، بالإضافة إلى ضرورة إحداث شراكة بين القطاعين العام والخاص والتي تعكس نوع من التكامل الإقتصادي يخدم كلا القطاعين، ويؤسس لنمو ديناميكي للقطاع الخاص الذي يتمكن بذلك من الحصول على فرص أوسع لتوسيع نشاطه ومن ثم تعزيز مكانته وأدائه بما يعود بالفائدة على النشاط الإقتصادي.
وقد كشفت الاحصائيات ان مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة قد بلغت حوالي 50 في المائة خلال فترة الخطة الثامنة إلا أن معدل نموه ما يزال بطيئا حيث بلغ 2.7 في المائة مقارنة بمعدل نمو القطاع العام والبالغ 5 في المائة.
ان قياس أداء سياسات التنمية الاقتصادية يتركز في حل إخفاقات السوق وذلك بتقديم الدعم اللازم والإجرائي لمنشآت القطاع الخاص لتمكينها من أداء أعمالها وجعلها تتناغم مع أهداف الخطة الخمسية التاسعة بدعم تنويع الاقتصاد وتوظيف الموارد البشرية، على رغم الجدلية القائمة بخصوص أبعاد نشاطه في ظل تواجد القطاع العام، إلا أن الأدبيات الاقتصادية وبالرغم من اختلافها تشير إلى الأهمية الكبيرة التي يلعبها في التأسيس لنشاط اقتصادي مزدهر.
إن مسألة تطوير القطاع الخاص جدا مهمة وضرورية ليس فقط من خلال ما يترتب عنها في النشاط الإقتصادي من آثار ايجابية، وإنما معالجة العقبات والعراقيل التي تحد من تطوره وهي قضايا يتوجب أخذها بعين الإعتبار، وبحسب الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط ان الخطة الخمسة الثامنة والرؤية المستقبلية "عمان 2020" لم تحقق التنويع الاقتصادي وتنمية سوق العمل واللذان يشكلان أهم التحديات أمام خطة التنمية الخمسية التاسعة (2016 – 2020)، وبالتالي نأمل من القائمين على تنفيذ الخطة الخمسية التاسعة بتطبيق ومتابعة الأهداف المتواخاة والمتمثلة في التحول في هيكل الاقتصاد العماني من اقتصاد يعتمد أساسا على مصدر واحد وهو النفط إلى اقتصاد متنوع وذلك بتوسعيد القاعدة الانتاجية لتشمل القطاعات الواعدة التي تتمتع فيها السلطنة بميزة نسبية كبيرة، بالاضافة إلى تمكين الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي من القيام بدور رائد مع تزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وعمل الحكومة على ايجاد المناخ الداعم لنمو اقتصاد قادر على المنافسة.
إن تزايد مكانة القطاع العام في النشاط الإقتصادي تؤثر سلبا على تطور للقطاع الخاص، حيث أن ذلك يساهم في الحد من توافر الموارد الإقتصادية من جهة، وإلى غياب المنافسة وبروز الإحتكارات من جهة أخرى، وعلى هذا الأساس فإنه يتوجب الحد من دور القطاع العام في النشاط الإقتصادي إلى الحد الذي لا يؤثر سلبا على نشاط القطاع الخاص ويضمن من خلاله تحقيق الأداء الأفضل.
وبما أن الدولة تضطلع بدور رئيسي في توفير المناخ الملائم والمساعد على النمو والتطور في الأداء من خلال السياسات الإقتصادية أو التشريعات والأحكام القانونية والتي تعكس الجو المحيط بنشاط القطاع الخاص في الحياة الاقتصادية، لكن ذلك لا يمنحها القدرة على التصور الواضح والسليم لكيفية بناء وتوفير المحيط الملائم والمحفز على الأداء إلا بمشاركة من القطاع الخاص وهو المعني بهذه الإجراءات والآليات، حيث أن إجراء المشاورات بين الجهات الحكومية المعنية بتوفير المناخ الملائم عن طريق السياسات والإجراءات الموضوعة من جهة والقطاع الخاص المعني بالنشاط والتفاعل في الحياة الإقتصادية من جهة أخرى، في ظل ما تقره الهيئات الحكومية من إجراءات وآليات من شأنه التوصل إلى بناء بيئة نشاط ملائمة ومحفزة على المبادرة بما ينعكس إيجابا على مكانة ودور القطاع الخاص في النشاط الإقتصادي.
وختاما نأمل من الجهات المعنية ان تقوم بتسهيل الإجراءات التي تعد عقبة كبيرة لحد الآن، بالاضافة إلى وضع استراتيجية واضحة للقطاع الخاص بمشاركة أصحاب الأعمال من أجل رفع مساهمته في الناتج المحلي، والمضي قدما نحو آفاق التطور والنمو.

محمود بن سعيد العوفي
alaufi-992@hotmail.com