هناك أيام خالدة ونيّرة على جبين كل أمة بما حققته من مكتسبات ومنجزات واقعية وما أسسته من قاعدة صلبة متينة للانطلاق بخطوات ثابتة نحو مستقبل ماجد مشرق، ومن تلك الأيام المشرقة يوم الخامس من يناير من كل عام، يوم خالد ساطع في التاريخ الشرطي الأمني العماني الحديث، ومنارة وضاءة يهتدى بها للمضي نحو الأمام بكل عزيمة وثبات، يوم يزداد ألقا بثوب المجد الموشح بالعزم والإرادة المخلصة.
إن الاحتفاء بهذا اليوم الميمون من كل عام، هو احتفاء بمنجز وطني من منجزات النهضة العمانية المباركة، فمنذ التشريف السامي لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم القائد الأعلى، لأكاديمية السلطان قابوس لعلوم الشرطة شكل ذلك منعطفا تاريخيا وحقيقيا في تاريخ هذا الجهاز ومسيرته على مدى العقود الفائتة، وأصبحت شرطة عمان السلطانية اليوم شريكا محوريا في عملية التنمية الشاملة بالبلاد، ومنظومة أمنية علمية اجتماعية متكاملة متمتعة بمستوى عال من الكفاءة والتنظيم متفاعلة مع بقية المؤسسات المختلفة بالدولة، تفاعلاً تامًا على مختلف المجالات فيما هو خير للوطن والمواطن، ساعية وبكل إخلاص في تقديم كافة الخدمات التي تلامس المواطن والمقيم حيثما وجد، مسخرة كافة الإمكانات البشرية والمادية في سبيل تحقيق ذلك.
فعلى امتداد مسيرة هذا الجهاز الفتي، وتقديرا لما يقدمه من تضحيات وجهود وطنية مخلصة في سبيل عمان ورفعة مكانتها، نالت شرطة عمان السلطانية على امتداد السنوات الفائتة اهتماما خاصا من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم القائد الأعلى ـ حفظه الله ورعاه ـ إيماناً منه بأن الأمن ركيزة أساسية من ركائز النمو والازدهار وصيانة مكتسبات الدولة، ما كان له عظيم الأثر في دفع عملية الارتقاء والتطور في الأداء الأمني. وما يشهده اليوم هذا الجهاز من تقدم وتطور ونماء في كافة مجالاته، لهو ثمرة تخطيط متقن ودراسة عميقة وفق استراتيجيات متوائمة مع مسيرة النهضة العمانية الحديثة، ومتطلبات كل مرحلة على حدة لمواكبة التطورات والمتغيرات والظواهر الأمنية المستجدة التي يشهدها عالمنا المعاصر الشيء الذي مكنها من أداء واجباتها والتزاماتها الأمنية والشرطية بكل اقتدار ويقين.
احتفلت شرطة عمان السلطانية بيومها الميمون وهي معتزة بما حولته من آمال إلى واقع حي معيش، وما فتحته من آفاق رحبة لمستقبل أبهى متفاخرة بإنجازات عصرية متكاملة على مختلف المجالات، سواء كان من حيث استكمال البنية الأساسية لمنشآتها المتمثلة في قياداتها الجغرافية والمراكز الشرطية الخدمية الأخرى في كافة المحافظات نشرًا لمظلة الأمن والطمأنينة في ربوع البلاد، وتوفير بيئة عمل نموذجية تهيئ للعاملين مجالاً ملائماً لأداء أفضل في تقديم الخدمة الشرطية للمواطن بكل يسر وفي وقت زمني محدد، وهذا ما كان ليتأتى لولا وجود المنظومة البشرية المدربة المؤهلة، والتي شكلت محور العملية التطويرية التي شهدها ويشهدها جهاز الشرطة، إذ وضعت البرامج التدريبية والتأهيلية اللازمة لتأهيل وتدريب وصقل مهارات منتسبي شرطة عمان السلطانية على مختلف مستوياتهم بالعلوم الأمنية والشرطية والمعارف الواسعة في شتى ميادين المعرفة، تنمية لثقافتهم الشرطية وتزويدا لهم بالعلوم والمعارف التي تعينهم على العمل باحترافية ودقة في أي موقع من مواقع المسؤولية.
لقد تبوأت الشرطة خلال الفترة الفائتة صدارة المؤسسات الحكومية والخاصة في مجال الخدمات الإلكترونية المقدمة للمجتمع والمواطن، وقطعت أشواطا كبيرة في ذلك، حرصا منها على النهوض بمجتمع عمان الرقمي، رافعة من إمكاناتها وقدراتها الإلكترونية في كل ما من شأنه خدمة المواطن بكل مرونة وعلى مستوى عال من الأمن وكسبا للوقت والجهد، وقد تمثل ذلك في تطوير الموقع الإلكتروني الخاص بها والمنافذ الخدمية الموجودة به من حيث دفع المخالفات المرورية والاستمارة الذكية للتأشيرة، وغيرها من الخدمات إضافة إلى المشاريع الإلكترونية الكبيرة كمشروع التأشيرة الإلكترونية الوطنية، ومشروع الجمارك ومشروع حوسبة مراكز الشرطة.
وخلاصة القول إن الاحتفاء بهذا اليوم الماجد، يعني الوقوف على ما تحقق من منجز وما تم من خطوات، ومرتَكَز للانطلاق للمستقبل بكل ثقة واقتدار والتطلع إلى القادم المنتظر الذي تكبر فيه الأمنيات وتتعاظم التحديات بكل طموح وعزيمة، ومزيد من البذل والعطاء، ماضية دون تردد، فالخامس من يناير هو يوم من أيام الوطن العزيز، يوم يحق لشرطة عمان السلطانية أن تتباهى فيه وتسمو بمكتسبات وطنية محققة بعزيمة وإخلاص أبنائها ومنتسبيها، وعمان تهنأ تحت وارف ظلال نهضتها الخامسة والأربعين في ظل هذا العهد الزاهر، فتحية خالصة جليلة لكل الساهرين على أمن هذا الوطن. وكل عام وعمان في تطور ونماء وازدهار.