المحافظة على محرك النمو للاقتصادات الناشئة

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٤/أبريل/٢٠١٦ ٢٣:٢٥ م
المحافظة على محرك

النمو للاقتصادات الناشئة

لي جون جوا
يبدو إن الاقتصادات الناشئة في العالم تخسر ديناميكيتها فالبلدان التي كانت قبل سنوات قليلة فقط تتلقى المديح على مرونتها في وجه الانهيار الاقتصادي العالمي تواجه الآن تحديات كثيرة والتي تنعكس في نمو الناتج المحلي الإجمالي بشكل أبطأ بكثير فهل تعطل محرك نمو الاقتصادات الناشئة ؟

لقد كان معدل النمو السنوي من سنة 2000 إلى 2007 في الاقتصادات الناشئة والنامية 6.5% . لقد كان المعدل أكثر إثارة للإعجاب من سنة 2008 إلى 2010 عندما كانت الاقتصادات المتقدمة في حالة ركود أو تكافح ضمن انتعاش اقتصادي هش حيث حافظت الاقتصادات الناشئة والنامية على معدل نمو يبلغ 5.5 % وفي واقع الأمر في نهاية تلك الفترة فإن معدل النمو وصل إلى معدل جيد للغاية وهو 7.5%.

لكن بدأ النمو بالتباطؤ بعد ذلك حيث انخفض المعدل السنوي إلى 4% سنة 2015 وحتى الصين صاحبة أضخم اقتصاد ناشئ وأكثره ديناميكية سجلت أقل معدل نمو منذ سنة 1990 (6.9%) في العام الفائت ومن المتوقع أن يتسارع التباطؤ هذا العالم حيث يجادل الكثيرون الآن بإن الاقتصادات الناشئة تستقر الآن على « وضع طبيعي جديد» فيما يتعلق بالنمو الأبطأ وبإن أيامها كمحرك رئيسي للاقتصاد العالمي قد ولت.
على الرغم من الصعوبات التي تواجهها الاقتصادات الناشئة، إلا أنه من السابق لأوانه إلغاء تلك الاقتصادات فحتى لو لم تعد معدلات النمو في تلك البلدان لمستويات ما قبل الأزمة، إلا أن مساهمتها في الاقتصاد العالمي ستبقى جوهرية وذلك نظراً للزيادة الكبيرة في حصتها في الناتج المحلي الإجمالي في العالم من حيث تكافؤ القوة الشرائية وذلك من 43% سنة 2000 إلى 58% سنة 2015.
لكن الاقتصادات الناشئة لديها أكثر من ذلك بكثير لتقدمه فمع وجود السياسات الصحيحة فإن بإمكانها الاستفادة من إمكانيات النمو غير المستغلة لغاية الآن والاستمرار في إحراز تقدم تجاه تحقيق مستويات الدخل الموجودة في الاقتصادات المتقدمة. إن المفتاح من أجل تحديد تلك السياسات هو أن نفهم لماذا تباطأ النمو في المقام الأول.
أولاً، لقد تعرضت الاقتصادات الناشئة لتحديات خارجية بما في ذلك ضعف التجارة الدولية وانخفاض أسعار السلع الرئيسية والأوضاع المالية الصعبة. لقد تباطأت التجارة السلعية العالمية بشكل كبير خلال السنوات الأربع الفائتة وفي النصف الأول من سنة 2015 انكمشت لأول مرة منذ سنة 2009 كما انخفضت أسعار النفط والمعادن بأكثر من 50% مقارنة بذروتها سنة 2011.
إن التباطؤ الذي حصل مؤخراً في الاقتصادات الناشئة هو أيضاً نتيجة للعوامل الهيكلية فعندما بدأت قصص نمو الاقتصادات الناشئة فإن الفجوة بين النصيب الحقيقي للفرد من الدخل في تلك الاقتصادات والإمكانات طويلة المدى أدت إلى تمكين التراكم السريع لرؤوس الأموال والمكاسب الإنتاجية نتيجة للتقنية القوية.
لكن بعد سنوات من الاستثمارات على نطاق ضخم – والتي أدت في الصين على وجه الخصوص إلى طاقة فائضة وسوء تخصيص الموارد- هدأت عملية تراكم رؤوس الأموال وفي الوقت نفسه وبينما تقترب الدول من التقنية فإن الابتكار الحقيقي يجب أن يحل مكان التقليد والتكيف وهذا أمر غير سهل نظراً لنقص القدرات الابتكارية. إذن ماذا يمكن أن تعمل الاقتصادات الناشئة من أجل تحسين آفاقها المستقبلية؟ على الرغم من أن مزيج السياسات على وجه الخصوص سوف يختلف حسب الاقتصاد فإن بعض الأولويات واضحة.
يتوجب على البلدان أن تعمل على تقوية مرونتها ضد الصدمات الخارجية السلبية بما في ذلك من خلال الجهود لتقوية أنظمتها المالية كما يتوجب عليها كذلك من أجل التقليل من تعرضها لتقلبات تدفق رؤوس الأموال تشجيع المرونة في سعر الصرف وتأمين الاحتياطات العالمية الكافية وتبني ضوابط لرؤوس الأموال مصممة بعناية. إن الاقتصادات الناشئة التي تعتمد بشكل زائد عن الحد على الصادرات تحتاج إلى أن تعيد التوازن في مصادر النمو الخاصة بها لمصلحة الطلب المحلي. إن الاستثمار في البنية الأساسية العامة وتحسين بيئة الاستثمار وشبكات السلامة الاجتماعية يمكن أن تساعد في تحفيز المزيد من الاستثمار في القطاع الخاص وإنفاق الأسر.

أستاذ الاقتصاد ومدير معهد البحوث

الآسيوية في جامعة كوريا