الدواجن ومزون للألبان

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٧/نوفمبر/٢٠١٩ ١٢:٢٧ م
الدواجن ومزون للألبان

علي المطاعني

في إحدى السنوات، وقعت حادثة لشركة دواجن خليحية، تم تسريب بأن منتجاتها من الدجاج ليست منتجة فيها، وإنما تعبأ في تلك الدولة الخليجية وأنها مستوردة من فرنسا، وقد أثرت هذه الشائعة تأثيرا سلبيا عليها في هبوط مبيعاتها هنا في السلطنة من 30 ألف كرتون في اليوم إلى 1000 كرتون فقط في اليوم، مما حدا بتلك الشركة لتنظيم رحلة لإعلاميين من السلطنة إلى تلك الدولة للاطلاع على حقيقة الأمور على الواقع، والتأكد بأن الدجاج مستورد أم أنه منتج في تلك الدولة. واطلع الإعلاميون على المزارع الأولى للشركة وكانت مساحتها 40 كيلو مترا مربعا والثانية 80 كيلو مترا مربعا، شاهدوا كل ما بها من طيور تغذي أسواق الخليج، وكانت السلطنة السوق الثانية من حيث الاستيراد.

وقد وضحت الشركة أن وراء هذا التسريب، رغبة أكيدة من الشركات المنافسة للتأثير على سير الإنتاج والمنافسة والإضرار بها وبمنتجها وتقليل مبيعاتها، وإلى غير ذلك من الوسائل التي تحاك في الخفاء بين الشركات المتنافسة. و اليوم استدعي هذا المشهد لكن بصورة أخرى، عندما بدأت شركة مزون للألبان إنتاج وتسويق منتجاتها في السلطنة، فبدأت إحدى شركات الألبان الخليجية المسيطرة على الأسواق حملة تسويقية كبيرة في السلطنة للتأثير على المنتج الوطني القادم، واتخذت بعض الجوانب إلاجرائية ضد بعض محلات الهايبر ماركت التي تسوق هذا المنتج الوطني الذي بدأ يتلمس طريقه إلى موائد المواطنين، كأحد أهم المنتجات الغذائية ضمن مشروعات الأمن الغذائي في السلطنة التي بدأت الإنتاج بهدف الاستحواذ على حصة من السوق، كغيرها من الشركات التي تسعى إلى ذلك لكن بالطرق المشروعة وبدون تأثيرات جانبية، سواء في إغراق الأسواق بالألبان أو بتخفيض الأسعار - باعتبارها شركة كبيرة ولها مقوماتها منذ فترة - أو من خلال اتخاذ إجراءات مضايقة ضد بعض المحلات التي تضع منتجات الألبان على رفوفها، أو بتقديم إغراءات بإعطائها معاملات تفضيلية إذا لم تضع أمكنة محددة لشركة الألبان الوطنية «مزون».

فهذه الإجراءات ليست من قبيل المنافسة المشروعة التي يفترض أن تسود في سوق مفتوح على الآخرين المصدرين من خارج الحدود، وهو ما يتطلب مراقبته ومتابعته لتأثيراته السلبية على المنتجات الوطنية الناشئة، والتأثير على تسويق منتجاتها من قبل الجهات المختصة ومعاقبة كل الشركات التي تتعامل بهذه الإجراءات وكل هايبر ماركت يمنع وضع ألبان «مزون» الوطنية على أرففه. فعلى الرغم من أوجه المنافسة غير المتكافئة والحملات والإجراءات التي تتبعها بعض الشركات الأجنبية في الحد من تمكين المنتجات الوطنية في بلادها، إلا أن التعويل أكثر على الولاء للمنتجات الوطنية من المواطنين والمقيمين، بتفضيل شرائها كأحد المنتجات المضمونة وذات الجودة أولا والمنتجة في بلادنا ثانيا.

وشراؤها يعيد تدوير الأموال في السلطنة ويطور الإنتاج ويعزز المنتج الوطني في الأسواق ثالثا، إلى غير ذلك من مبررات. وفي نفس الوقت لابد أن نؤكد على أهمية أن تعزز الشركات الوطنية من أساليب التسويق أكثر والاقتراب من الأسواق بشكل يحافظ عل منتجاتها، فالضربة الأولى تكون ذات تأثير في الأسواق والاستباقية ‏حتى لا تتيح للشركات المنافسة أن تفرض وصايتها على الأسواق وتأخذ الإجراءات الكفيلة بحماية المنافسة المتكافئة التي يكفلها نظام السوق في السلطنة وعدم استغلال المرونة في العمل الاقتصادي بشكل سلبي يؤثر على الشركات الأخرى الوطنية. بالطبع الشركات الناشئة لا يمكن أن نقارن قدراتها وإمكانياتها بشركات نظيرة لها عشرات السنوات في السوق وتمتلك كل الإمكانيات ولديها خبرة في السوق بما يكفي، لكن يجب أن نعمل كل ما في وسعنا لتمكين الشركات الوطنية سواء من الجهات أو المواطنين، فهي الضمانة للمستقبل ليس للحد من الاستيراد وتعزيز ميزان المدفوعات وإنما لتحقيق الأمن الغذائي الهادف في أوقات السلم واللاأمن، لا قدر الله. نأمل أن نعمل جميعا على شراء منتجاتنا لما لها من جودة وقيمة مضافة عالية ومكاسب كبيرة على الوطن والمواطن.