اليوميات المؤلمة للاجئين السوريون

مقالات رأي و تحليلات السبت ٠٢/أبريل/٢٠١٦ ٢٣:٣٥ م
اليوميات المؤلمة للاجئين السوريون

دانيال سبيكهارد

مع حلول الذكرى الخامسة للحرب الأهلية السورية أصبح من الواضح بشكل متزايد أن الملايين من السوريين الذين فروا من ديارهم لن يعودوا اليها في أي وقت قريب. ومع أن المساعدات الإنسانية التقليدية يتم تقديمها في كثير الأحيان على أمل أن تكون حالة طوارئ مؤقتة، بيد أن الموقف في سوريا ينبئ أنها لن تكون كذلك. وعلى الرغم من أن كل وسائل الإعلام تركز على قصص مروعة لمئات الآلاف من اللاجئين الذين يحاولون دخول الاتحاد الأوروبي، إلا أن الغالبية العظمى - أكثر من 95 في المئة من اللاجئين السوريين يعيشون في البلدان المجاورة. ومن بين 4.8 مليون شخص فروا من البلاد منذ عام 2011، هناك أكثر من 2.7 مليون يعيشون في تركيا، وما يزيد قليلا عن مليون شخص في لبنان الدولة الصغيرة في الحجم، وأكثر من 630 ألف في الأردن، وما يقرب من 259 ألف في العراق. وإلى جانب هؤلاء هناك 6.6 مليون نازح سوري اضطروا الى ترك منازلهم والعيش في أماكن أخرى داخل سوريا.
ويعيش اللاجئون السوريون حالة من الفقر المدقع، بعضهم في مخيمات أو في أي من المساكن التي فتحت لهم أبوابها في المجتمعات الحضرية. ومع امتداد الصراع وتوسعه أظهرت آليات المساعدات الإنسانية أنها غير كافية. وقد أنفق اللاجئون جل ما لديهم من مدخرات في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة. ويظل تدبير الموارد المالية، وبخاصة لأسر اللاجئين الذين لم تتح لهم فرص عمل رسمية في البلدان المضيفة لهم، يظل أمرا عسيرا في ظل ظروف معيشية مزرية آخذة في التفاقم على نحو متزايد.
كما أن هناك مشاكل كثيرة بالنسبة للبلدان المضيفة أيضا، فالدول التي فتحت حدودها لاستقبال معظم اللاجئين السوريين تعاني مواردها الوطنية ضغوطا متزايدة، فيما اتسعت مشكلة البطالة التي كانت موجودة بالفعل قبل الحرب السورية وأزمة اللاجئين، أضف الى ذلك استبدال العمال ذوي الأجور المنخفضة في هذه البلدان بآخرين من اللاجئين السوريين الذين يقبلون بالعمل بأجور أكثر تدنيا.
وتتزايد قسوة الظروف المعيشية للمهجرين داخل سوريا بعد أن فاقم الصراع من أزمة المعيشة مع غلاء الأسعار وصعوبة الوصول الى المواد الغذائية. وهناك واحدة من بين كل ثلاث أسر سورية تعاني مشكلة الديون نظرا لتكاليف المعيشة، بينما اضطر العديد منهم في محاولة يائسة لتغطية نفقاتهم الى بيع ممتلكاتهم وإرسال أبنائهم للعمل وترتيب زيجات مبكرة لبناتهم.
ولهذه الأسباب فقد وصلنا إلى نقطة تحتم علينا العمل أن نجعل استعادة سبل كسب العيش والحصول على فرص عمل للنازحين السوريين على رأس الأولويات، لدعم واستعادة الظروف المعيشية الكريمة لهم وتقليل اعتمادهم على المساعدات الإنسانية.
ومن بين الاستراتيجيات التي أثبتت فعاليتها الكبيرة على المدى القصير تقديم المنح النقدية للأفراد مقابل العمل كي تمتد الفائدة الى المجتمع المحلي، من خلال ما يطلق عليه "المال مقابل العمل". وعلى سبيل المثال، هناك اثنتان من الوكالات الإنسانية الدولية التي يوجد مقرها في بالتيمور وهما الجمعيات الخيرية المسيحية الأرثوذكسية الدولية والاتحاد اللوثري العالمي، اللتان تعملان معا لدعم العديد من المجتمعات المحلية في سوريا، حيث ينخفض عدد فرص العمل أو مصادر الدخل المتاحة، وذلك من خلال تقديم منح نقدية صغيرة لتنفيذ مشاريع التنمية المجتمعية، وربما يجمع ذلك بين ميزة الاستفادة للعائلات الفردية وكذلك للمجتمع ككل.
وفي حين أن حل النزاع في سوريا قد يستغرق وقتا طويلا، إلا أن هناك مؤشرات مشجعة، بما في ذلك تحسين وصول المساعدات الإنسانية في بعض الأماكن نتيجة لوقف إطلاق النار حاليا، ووعود إجراء مفاوضات دبلوماسية مستقبلا. ومن المهم أن نتذكر أن نجاح اتفاقيات السلام يحتاج الى معالجة احتياجات انسانية واسعة النطاق في سوريا وفي البلدان المجاورة، وهذا يجب أن يتضمن عودة آمنة ومنظمة للاجئين السوريين الى ديارهم.
وبينما تركز العناوين الرئيسية للأخبار على تدفق اللاجئين الى دول أوروبية مثل اليونان والمجر وألمانيا، إلا أن هناك دول نامية مثل الأردن ولبنان وكذلك تركيا تواجه تحديات أكبر وتحتاج الى دعم أكبر من المجتمع الدولي. وهذه أيضا هي المناطق التي أحدثت فيها ضغوط الموجات الضخمة من اللاجئين حالة من عدم الإستقرار والتي قد تزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة المتوترة أصلا. وعلى الولايات المتحدة أن تزيد من زخم الدعم الإنساني الذي تقدمه والاستمرار في ذلك لبعض الوقت إذا ما كانت لدينا رغبة حقيقية في مجابهة القوى الخطيرة في المنطقة.

الرئيس التنفيذي لشركة الاتحاد اللوثري العالمي، وهي منظمة إنسانية دولية