حمى السيارات المعيبة.. وحماية المستهلك

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٩/مارس/٢٠١٦ ٢٣:٠٠ م
حمى  السيارات المعيبة.. وحماية المستهلك

محمد محمود عثمان

عناوين مثيرة تصدرت الصحف العالمية والمحلية أزعجتني كثيرا، حول استدعاء سيارات مصنعة حديثا لظهور عيوب في الصنع ، ويشمل الاستدعاء بصفة أساسية السيارات التي باعتها شركات "تويوتا" و"نيسان" و"هوندا" و"مازدا" و"بي إم دبليو" و"جنرال موتورز" في أميركا الشمالية وأوروبا واليابان، وكان النصيب الأكبر لشركة تويوتا موتور اليابانية التي تستدعي 2.89 مليون سيارة ، وتوجهت الشركة الأكبر لصناعة السيارات في العالم بالاستدعاء لـ1.3 مليون مركبة في أمريكا الشمالية، وحوالي 625 ألف مركبة في أوروبا، و434 ألف مركبة في الصين، و177 ألفًا في اليابان و307 آلاف في مناطق أخرى من العالم حتى في اليابان نفسها بسبب مشاكل في أحزمة المقاعد التي انفصلت بمجرد وقوع حوادث ، والخطير أن منها سيارات منتجة حديثا في يناير 2016، وبالتأكيد تحظى الدول الخليجية والعربية بنصيب وافر من هذه السيارات الحديثة ، ولا سيما أن حجم الاستدعاءات للسيارات المعيبة ضخما جدا ، لأن كثيرا من شركات تصنيع السيارات تستخدم أجزاء مشتركة في طرازات متعددة ، قد لا تكون متوافقة تماما لخفض التكاليف ولتحقيق المزيد من الأرباح ، خاصة بعد الأزمة الإقتصادية العالمية التي حدثت في نهاية العام 2008 التي تعد بمثابة زلزال اقتصادي له توابعه، حيث أثرت على أسواق السيارات، حيث تعاني بعض الشركات من أزمات فنية ومالية أثرت سلباعلي اقتصاديات مصانع السيارات والمصانع التي تزودها بالمكونات وقطع الغيار ،لأن ارتفاع الأسعار العالمية لقطع السيارات وأجزاءها، من العوامل الأساسية وراء تخفيض الجودة ، خاصة أن ذلك أدى إلى الاستغناء عن أعداد كبيرة من الأيد العاملة من ذوي الخبرات الفنية العالية التي تعد من أهم عناصر مقومات الصناعة، مما أثر سلبا على مستوى جودة المنتج الصناعي، سواء في التصميم أو التصنيع أو التجميع، ولابد أن نتوقع مشاكل فنية في المنتجات ،ومن ثم نضع أمام أنفسنا سؤالا مهما حول حماية المستهلك،هل تبدأ بعد استيراد السيارات أم قبل عمليات الاستيراد؟، باعتبار أن الوقاية المسبقة ضرورية ودائما خير من العلاج ، حماية للأرواح والأنفس والأموال في ذات الوقت ، خاصة أن حوادث السيارات تعني فقد الأنفس والأرواح، وخسائرفي الاقتصاد ولشركات التأمين التي تتكبد تكاليف ومبالغ باهظة لتغطية التعويضات المختلفة، وهذا يتطلب تشكيل لجان فنية من الأكاديميين والفنيين والمتخصصين بالتعاون مع جمعيات وهيئات حماية المستهلك العربية، للتأكد من سلامة أنواع السيارات المستوردة قبل تصديرها للأسواق العربية حماية للإنسان العربي وللمحافظة على حقه كمستهلك، وكأول من يتضررمن الحوادث وهو الذي يتحمل كل التبعات ، ومن حقه أن نحميه، وهذه مسؤولية أساسية للدول وللمسؤولين عن الصناعة والتجارة والاستيراد والتصدير، وإخضاع السيارات المستوردة للفحص الفني لضمان سلامة المستهلك، خاصة أن معظم الشركات لا تفصح عن أخطائها الفنية صراحة ، وهذا واضح في ماركات عديدة من السيارات التي ظهرت بها عيوب فنية لم يعلن عنها صانعوها إلا بعد أن تم تصديرها إلينا،نتيجة لعدم قيام شركات السيارات بتطبيق أنظمة صارمة للجودة عالية الدقة، مما يؤكد ضرورة قيام أجهزة حماية المستهلك باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لعدم التكرار، وفي كل الحالات فواجب الشركات التي تحترم زبائها الإسراع بالإعلان بشفافية عن اكتشاف عيوب فنية في بعض موديلاتها وإنها تعتذر للمستهلكين مع تحملها عمليات الإصلاح للمحافظة على سلامتهم وللاحتفاظ بثقة الزبائن ،وفي المقابل فقد تسرع بعض الشركات بالإعلان عن وجود العيوب أو خلل فني بمنتجاتها وتقوم باستدعائها من الأسواق لمعالجتها مع تحمل مسؤوليتها المادية ، ولكن هذا لا يكفي إذا أن المستهلكين يتضررون أيضا لضياع الوقت والجهد في عمليات الإصلاح ، بل وتعطل الأعمال وما يترتب على ذلك من خسائر وأضرار على الأفراد والمجتمع والاقتصاد بشكل عام.