مسقط - خالد عرابي
يزخر مجتمعنا العماني بالثراء التراثي والثقافي والفني وفي جميع المجالات، ولذا فما من يوم يمر إلا ونجد أن شخصا عاديا لديه من الأشياء والمقتنيات التراثية والأثرية ما قد لا تجده في متحف في بعض البلدان الأخرى، وقد ينظر البعض إلى هذه الأشياء على أنها عادية ولكن عندما نعرف تاريخها وتنوعها ورمزيتها نعرف مدى أهميتها، واليوم وبعد أن ألتقينا بعبد الله السليمي ابن قرية «إمطى» بولاية أزكى شعرنا وأنه يملك متحفا متنقلا يزخر بالعديد من المقتنيات التراثية والأثرية والتي تتنوع من حيث قدمها إذ أكد لنا أن بعضها يعود إلى قرابة الـ 400 عام وأخرى إلى أقل من ذلك ، ومنها ما يعود إلى عشرات السنين أما من حيث تنوعها فأشار إلى أنها تتنوع ما بين أدوات المأكل والمشرب وما بين الأسلحة وأدوات الزراعة والفلاحة ومنها ما يرتبط بالحياة اليومية مثل الموازيين وأدوات الكتابة والقراءة وحتى المخطوطات، وغيرها من الأدوات والمعدات التي اعتاد أن يستخدمها العماني القديم في حياته اليومية غير أن أهم ما يميز هذه المقتنيات هى ندرتها واندثار معظمها مما يضعها في قائمة المقتنيات والتراث.
في البداية أكد لنا السليمي على أنه يملك الكثير من المقتنيات النادرة و التي يصل عددها إلى 250 قطعة تراثية تتنوع من حيث أحجامها وأشكالها وأعمارها وحتى من حيث المواد التي صنعت منها فمنها ما صنع من النحاس أو البرونز أو الأخشاب وحتى الفخـــــار وغيرها من المواد المختلفة.. وعن أبرز وأشهر المقتنيات التي يملكها قــــــال السليمي: كما قلت كثيرة ومتــــنوعة ومنـــــها الكثير من المقتنيات النادرة ولكن أقدمها قطع من الأسلحة القديمة ومقلمة، ومحبرة قــــــديمة ويعود تاريخ هذه الأشياء إلى ما قبل 400 سنة، كما أن هناك أواني خشبية وفخارية تعود إلى عشرات السنين.
ماضي الأجداد
وبسؤاله عن كيفية جمعها وهل جاء صدفة أم حصل عليها كميراث قال السليمي: بدأت هذه الهواية عندي منذ أكثر من 20 عاما تقريبا، لأنني أحب اقتناء هذه الأدوات وتجميعها لأنها تحكي ماضي الأجداد.. وأستطيع أن أقول أن هذه الهواية نفسها جاءت كإرث عن الأباء والأجداد، فكثير من تلك المقتنيات نفسها آلت لي عن طريق الميراث إذ أن 75% من الأدوات حصلت عليها من الآباء والأجداد، ولكن لم أكتف بالحفاظ على ما ورثت، ولم أتوقف عند ما ورثته فقط، ولكن أصبحت شخصيا لدي ولع بهذه المقتنيات وهذه الأدوات التراثية القديمة، فإذا ما سمعت عن وجود بعضها لدى أشخاص غير مهتمين بها ويريدون بيعها أتوجه لهم وأحاول الحصول عليها وشراءها مهما كلفني ذلك من ثمن ولكن بشرط أن يكون في حدود المعقول وإمكانياتي المالية، ففي النهاية أنا شخص عادي وأنفق على شرائها من مالي الخاص، كما أنني لست ثريا لأستطيع أن أنفق كثيرا على هذه المقتنيات، ومع هذا فهناك بعض القطع التي وصل سعرها إلى ألف ريال عماني لأنني استشعرت قدمها وأهميتها ولم أستطع أن أقاوم شراءها، ولذا فلله الحمد والمنة فمع مرور الوقت أصبح لدي الكثير من المقتنيات التي أعتز بها وأعتبرها ثروة في حد ذاتها.
متحف شخصي
وأضاف السليمي قائلا: بالطبع ليس سهلا الحصول على مثل هذه المقتنيات فهي تحتاج إلى الكثير من السؤال عنها والبحث عن الأشخاص الذين يقومون ببيعها وأغلبهم من كبار السن، وهؤلاء يكون الوصول إليهم في كثير من الأحيان صدفة. وبسؤاله عما يفعله بهذه المقتنيات؟ قال السليمي: أعتبرها وكأنها متحف شخصي لي، فأقوم بوضعها في غرفة خاصة في منزلي وأحافظ عليها وأهتم بترتيبها وصونها ومن ثم أقوم بعرضها على الأجانب والزوار، ومن ألتقيهم وأحدثهم عنها ويرغبون في رؤيتها، فأنا أعتبر أن ذلك واجب علي وعلى كل من يستطيع أن يفعل ذلك لأنه صون لتراثنا وتاريخنا وحضارتنا من الاندثار.
أما عن أفكاره وفيما يفكر مستقبلا لهذه المقتنيات فقال: أفكر جديا بوضعها في متحف خاص، كما أتمنى المشاركة بها في المعارض سواء المحلية وحتى الخارجية والدولية إن عرض على، وذلك من أجل الحفاظ عليها من الإندثار والضياع، كما أتمنى أن أشارك في مهرجان مسقط وأيضا خريف صلالة السياحي وذلك حتى يستفيد من رؤيتها الجمهور والزوار وذلك من خلال التعرف على بعض من تراثنا، خاصـــــة وقد لاحظت في مهرجان مسقط مشاركة بعض الأشخاص مثلي بمقتنيات شخصية هكذا وهي تقدم بشكل مميز وكأنها متحف خاص.