علي بن راشد المطاعني
تعزيز ودعم المنتجات الوطنية مسؤولية مجتمعية الجميع يتحملها بدون استنثاء حكومة ورجال أعمال ومجمعات تجارية ومجتمع بكل شرائحه ، فلا يمكن أن تنهض صناعة في أي دولة ما لم تستهلك كلها أو نسبة كبيرة منها داخل حدود الدولة الجغرافية مع وضع النسبة المخصصة للتصدير في الاعتبار لأهميتها القصوى ، ولن تنهض أي صناعة ما لم نفضلها على المنتجات المستوردة.
فالولاء للمنتج الوطني هو فرض عين تمليه المسؤولية الوطنية في الارتقاء بالصناعات الوطنية وتعزيزها للعديد من الأمور أولها مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي لأي دولة، وثانيها مساهمتها في تحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية أو غيرها، كما تسهم في الحد من الاستيراد تعزيزا لميزان المدفوعات للدولة، فضلا عن أن الصناعات الوطنية تعد المحرك الأساس للقطاعات الاقتصادية والأنشطة التجارية الأخرى القائمة عليها، وتستخدم الخامات المحلية وذلك يعني رفد قطاعات أخرى من الأنشطة التجارية، وفوق هذا وذاك تستوعب العمالة الوطنية ولها مساهماتها في إطار تجسيد مسؤوليتها الاجتماعية على الأرض.
تلك وجميعها نقاط تكفي لمنح المنتج المحلي المساحات التي يستحقها على أرفف المجمعات التجارية الكبيرة المنتشرة في البلاد.
ولعل اللقاء الذي عقده وزير التجارة والصناعة مع أصحاب المجمعات التجارية والهايبر ماركت في غرفة تجارة وصناعة عُمان جاء في هذا الإطار، وباعتبار أن هذه المنتجات تواجه تحديات جمة في بلادها ومجمعاتها محرمة عليها بسبب المغالاة في تأجير الأرفف وفرض التزامات مالية عليها أشبه بالمستحيل الوفاء بها من جانب الصناعات الوطنية الناشئة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في البلاد.
شاهدنا قبل أيام كيف أن الصينيين رموا هواتفهم أمام شاشات التلفزة في الحرب التجارية مع أمريكا بسبب شركة الاتصالات العملاقة هواوي، فهذا جزء لا يتجزأ من الولاء للمنتج الوطني وبسبب عنفوانه وجديته اكتسحت الصناعات الصينية العالم أجمع.
إن المنتجات الوطنية على اختلافها هي في الواقع مرتكزات للأمن الغذائي والصناعي الذي تسعى الدولة لتحقيقه، وبالتالي فإن المطالبة بتسريع تغيير المادة 60 من قانون التجارة وبما يضمن توافر المنتجات المحلية وإيجاد المسوغات القانونية الملزمة للمحلات لتخصيص مساحات كافية للمنتج المحلي باتت الآن أمرا ملحا ويتسق مع ضرورات المرحلة.
وفي هذا الصدد لسنا لوحدنا، فكل الدول تضع شرطا لإقامة المجمعات التجارية ومحلات الهايبر وتنص على أن يكون هناك ركنا للمنتجات الوطنية كجزء من الالتزامات الوطنية ولتوفير مساحات لعرض المنتجات وأيضا اليدوية منها بهدف تعزيزها ولتغدو متاحة للسياح والزوار ليتسنى لهم الإطلاع على منتجات الدولة وكجزء من الواجب الوطني الخاص بالتعريف بثقافة الشعوب.
المسؤولية الوطنية والاجتماعية تقتضي إيلاء هذا الجانب الأهمية التي يستحقها من كافة الجهات ولعل مسؤولية غرفة تجارة وصناعة عُمان كبيرة في هذا الشأن من خلال مبادراتها ومطالباتها بإيجاد حلول للترويج للصناعات الوطنية والمهن التقليدية ، ولعل مبادرة (منافذ) قد تسهم في ايجاد بعض الحلول لهذه الجوانب.
نأمل أن نولي هدا الموضوع الأهمية التي يستحقها والعمل على إيجاد الآليات وتوقيع الاتفاقيات التي تضمن توفر المنتجات الوطنية في المحلات التجارية، وإذا كنا نطالب بهذا الحق الأصيل للمنتج الوطني ، فإننا نذكر بأن ذلك لا يعني غض الطرف عن مسألة (الجودة) وهي العامل الضخم الذي يرغم المستهلك للإقبال على المنتج ، نرغب أن تغدو منتجاتنا الوطنية ومن حيث الجودة أفضل من تلك المستوردة، تلك هي المسؤولية الملقاة على كاهل أرباب المصانع في بلادنا ولا نشك مطلقا من أنهم يقدرون هذا الأمر جيدا.