هناك دوما خيط رفيع:
بين الاعتماد والاستغلال ..
بين الانفتاح والضلال..
بين الحب والأنانية..
بين الحرص والبخل ..
وبين أن تكون طيبا أو عرضة للاستغلال ..
كثيرون يرون أن ما يطلبونه من أولادهم وأزواجهم يُعبرعن الحب. وفي الحقيقة هو يعبر عن حب– نعم – ولكن حبهم لأنفسهم! فهم لا يريدون لأبنائهم أن يبتعدوا عنهم؛ وإن كان في هذا البعد مصلحتهم وإن كان القصد منه الدراسة أو بناء المستقبل. وقد ترى زوجا يغار من صديقات زوجته ويتمنى هدم حياتها الاجتماعية – لا لحبه لها كما يزعم – بل لأنه يريد أن تكون كل أوقاتها مسخرةً له ولبيته فقط ! في المقابل هناك زوجات يستكثرن على أزواجهن رحلات بريئة أو أوقات ممتعة مع الأهل أو الاصحاب تحت راية حب باطنها الأنانية.
في مواقع العمل؛ يتخيل أحدهم أنه الحائط الذي يستند عليه الزملاء . وأنه أهل للاعتماد عليه وغالبا ما تكون تلك حقيقة . ولكن تلك العلاقة تتعدى حدود الاعتماد للاستغلال عندما يتم اللجوء لهذا الزميل في الأوقات الصعبة.. وغيرها أيضا . فتُلقى عليه مسئوليات وأعباء يستطيع غيره القيام بها ولكنها تُناط به لمجرد أن الآخرين لا يريدون القيام بها ببساطة.
وكل البخلاء في العالم لا يرون أنفسهم إلا «غير مبذرين» بحد أقصى. فهم يغفلون الفرق بين أن تكون حريصا على المال أو كانزاً له. وقد يبدو الخط رفيعا جدا بين الصفتين ولكنه شاسع في الحقيقة: فالحريص ينفق المال في أوجهه الصحيحة وأولها فعل الخير؛ وقد سمعنا عن أثرياء يحجمون عن شراء السيارات الفارهة لأبنائهم ولكنهم يغدقون على أعمال الخير والفقراء. أما البخلاء فهم يبخلون على الدنيا كلها به؛ بما في ذلك أصحاب الحقوق المعلقة برقابهم .
وبين الفينة والأخرى؛ تخرج علينا وجوه جديدة تدعى الانفتاح وتدعوا لتحرير العقل. لكنك إن أمعنت في خطابهم لن تجد فيه إلا رغبتهم في التحرر من القيود الدينية والاجتماعية المحمودة في سبيل حياة أغنى بالمتع. ولن تجد في طرحهم تجديدا أو تحديا لعقبات ذات قيمة ووزن..
هو خط رفيع .. مسافة ضيقة بين الشفا والهاوية..
ففكر أين تقف من هذا الخط ومتى تعديته أو تعداه من حولك دون أن تدرى..