اقتصاديون ورجال أعمال:التبادل التجاري بين السلطنة وإيران دون المستوى المطلوب

مؤشر الثلاثاء ١٢/يناير/٢٠١٦ ٠٠:١٠ ص

مسقط - يوسف بن محمد البلوشي

دعا عدد من رجال الأعمال والاقتصاديين إلى سرعة تشييد جسور التبادل والاستثمار التجاري والاقتصادي مع إيران مع قرب رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على هذا البلد بعد توقيع الاتفاق النووي الذي أدت فيه السلطنة دورا حميدا بتقريب وجهات النظر بين إيران ومجموعة الدول (5+1).

ويرى رجال الأعمال من البلدين أن التبادل التجاري والاستثمارات بين السلطنة وإيران دون المستوى المطلوب، فالتبادل التجاري بين السلطنة وإيران ما زال دون مستوى البليون دولار سنوياً في وقت يقدر فيه الاقتصاد الإيراني بحوالي 500 بليون دولار، وذلك بحساب القوة الشرائية، وتريليون دولار بحساب القيمة الاسمية للاقتصاد الإيراني، بحسب معهد التمويل الدولي.

وقال رئيس غرفة تجارة وصناعة عمان سعادة سعيد بن صالح الكيومي إن العلاقات التي تربط السلطنة مع صديقتها الجمهورية الإيرانية ليست بالشيء الجديد، وإنما لها جذورها التاريخية الضاربة في العمق، وهي تتمثل في كل مجالات الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية، مضيفاً بقوله: علينا كقطاع خاص ورجال أعمال أن نعلم حجم السوق الإيرانية فهي سوق واعدة وفيها فرص كبيرة وقابلة لأن تكون بداية لشراكات تجارية واقتصادية عملاقة بين البلدين، كما أن علينا الاستفادة من الموقع الجغرافي الذي تمثله السلطنة على خريطة العالم لتكون السلطنة مركزاً لإعادة تصدير المنتجات الإيرانية إلى مختلف الأسواق في العالم كوننا نمثل مركزاً لهذه الأسواق وبخاصة السوق الإفريقية لما تمثله هذه السوق من مكان خصب لاستقبال هذه المنتجات. وأشار الكيومي إلى أن ذلك لا يتأتى إلا من خلال العمل الجاد بين الطرفين وإيجاد طرق سهلة للمستثمرين ومنها تسهيل الإجراءات وتبسيطها، كذلك تبسيط إجراءات التأشيرات وهذا ما تطرقنا إليه ونادينا به، والعمل على إيجاد تأشيرة متعددة الزيارات لرجال الأعمال والذي تشهد لهم الغرفة وتعلم بحجم استثماراتهم في السلطنة، ما يسهل عملية دخولهم وخروجهم ويعمل على دعم وزيادة هذه الاستثمارات.

منافع مشتركة

وقال رئيس الجانب العماني في مجلس الأعمال العماني - الإيراني، حسين بن جواد عبدالرسول، إن التبادل التجاري بين السلطنة والجمهورية الإسلامية الإيرانية لا يليق بحجم العلاقة السياسية بين البلدين وعلاقة الجوار والموقع الجغرافي الذي يتمتع به البلدان.

وأضاف عبدالرسول أن حجم التبادل بين السلطنة والجمهورية الإسلامية الإيرانية لا يتجاوز بليون دولار أمريكي في حين أن حجم التبادل بين إحدى دول الجوار وإيران يصل إلى 17 بليون دولار، وحجم التبادل التجاري بين تركيا وإيران يصل إلى 15 بليون دولار سنويا ومن المتوقع أن يصل إلى 30 بليون دولار خلال الفترة القريبة المقبلة بحسب تصريحات البلدين.
وقال عبدالرسول: علينا أن نفكر في رفع حجم التبادل التجاري مع إيران بما يعود بالنفع على الاقتصاد العماني وتوسيع قاعدته، موضحا أن هناك العديد من المقومات السياسية والجغرافية وحتى الاتفاقيات الثنائية والدولية التي تدعم هذا التوجه.

عائق التحويلات

وأفاد عبدالرسول: ربما يكون الحظر المفروض على إيران السبب وراء تدني التبادل التجاري بين البلدين ولكن الحظر لم يكن يمنع التبادل التجاري فيما يخص الأغذية والصناعات ذات الاستخدام المدني كالأثاث والسيارات وتصدير واستيراد مختلف السلع غير المحظورة. وأضاف عبدالرسول أن التحويلات البنكية كانت أحد العوائق ولكن على السلطنة أن تكون مستعدة لفتح التعامل البنكي مع الجمهورية الإيرانية بعد رفع الحظر عنها في شهر مارس المقبل وأن تمنح كافة التسهيلات التي تخدم زيادة التعامل الاقتصادي بين البلدين.

النقل البحري
وأكد عبدالرسول أن الشحن البحري ونقل البضاعة بين البلدين قد يكون من القطاعات الواعدة التي يمكن زيادة التبادل التجاري من خلالها وكذلك يمكن من خلال موانئ السلطنة إعادة تصدير البضائع الإيرانية إلى الموانئ الأفريقية وموانئ العالم المختلفة ما سينشط قطاع النقل البحري والشحن والتخزين في السلطنة وهو ما يدعم توجه السلطنة في زيادة مساهمة القطاع اللوجستي في الناتج المحلي للسلطنة وتنفيذ الاستراتيجية اللوجستية للسلطنة، مشيرا إلى أن اتفاقية عشق أباد الموقعة بين السلطنة وإيران وتركمانستان وجمهورية أوزبكستان المتعلقة بإنشاء محور دولي للنقل والعبور بين الدول الأطراف يجب أن يتم استغلالها في تنمية حركة البضائع في موانئ السلطنة المختلفة.

وبيّن عبدالرسول أن هناك العديد من الاستثمارات التي يمكن أن يستفيد منها البلدان كما أن الجمهورية الإسلامية لديها العديد من المنتجات التي يمكن استيرادها وأن السلطنة بالفعل تستورد بعض هذه المنتجات ولكن عبر وسيط ثالث ما يتسبب في زيادة أسعارها وعدم استفادة موانئ السلطنة منها، كما أن هناك منتجات عمانية تُصدر إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية عبر وسيط ثالث ما يؤدي فعلا إلى عدم زيادة التبادل التجاري بين البلدين.

مرونة التأشيرات
وأشار عبدالرسول إلى أن موضوع التأشيرات هو أحد العوائق المعرقلة لزيادة حجم الاستثمارات بين البلدين وإن كانت قد شهدت تطورات ملحوظة خلال الفترة الأخيرة موضحا أن الوضع الحالي يتطلب وجود دعوة من السلطنة لدخول المستثمر الإيراني ولزيارة واحدة فقط في حين أن المطلوب منحه زيارة مفتوحة لمدة ستة أشهر على الأقل إذا كان يملك شهادة من غرفة التجارة الإيرانية تفيد بجدية توجهه الاستثماري.

وأفاد عبدالرسول أن القطاع السياحي هو الآخر قد يكون أحد القطاعات المستفيدة من زيادة التبادل التجاري بين البلدين حيث إن السلطنة تملك مقومات تشجع على جذب السياح الإيرانيين في حالة توفير التسهيلات المناسبة لهم.

استثمارات إيرانية
وقال رجل الأعمال والرئيس السابق لفرع غرفة تجارة وصناعة عمان في محافظة مسندم حسن بن حمد بن حسن المعيني إن العلاقة التجارية بين السلطنة والجمهورية الإسلامية الإيرانية في نمو مستمر وتستمد قوتها من العلاقات التاريخية التي لها الأثر الأكبر في دعم التبادل التجاري وتذليل كافة المعوقات والصعوبات التي تواجه المستثمرين من البلدين الصديقين وبخاصة في القطاعات الواعدة وقطاع الاستيراد والتصدير وقطاع الخدمات ومواد البناء والقطاع السمكي والحيواني سعياً لإنشاء مشاريع استثمارية ذات قيمة مضافة يستثمر من خلال الموارد والثروات المتوفرة في البلدين.

وأضاف المعيني أن أبرز الاستثمارات الإيرانية التي من الممكن أن تجذب لبيئة الاستثمار بالسلطنة هي مشاريع الخدمات والسمكية والحيوانية ومشاريع القيمة المضافة في القطاع الزراعي والسمكي كالمصانع إضافة إلى الاستثمار في القطاع الصحي والسياحي والاستيراد والتصدير.
وبيّن المعيني أن الفرصة واعدة في زيادة التبادل التجاري بين السلطنة والجمهورية الإسلامية الإيرانية خصوصا بعد رفع الحظر عن الأخيرة في شهر مارس المقبل، متمنيا في القريب أن يتم إنشاء شركات تخصصية في البلدين في استثمارات مشتركة تسعى للمشاركة في التنمية في البلدين وبشكل استثماري للمقومات والإمكانيات المتاحة وتحقيق التنوع الاقتصادي بين البلدين.

سوق واعدة
وأوضح المعيني أن السوق الإيراني سوق كبيرة ومتنوعة القطاعات التي تأتي في قطاعات عدة أهمها مواد البناء والقطاع السمكي والزراعي وقطاع الاستيراد والتصدير والمشاريع السياحية من فنادق ومطاعم ومرافق سياحية وأماكن ترفيهية ومصانع القيمة المضافة.

وأفاد النعيمي بأن بعض القوانين والأنظمة الاستثمارية وعدم تماشيها مع احتياجات السوق ومواكبة المتغيرات الاقتصادية العالمية تعد من العقبات التي لا تساعد على نمو الاستثمار بين السلطنة والجمهورية والإسلامية الإيرانية.
وعن إمكانية الاستفادة من موقع محافظة مسندم في زيادة التبادل التجاري بين البلدين قال المعيني إن محافظة مسندم تمثل موقعا استراتيجيا مهما من الممكن أن يؤدي دورا كبيرا في دعم الاستثمارات بين البلدين الصديقين ويشكل نقطة تبادل تجاري (ترانزيت) بشكل يوفر الخدمات المتنوعة ويسهم في التنمية للطرفين.

صعوبات
من جانبه قال رجل الأعمال الإيراني عبدالحسين حيدر خدري، مدير عام شركة طريق الحرير البحري للاستيراد والتصدير، إنه منذ ستة أشهر شغل خطا ملاحيا بين الجمهورية الإيرانية الإسلامية والسلطنة تنقل من خلاله البضاعة بين البلدين متحدثا عن صعوبات كثيرة واجهته خلال عمله.

وأضاف خدري أن من بين هذه الصعوبات تكلفة التعامل مع ميناء صحار حيث يعتبر الميناء الأغلى في المنطقة، بحسب تعبيره، ويتم التعامل فيه مع السفن التجارية الصغيرة بنفس تكلفة السفن الصناعية الكبيرة، مشيرا إلى أن تكلفة النقل بين موانئ مجاورة وميناء صلالة في السلطنة هي نفسها أو أقل قيمة من تكلفة النقل بين ميناء صحار وميناء صلالة رغم أن المسافة الأخيرة تعتبر أقل وفي نفس البلد ما يتطلب من إدارة ميناء صحار أن تعدل في أسعارها لتتناسب مع موانئ المنطقة وحجم التنافس بينها.

وأشار خدري إلى أن من بين المعوقات كثرة المستندات المطلوبة وتأخر إنجاز معاملات التخليص الجمركي والتفريغ وكذلك عدم وجود مخازن لتفريغ البضائع في المنطقة المجاورة لميناء صحار، مدللا على حديثه بإحدى الشحنات للمواد الخطرة التي جلبها من إيران لميناء الدقم عبر ميناء صحار حيث إن إدارة الميناء فرضت عليه نقلها مباشرة من السفينة للمركبات في حين أن التخليص الجمركي احتاج ليومين ما جعل هذه المواد الخطرة تبقى في السفينة طول هذه الفترة وشكل ذلك خطرا على سلامة السفينة والركاب وحتى على منطقة الميناء.

وأفاد خدري بأن زيادة التبادل التجاري يحتاج تبسيط الإجراءات ووضوح متطلبات الاستثمار وعدم تغييرها بين الحين والآخر كما حصل مع خطة تخصيص ميناء شناص التي قدمت للتناقص في إدارة الميناء في العام 2011 وإلى اليوم لم يتم الرد عليه أو إسناد مناقصة التخصيص لشركة أخرى أو حتى إلغاء الخطة والعرض المطروح.