نبيل.. سفير عماني غير رسمي

بلادنا الأربعاء ١٣/مارس/٢٠١٩ ١١:٤٢ ص
نبيل.. سفير عماني غير رسمي

مسقط - حليمة البوسعيدية
اسم واحد يتردد على ألسنة الآلاف من السائحين من جميع أنحاء العالم وهم يخططون لرحلتهم إلى سلطنة عمان... إنه «نبيل» – المرشد السياحي.
يرى نبيل بن جمعة الحسني، البالغ من العمر 42 عاما، والذي يعمل سائق سيارة أجرة ومرشدا سياحيا منذ أن كان في مقتبل شبابه، يرى أن المرشد السياحي النبيل النزيه يقدم خدمة جليلة لبلده. يقول نبيل لـ»الشبيبة»: «أنا فخور بمقدرتي على تعريف السائحين ببلادي بعيوني أنا».
يحصل نبيل بانتظام على 5 نجوم على موقع Trip Advisor السياحي على الإنترنت، وهو يتمتع بشعبية كبيرة الآن لدرجة أن الناس يحجزونه قبل عدة أشهر.
يقول نبيل إنه يعمل بجد وإخلاص من أجل تغيير بعض المفاهيم والأفكار الخاطئة الموجودة في عقول بعض الناس عن السلطنة والعرب. «أشعر أن من مسؤوليتي كسائق سيارة أجرة ومرشد سياحي أن أجعل السائح يرى عمان على حقيقتها، أريدهم أن يروا جمالها. هناك سائحون يقولون لي إنهم إما لم يسمعوا عن عمان من قبل أو أن لديهم مفاهيم سلبية عن العرب. وأنا بدوري أبذل قصارى جهدي لتغيير هذه الأفكار والمفاهيم الخاطئة، وأجد أن تحية السائحين عندما ألتقي بهم للمرة الأولى بابتسامة كبيرة يساعدني كثيرا في هذه المهمة».
يقوم نبيل بترتيب وتخطيط الرحلات للسائحين، ويقول: «أحيانا، يكون هناك زائرون يمرون فقط عبر السلطنة ويريدون أن يشاهدوا أكبر عدد ممكن من المواقع السياحية، ولكنهم كثيرا ما يشعرون بالتعب فآخذهم إلى بيتي لأخذ قسط من الراحة أو الاستحمام».
يضيف نبيل قائلا: «أنا أتعامل مع السائحين ليس كزائرين أجانب، بل كإخوة وأخوات لي، فهم محل اهتمام ترحيب كبير لأخذ قسط من الراحة في بيتي حيث تقوم زوجتي بعمل رسومات الحناء للنساء، وإن صادف أن كان هناك حفل زفاف في ذلك اليوم فإنني أصطحبهم معي حتى يستمتعوا بحضور الحفل.»
يقول نبيل إن الأماكن الأساسية التي يطلب السائحون زيارتها هي وادي شاب وجامع السلطان قابوس الأكبر والحصون والقلاع المختلفة، ولكنه أيضا يبذل قصارى جهده لاصطحاب السائحين لمشاهدة بعض جواهر عمان الخفية. «أحاول اصطحابهم إلى أماكن لا يمكنهم أن يجدوها على الإنترنت، فأحب مثلا اصطحابهم إلى مسجد الأمين حيث أجدهم دائما يندهشون من قلة عدد السائحين حول هذا المسجد الجميل».
لقد أثمرت تلك السنوات من الطيبة واللطف والأخلاق النبيلة التي يتمتع بها نبيل ثمارا رائعة، وقد أصبح الآن يتلقى حجوزات قبل أشهر. «هذا الشهر محجوز بالكامل عندي، والحمد لله هناك الكثير من السائحين يتصلون بي كلما عادوا إلى عمان، حتى إن بعضهم ينصح أصدقائه في الخارج بالتواصل معي عندما يأتون إلى عمان».
بعد 25 عاما من الخبرة، علّم نبيل نفسه اللغة الإنجليزية وتعلم كيفية تحويل العملات المختلفة إلى الريال العماني. يقول: «في بعض الأحيان عندما يأتي السياح من سفن سياحية لا يكون معهم ريالات عمانية، فإذا كان الوقت ضيقا آخذ منهم باليورو أو الدولار حتى لا يحتاجوا إلى تحويلها. وأنا أحاول تعلم لغات أخرى، ولكن عندما يكون السائح لا يعرف الإنجليزية فإنني دائما ما أستخدم برنامج جوجل للترجمة للتواصل معه».
يحاول نبيل باستمرار تجاوز المهام والواجبات المطلوبة من سائق سيارة أجرة ومرشد سياحي محلي، فيقول: «أساعد السياح على شراء الأغراض في الأسواق حتى لا يخدعهم أحد في الأسعار، وأحيانا إذا احتاجوا إلى كيّ ملابسهم فبدلا من أن أتركهم يدفعوا ثمنا باهظا في الفنادق آخذ ملابسهم إلى محل الغسيل والكيّ والتنظيف الجاف، وأعيد الملابس إليهم عندما تكون جاهزة».
«وعندما يغادر السياح فإنني دائما أعطيهم التمر كهدية»
وقد بدأ نبيل، وهو أب لأربعة أبناء، يصطحب معه ابنه نوح البالغ من العمر خمس سنوات معه في جولاته. «على مدار العامين ونصف الفائتين، أصطحب معي ابني، فأنا أرى فيه مرشدا سياحيا صغيرا، فأقوم بتعليمه كل ما أعرفه لأنني أريده أن يدرك أهمية أن يكون لطيفا ومهذبا ومضيافا مع الأجانب».
ولكن على الرغم من نواياه الطيبة، هناك بعض الناس ينتقدونه. يقول نبيل: «كثير من الناس يقولون لي إنني عندما أنشر صورا لنفسي مع السياح على وسائل التواصل الاجتماعي فإنني بذلك أحاول الترويج لنفسي. ولكن هذا غير صحيح، فأنا لا أفعل شيئا خاطئا، بل أحاول أن أظهر للعالم عمان على حقيقتها وما حققه صاحب الجلالة فيها من إنجازات».
«أنا أعلم أن كثيرا من الناس لديهم فكرة سلبية عنا نحن سائقي سيارات الأجرة، فهم ينظرون إلينا على أننا محتالين، ولكن ليس كل سائقي الأجرة على نمط واحد. إنه لمحزن حقا أن بعض سائقي سيارات الأجرة نظرتهم محدودة؛ فهم يفكرون فقط في حجم الأموال التي يمكنهم كسبها اليوم، ولكنهم لا ينظرون نظرة أبعد من ذلك بأن الناس سيعودون إليهم ويوصون غيرهم بهم وهذا بلا شك هو الأفضل على المدى البعيد».
عاش نبيل في مقتبل عمره حياة قاسية، ولكنه نجح بأخلاقه وصفاته الطيبة في تحقيق حياة أفضل لنفسه ولأسرته، وفي نفس الوقت قدم صورة أفضل عن عُمان في الخارج. «لم ألتحق بالمدرسة وأنا صغير، ولكن أحمد الله أنني عملت بجد لتحسين وضعي حتى أتمكن من خدمة بلدي كما أفعل الآن».