وزارة للاقتصاد.. ضرورة ملحة

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٢/مارس/٢٠١٩ ٠٤:٥٥ ص
وزارة للاقتصاد.. ضرورة ملحة

علي بن راشد المطاعني
في الوقت الذي تبذل فيه الحكومة جهودا كبيرة لتنويع مصادر الدخل في البلاد، وتعزز من الموارد غير النفطية وتهيئ كل الظروف الهادفة لتمكين الاستثمار في القطاعات الاقتصادية في البلاد، إلا أننا نلاحظ عدم وجود وزارة مختصة بالاقتصاد تنظر إلى الاقتصاد الكلي وترتب الأولويات الملحة وتدرس المستجدات في الاقتصاد العالمي والمتغيرات المتسارعة التي تؤثر على اقتصادنا الوطني وتعزز وترفد الجهات الحكومية بالمستشارين الاقتصاديين والباحثين في علم الاقتصاد وفي الأسواق.
وفي ظل عدم وجود وزارة مختصة بهذا الشأن فذلك يعني عدم وجود قيادة للاقتصاد في السلطنة ولا آلية تخطرنا إلى أين يتجه، فما هو موجود لا يعدو حالة كونه اجتهادات مقدرة من الجهات والوزارات الحكومية كل في مجال اختصاصه، قد تخطئ وقد تصيب، ليبقى الاجتهاد في حد ذاته واقعا يوجب الثناء وإن كان لا يغني من جوع.
على ذلك فإن إنشاء وزارة للاقتصاد الوطني تكتسب أهمية كبيرة على العديد من الأصعدة والمستويات التي تفرضها الضرورة الاقتصادية الملحة، باعتباره علما قائما بذاته له كلياته وجامعاته وأساتذته بل هو من العلوم التي تقوم عليها أعمدة وأركان أي دولة على اعتبار أن الاقتصاد ومدى قوته ومتانته وتماسكه هو الأساس الذي تقوم عليه الدولة بكل مؤسساتها وجهاتها، وأن صلاح الاقتصاد وصلابة عوده واستعصاء اقتلاع جذوره الضاربة أعماق الأرض على الأعاصير، يمكّننا من القول إن الدولة تسير في الطريق الصحيح ميممة شطر المجد، وإذا ما سقط وانكفأ على وجهه منذ بداية تباشير عاصفة ما وإن كانت متسامحة مع الأشجار والأغصان عندها يمكننا القول إن الدولة تسير في الاتجاه الخطأ.
تلك هي خطورة الاقتصاد في عالم اليوم، فالدول العظمى في كوكبنا لا تعدو أن تكون دولا قائمة على اقتصادات متينة وراسخة كالجبال العاتيات الراسيات الضاربات في أعماق الأرض متانة وتمكينا، وهذا هو ترياق التقدم والرقي والشموخ في عالم اليوم.
وإذا ما ألقينا نظرة موضوعية على هرم البناء الاقتصادي لدينا فإننا نجده يقوم على خمسة قطاعات رئيسية حُددت كمفاصل تُفضي لتنويع مصادره وهي السياحة والتعدين واللوجستيات والصناعة والزراعة والثروة السمكية وهذه القطاعات تتولى كل جهة مسؤوليتها في إدارة الاستثمارات فيها وتطويرها إلا أن من يحدد أي القطاعات أهم وأيهما أولى بالرعاية العاجلة وأيهما الذي يليه في الأهمية وفي الجدوى من بعد تعديد الأسباب والمسببات الي تملي ضرورات التعجيل والتأخير والتمهل والتريث كل تلك القرارات من مهام وزارة الاقتصاد المفتقدة، وكلها قرارات تصدر من قبل الخبراء والعلماء بها، وباعبتار أن هكذا قرارات هي (علمية) بحتة ولا علاقة للعاطفة أو الاجتهادات الشخصية بها، ويمكننا تسميتها بقرارات (أن نكون أو لا نكون) كإشارة لخطورة الأمر وعظمته.
البعض يرى أن وجود مجلس أعلى للتخطيط وبرنامج تنفيذ يقوم بهذه المهمة، هنا نجد خلطا كبيرا في هذا الشأن، فدور مجلس التخطيط تنموي في المقام الأول ويعمل وفقا لمنطوق المرسوم السلطاني السامي رقم 30/2012، وكذلك برنامج تنفيذ فهو إجرائي لا أكثر.
نأمل أن تُنشأ وزارة للاقتصاد للأهمية التي تمثلها ووفقا لما أشرنا إليه بعاليه فبدونها سيبقى اقتصادنا الوطني كسفينة تنخر عباب البحر تتقاذفها الأمواج وتوجهها الرياح كيفما شاءت وأرادت، ونربأ باقتصادنا الوطني أن يكون هكذا وتحت أي شعار كان.