ضمان استمرار صعود أفريقيا

مقالات رأي و تحليلات السبت ٢٦/مارس/٢٠١٦ ٢٣:٤٢ م
ضمان استمرار صعود أفريقيا

نغوزي أوكونجو إيويالا
إن صعود أفريقيا هو عرضة لخطر التعثر. فبعد السنوات التي نما فيها اقتصاد القارة بمعدل سنوي متوسط قدره 5 %، يهدد عدم الاستقرار العالمي وانخفاض أسعار السلع الأساسية والظروف الخارجية الحرجة بتقويض عقود من التقدم نحن في أمس الحاجة إليه. كما أن ضمان الثروة والرفاهية لسكان القارة لن يكون سهلا. لكن يمكن لصناع السياسة القيام بالكثير لوضع أفريقيا على طريق صاعد مرة أخرى.

أولا وقبل كل شيء، يجب أن يُؤمن صناع السياسة التمويل اللازم لتحقيق التنمية المستدامة في بيئة عالمية غير مؤكدة. وحسب تقديرات البنك الدولي فإن أفريقيا سوف تتطلب ما لا يقل عن 93 بليون دولار سنويا لتمويل احتياجات البنية الأساسية وحدها. وستكلف البنية الأساسية المستدامة الملائمة للمناخ أكثر من ذلك. لكن إذا ظل النمو العالمي في حالة ضعف، فلن يستطيع الأفارقة الاعتماد على الدول المتقدمة في الوفاء بكل التزاماتها بالمساعدة في تحقيق الأهداف الإنمائية المستدامة.

يجب على أفريقيا أن تطور مواردها الخاصة بأسرع ما يمكن، بداية بمضاعفة عائدات الضرائب تقريبا. ففي جميع أنحاء بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، تمثل عائدات الضرائب أقل من خمس الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع أكثر من الثلث في بلدان منظمة التعاون والتنمية. وهذا يعني أن هناك الكثير من المجالات للتحسين. ومن العام 1990 إلى العام 2004، قامت غانا بإصلاح نظامها الضريبي ورفع العائدات من 11 % إلى 22 % من الناتج المحلي الإجمالي. وقد تبث أن مثل هذا التقدم صعب. ففي نيجيريا، رأينا فرصة في تحصيل الإيرادات الضريبية غير النفطية، لكن لم ننتهزها بما فيه الكفاية.
إن المصدر الآخر للموارد المحلية هو تقريبا 380 بليون دولار في أصول معاش التقاعد التي تحتفظ بها عشرة بلدان أفريقية فقط. وينبغي لصناع السياسة الاستفادة من هذه المبالغ الكبيرة. ففي الوقت نفسه، ستضطر البلدان الأفريقية أن تجد وسيلة لتنويع اقتصاداتها. فالتنويع يتطلب الاستثمار في المستقبل، في شكل من أشكال التعليم والبنية الأساسية المتطورة، بما في ذلك الاتصالات والطاقة والطرق والسكك الحديدية والماء.
هناك الكثير من النماذج التي يجب إتباعها: مثل دبي، سنغافورة، تايلاند، ماليزيا، المكسيك، اندونيسيا، وكوريا الجنوبية الذين نالوا إعجاب الأفارقة كمثل للاقتصادات التي نجحت في تحويل نفسها. خططت دبي مثلا، منذ أكثر من ثلاثة عقود، للتحضير للمستقبل من دون النفط. كما قامت الحكومة بتنفيذ تحول البلاد خطوة بخطوة إلى اقتصاد الخدمات، كما أخذت بعين الاعتبار البنية التحتية والحوافز اللازمة لبناء الخدمات المالية والسياحة والخدمات الطبية والعقارات والإعلام والفن والثقافة. نموذج كوريا الجنوبية وسنغافورة، رغم عدم توفرهما على الموارد الطبيعية التي يمكن الاعتماد عليها، لا يقل أهمية عن الآخرين. إن السر وراء نجاح هذه الدول هو بلا شك وجود قادة في قمة التركيز، سواء كانوا مستبدين راسخين أو مستبدين غير ضارين أو سياسيين منتخبين ديمقراطيا، لهم رؤية مشتركة لاقتصاد واسع النطاق. إن لدى بلدان أفريقيا جنوب الصحراء مسارات للنمو في القطاعات المتنوعة والتي لم يتم الاهتمام بها: كالزراعة ذات القيمة المضافة والصناعات الزراعية وتجهيز الموارد المعدنية ومجمعات البتر وكيماويات، وتصنيع السلع المعمرة والاستهلاكية والسياحة والترفيه، وقطاع تكنولوجيا المعلومات الناشئة.

مع تنفيذ التدابير اللازمة للتنويع، يتعين على صناع السياسة التأكد من أن النمو الاقتصادي الذي يسعون وراءه سيوجد فرصا للشغل. لكن مع الأسف، لم يكن هذا هو الحال دائما. إذ لم يستفد من النمو الأخير سوى عدد قليل، وقد تم التخلي عن الكثير - على الأخص الشباب والنساء. من العام 2006 إلى العام 2013، ارتفعت اللا مساواة في العديد من الاقتصادات الأكثر أهمية في القارة، بما في ذلك جنوب أفريقيا ونيجيريا وغانا وتنزانيا ورواندا.

هذه هي التحديات التي كنا سنبدأ بالتصدي لها في نيجيريا عندما كنت وزيرا للمالية. كنا نعرف أننا بحاجة ليس فقط لضمان النمو، ولكن أيضا لتحسين نوعية هذا النمو.وتحقيقا لهذه الغاية، يتعين على صناع السياسة ضمان توجه النمو إلى القطاعات التي تخلق فرص عمل، مثل الزراعة والصناعة والخدمات. كما يجب عليهم أيضا إعادة توزيع الدخل وتعزيز شبكات الضمان الاجتماعي لحماية الفقراء بشكل أفضل.

إن التوفيق بين المهارات وفرص العمل سيكون أمرا حاسما. فحوالي 70 % من سكان أفريقيا هم دون سن الثلاثين، والقارة هي موطن لنصف الأطفال في سن الدراسة الابتدائية في العالم الذين حرموا من فرصة المدرسة. ويجب أن يكون على رأس الأولويات توفير الفرصة لأطفال أفريقيا للحصول على المهارات الأساسية والتكنولوجيا والقراءة والكتابة ، وكذلك التدريب المهني والتقني والعملي.

وزير المالية السابق لنيجيريا

وزميل زائر متميز في مركز التنمية العالمية