السينما في الخليج..وتجاوز مرحلة "الحبو"!

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٢٤/مارس/٢٠١٦ ٠٠:٠٣ ص
السينما في الخليج..وتجاوز مرحلة "الحبو"!

مجدي الشاذلي

يبدو أن الهم السينمائي الذي يعشش بين ضلوع السينمائيين الخليجيين، لا يزال يراوح في مكانه رغم مرور الزمن، وما أن تتاح فرصة اللقاء فيما بينهم، إلا ونسمعهم يتبادلون نفس الأنين من تردي الأوضاع المتعلقة بالإنتاج السينمائي في منطقة الخليج، ذلك الأنين الذي تصاعدت نغمته وارتفعت وتيرته خلال السنوات الأخيرة حتى تحول إلى حالة عامة تلمسها بوضوح في المهرجانات التي تقام في دول المنطقة، بل وتلك التي تقام خارج المنطقة وتتطرق في حلقاتها النقاشية إلى ذلك الهاجس .."السينما في الخليج".
وفي هذا السياق، ظل مهرجان مسقط السينمائي يشكل بيئة حاضنة دائما للالتقاء والنقاش بين نخبة من السينمائيين في دول مجلس التعاون، ولعل ما جرى في المهرجان التاسع الذي يختتم فعالياته غدا الجمعة، ليذكرني بما جرى في دورات أخرى سابقة، أبرزها الدورة السادسة التي أقيمت في العام 2010، حين تطرقت الدورة السادسة إلى مناقشة قضايا ومشكلات السينمائيين الخليجيين وبحث المشاركون فيها سبل النهوض بالسينما الخليجية.
ولعل ما ذكره الناقد السينمائي عماد النويري في إحدى ندوات اليوم الثاني لمهرجان مسقط السينمائي التاسع، من أن أغلب التجارب السينمائية التى قدمت حتى الآن في دول الخليج هى في الغالب تجارب فردية، مبررا ذلك بتأخر ظهور السينما فى دول مجلس التعاون نتيجة الانشغال الحكومي بمشروعات البنية التحتية، هذا الحديث يتفق أيضا مع ما قاله في مهرجان مسقط قبل 6 سنوات، انتشال التميمي مبرمج الأفلام العربية في مهرجان أبو ظبي السينمائي قبل توقف المهرجان، حين صرح أن السينما الخليجية مازالت "تحبو"، وإنها كأية حالة ثقافية أخرى تحتاج إلى قاعدة ومقومات ومناخ يشجع على الإنتاج، سواء كان المناخ المقصود فنيا أو ماديا.
الأمر ذاته أكد عليه الفنان البحريني جمعان الرويعي في ندوة المهرجان الحالي، مشيرا إلى غياب الدعم الحكومي عن عملية الاستثمار في صناعة السينما سواء في البحرين أو في بقية دول الخليج، وهو ما ذكرني بما قاله الفنان الكويتي منصور المنصور في المهرجان السادس حول إحجام رأس المال الخليجي عن الاستثمار في الإنتاج السينمائي، والذي كان سببا أساسيا في عدم تطور السينما الخليجية.
هذه المعاناة يمكن أن تسمعها أيضا من سينمائيين في عواصم خليجية أخرى مثل دبي والدوحة والرياض..مما يضعنا أمام أزمة مستمرة لا تزال تكبل السينما الخليجية، وتعوق تطورها إلى درجة جعلتها لا تتواكب مع التطور الذي حدث في مختلف مجالات التنمية في دول الخليج، رغم أن السينما الخليجية لو حظيت بالاهتمام الكافي خلال العقود السابقة لكانت لعبت دورا تنمويا وتثقيفيا وتوعويا لا يقدر بمال، بل أن السينما أصبحت الآن بديلا بصريا في غاية الأهمية لمواجهة ما تعانيه المنطقة العربية ككل من انتشار بغيض لبعض الأفكار والجماعات المتطرفة التي تسببت في وقوع حوادث مؤسفة جراء العنف والإرهاب.
ولا يفوتني في هذا المجال، حديث المخرج خالد بن عبدالرحيم الزدجالي رئيس مهرجان مسقط السينمائي خلال الندوة التي أقامها المهرجان الحالي، ووصفه لحال صناعة السينما في الخليج بـ"الواقع المرير"، وهو ما دفع فنانا كبيرا مثل سمير صبري للتعليق على هذا الوصف مؤكدا على ضرورة دعم الدولة لصناعة السينما، ومشيرا إلى أن صناعة السينما في مصر لم تنجح في بداياتها الأولى إلا من خلال ملكية الدولة لشركتي الانتاج الرئيسيتين آنذاك وملكيتها لكافة دور العرض السينمائي كذلك.
ولا ينفصل هذا عما اقترحه المخرج الكويتي حبيب حسين، بأن ينصب الاهتمام أيضا على صناعة الفيلم الوثائقي والتسجيلي على اعتبار أن الحديث عن السينما وأزماتها ينصرف دائما إلى الأفلام الروائية الطويلة، وهو اقتراح ربما يفتح نافذة إضافية مهمة أمام السينمائيين الخليجيين للعمل على تجاوز مرحلة "الحبو" نحو تأسيس قاعدة صلبة ودائمة لصناعة السينما في الخليج.