مسقط -
أعلن نائب الرئيس الأول لتطوير المشاريع الدولية في شركة جلاس بوينت نزار اللواتي أن مشروع «مرآة» للاستخلاص المعزز للنفط باستخدام الطاقة الشمسية سيبدأ فعلياً في الربع الأول من العام 2017 بعد ما حقق النموذج التجريبي نجاحاً باهراً تخطى التوقعات.
وأكد اللواتي في حوار لـ «الشبيبة»، أن المشروع يعمل على مراحل بشكل يسمح ببدء استخراج النفط باستخدام البخار المنتج من الطاقة شمسية من كل مرحلة فور استكمالها، ولا حاجة للانتظار حتى اكتمال المشروع لكي يبدأ العمل. موضحاً أن التنفيذ جار بالسرعة المطلوبة لضمان قدر أكبر من الفاعلية.
تقنية مبتكرة
وقال إن التقنية الجديدة تقوم على تركيب المرايا المقوسة داخل غرف زجاجية محكمة الإغلاق، لتركيز أشعة الشمس في أنبوب الغلي الذي يحتوي على الماء حيث تقوم الطاقة المركزة بغلي الماء لإنتاج بخار عالي الجودة، ليغذي شبكة توزيع البخار الموجودة في حقول النفط. وتم تصميم هذه التقنية خصيصاً لتفي بالاحتياجات الخاصة لصناعة النفط والغاز.
مضيفاً في السياق ذاته أن التقنية لا تتأثر بالطبيعة الصحراوية لحقل أمل في جنوب السلطنة، رغم العوامل الطبيعية السيئة المتمثلة بالعواصف والأتربة، إذ أن الغرف الزجاجية كفيلة بحماية المرايا من العوامل الطبيعية، كما تستخدم التقنية آلية الغسل الآلي لتنظيفها من الأتربة والرواسب. مؤكداً أن قوة تلك التقنية ببساطتها وسهولتها.
أكبر محطة في العالم
وأكد اللواتي أن مشروع «مرآة» الذي ينفذ مع شركة تنمية نفط عمان هو أكبر محطة طاقة شمسية في مجال النفط والغاز في العالم، إذ يمتد على مساحة 3 كيلومترات مربعة، أي ما يعادل نحو 360 ملعب كرة قدم، موضحاً أن السلطنة كانت السباقة في استخدام تلك التقنية، وبدأت دول أخرى تسير بالمشروع نفسه بعد إثبات فاعليته، موضحاً أن جلاس بوينت افتتحت مكتباً في الكويت وثمة حديث عن إمكانية إقامة مشروع مماثل فيها إذ تمتلك الكويت كميات ضخمة من النفط الثقيل.
فوائد اقتصادية
واعتبر اللواتي أن شركة تنمية نفط عمان كانت حريصة على احتساب عوامل التكلفة والقيمة الاقتصادية للمشروع، وهو ما يتحقق من خلال توفير كميات هائلة من الغاز الطبيعي الذي كان يستخدم باستخراج البخار، ويمكن الآن استخدامه في قطاعات اقتصادية أخرى كتوليد الطاقة والصناعات البتروكيميائية كما يمكن تصديره للخارج ما يؤمن موارد إضافية للسلطنة». مؤكداً أن للمشروع «فوائد اقتصادية ويساهم في دعم الناتج المحلي للسلطنة فعند توفير الغاز بكميات الكبيرة يؤمن المشروع الكثير من فرص العمل، ولكونه المشروع الأول من نوعه في المنطقة، فهو يقدم بالتالي القوة المعرفية وخبرات جديدة للعمانيين غير متوافرة في الدول المتجاورة». مؤكداً أن «نسبة التعمين وصلت إلى حدود 60 في المئة، وثمة خطة لزيادة النسبة مستقبلاً.مراحل وتنفيذ المشروع
وعن مراحل المشروع أكد اللواتي أن المشروع بدأ من خلال مشروع تجريبي في حقل أمل لاختبار الجدوى التجارية لتوليد البخار باستخدام الطاقة الشمسية، ونجح الحقل التجريبي في أنتاج 50 طناً من البخار في اليوم. وأثبتت المرحلة التجريبية التي استمرت لمدة عام، نجاحاً جيداً، وستستمر المحطة التجريبية، التي تبلغ سعتها 7 ميجاواط، في العمل بجانب المحطة الجديدة.
وعن التنفيذ الفعلي للمشروع كشف اللواتي أنه تمت تسوية الأرض وبدأ التركيب الفعلي للبيوت الزجاجية على أن يصبح المشروع جاهزاً لإنتاج البخار عبر الطاقة الشمسية في الربع الأول من العام 2017، على أن تتم بقية المراحل تباعاً، غير أن الجدول الزمني لاكتمال المشروع مرتبط بتطوير حقل أمل ولم يتم التثبت منه بعد، علماً أن التكلفة الإجمالية للمشروع هي 600 مليون دولار أمريكي.
وعند الانتهاء من المشروع، سوف تولِّد محطة «مرآة» في ذروة الإنتاج أكثر من 1 جيجاوات من الطاقة الحرارية، والذي سيجعلها واحدة من أكبر محطات توليد البخار بالطاقة الشمسية في العالم. وثمة العديد من الوسائل لقياس «أكبر محطة»، ولكن الأكثر شيوعاً هي ذروة الإنتاج أو لوحة السعة. ومن بين جميع لوحات السعة المصرح بها علناً للمحطات الحرارية التي تستخدم الطاقة الشمسية، فهذه ستكون الأكبر.
انخفاض أسعار النفط
وعن جدوى المشروع في ظل انخفاض أسعار النفط يقول اللواتي: قد يفترض البعض أنه لا يمكن تنفيذ مشروع مثل «مرآة» في ضوء انخفاض أسعار النفط، ولكن بالحقيقة الوضع على العكس تماماً فانخفاض أسعار النفط سيحفز منتجي النفط إلى البحث عن وسائل أقل تكلفة لتوليد الطاقة التي يحتاجون إليها لتغذية عملياتهم، الأمر الذي يوفره مشروعنا. وعندما تكون أسعار النفط مرتفعة، سيولي المنتجين اهتماما أقل لتكاليف التشغيل وسيتم التركيز على كيفية زيادة الإنتاج. في حين أنه عند انخفاض أسعار النفط مثل الوضع الذي نعاني منه اليوم، تتطلع شركات النفط حول العالم إلى خفض تكاليف الإنتاج. وفي حقل النفط الثقيل، يكلف شراء الوقود لتوليد البخار 60 في المئة من تكلفة التشغيل للحقل. ولكن عند استخدام الطاقة الشمسية يمكن للمشغلين الحد من استهلاك الغاز بنسبة تصل إلى 80 في المئة، وبالتالي التخفيض من تكاليف التشغيل بشكل كبير».
وعند اكتماله، سيوفر المشروع 5.6 تريليون وحدة حرارية بريطانية من الغاز، ومن خلال الحفاظ على مواردنا الثمينة من الغاز يمكننا تحويله إلى غاز مسال واستخدامه في قطاعات الصناعات الاستراتيجية أو توليد الطاقة وبالتالي تحفيز الاقتصاد وإيجاد فرص عمل أكثر. مؤكداً، أن اليوم هو الوقت الأنسب للاستفادة من الطاقة الشمسية والنفط معاً للحد من التكاليف وتحقيق أهداف الطاقة على المدى الطويل.
جوائز دولية
وكان مشروع «مرآة» حاز على جائزة التأثير الدولية للعام 2016 لتكريم الشركات والفرق المتميزة التي تعد من الشركاء في المشاريع المشتركة لمجموعة شل العالمية، والتي تظهر التزاما استثنائيا للبحث عن وسائل وحلول لتنفيذ أعمالها بطرق فعالة وأكثر أمانا وبتكلفة أقل، بالإضافة إلى تحسين النتائج وتشجيع أفضل الممارسات لتشجيع الآخرين على الاستفادة منها. و«بالنسبة لنا فهي تعكس حقيقة وجود تناغم بين الطاقة الشمسية وصناعة النفط والغاز، كما وتعد شهادة حقيقية على جهودنا المشتركة لاستخلاص النفط الثقيل بأسلوب مستدام وصديق للبيئة».
مشاركة في مؤتمر ومعرض للنفط
وعن مشاركة جلاس بوينت في النسخة العاشرة من مؤتمر ومعرض غرب آسيا للنفط والغاز، قال اللواتي «إن المعرض شكل فرصة لعرض التقنية المبتكرة التي تستخدمها جلاس بوينت، لا سيما أن العالم اليوم يتجه نحو حلول اقتصادية وصديقة للبيئة لاستخراج النفط الثقيل، ولاسيما أن هذا النفط يشكل 70 في المئة من مجمل النفط العالمي، مع تضاؤل كمية النفط «السهل» عاماً بعد عام. مؤكداً أن في العالم الكثير من التقنيات المستخدمة في الاستخلاص المعزز للنفط عبر الطاقة، وثمة الكثير من الشركات التي تستخدم البخار بالضخ العالي، غير أن التقنيات المتوافرة تعتمد الطاقة لاستخراج الطاقة، أي تستخدم الغاز الطبيعي أو الديزل لتسخين المياه وتحويله إلى بخار، «أما التقنية التي أتت بها جلاسبوينت فهي تقوم على استخدام الطاقة النظيفة أي من الطاقة الشمسية لتحويل الماء السائل إلى بخار.