ابحث عن «فضولي»

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١١/سبتمبر/٢٠١٨ ٠٤:٢٧ ص
ابحث عن «فضولي»

د. لميس ضيف
في صبانا كنا نتابع مجلة ماجد التي عرفتنا على «فضولي».. وفضولي هذا يا سادة هو شخصية كارتونية مندسة. تختبئ بين ثنايا قصص شخصيات المجلة الذين لم أعد أذكر منهم إلا شخصية الضابط خلفان. لم يكن لفضولي ذاك وظيفة أو قصة أو دور في أحداث الرواية. لكن التحدي كان يتمثل في اكتشافه لإثبات قوة ملاحظتك وبديهتك. قد تجده وراء شجرة أو في زاوية أو متواريا بين زحام خلفية للأبطال وكان عنوان المسابقة هو «ابحث عن فضولي» وعليك أن تراسل المجلة بمكانه وقد تفوز بنشر اسمك في العدد الذي يليه «لاحظوا هنا تواضع أحلام ومسابقات الأطفال وقتئذ»..

ما علينا. انتهى زمن تلك اللعبة. واختفى «فضولي» من حياتنا كأطفال ليظهر لنا ألف فضولي في حياتنا الراشدة. أناس يسألونك عن تفاصيل دقيقة في حياتك. لا تهمهم ولا تعنيهم. ولكنهم يتحرقون لمعرفتها على أية حال.
ولا يكتفي السادة الفضوليون بالتحقيق معك في حياتك. بل يسألون المرء أحياناً عن راتبه أو دخله. قيمة سيارته. شركاؤه في الأعمال.. عمره.. بعض «الاستفسارات» تثير الضيق لأنها انتهاك للخصوصية. أما بعضها فجارح ومحرج. لا يراعي إحساس من أمامه.
تروى لي أحداهن أنها باتت تكره التجمعات الاجتماعية، «يسألني النساء عن عدد أطفالي، فأخبرهن بأني لم أنجب للآن – تقول محدثتي – بعضهن يكتفين بذلك ويختمن الحديث بذلك أما البعض الآخر فيسألن: منذ متى وأنت متزوجة؟ هل المشكلة منك أو من زوجك؟ هل جربتي «المسح» هل جربتي «الكلوميد» وأسئلة أخرى يضيق منها صدري وأشعر بالحرج للخوض فيها مع عابرات لا تربطني بهن علاقة وثيقة وفي الوقت ذاته استثقل صدهن خصوصاً إن كن في عمر أمي».
أقرباء «السيد فضولي» هؤلاء ليسوا مطالبين بإعادة النظر في ما نطلق عليه في الخليج «لقافتهم» بقدر ما هم مطالبون للالتفات للإشارات التي يطلقها من أمامهم. وتحسس ضيق «انزعاج» نفور من يحدثونه وقراءة مدى تجاوبه من إجاباته المقتضبة أو المرتبكة. فالبعض، في الطيارات على سبيل المثال أو الصالونات أو العيادات، يتحدث لمجرد الحديث بهدف إزجاء الوقت لا أكثر. وقد يتجاوب معهم من أمامهم وقد لا يفعل.
أما إذا وجدت نفسك أمام هذه النوعية فغير الموضوع أو توقف.. فقد وجدت السيد «فضولي»..
lameesdhaif@gmail.com