إعادة توزيع الموظفين!

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٨/أغسطس/٢٠١٨ ٠٣:٥٣ ص
إعادة توزيع الموظفين!

علي بن راشد المطاعني

أفرز التوظيف في السنوات الفائتة وبالأخص بعد 2011م، تخمة كبيرة في بعض الوزارات والجهات، في حين تعاني بعض الوحدات الحكومية من عجز في الموظفين أو نقص ينعكس على أداء خدماتها للمراجعين أو الارتقاء بعملها إلى مستويات أفضل مما هي عليه، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في توزيع الموظفين على الجهات الحكومية لتتسق مع الحاجة الفعلية إليهم في تسيير الأعمال.
واقعيا نجد الكثير من الجهات الحكومية تعاني من فائض في الموظفين في مقابل أعمال قليلة من الممكن أن يؤديها ربع العدد المتوفر، كما أن التقنيات الإلكترونية والحاسوبية الحديثة اختزلت أعداد العاملين أو سهلت القيام بأعمال كان يقوم بها عدد وافر من الأيدي العاملة، في حين نجد أن بعض الجهات يتطلب رفع أدائها رفدها بالمزيد من الموظفين وبخاصة الوزارات أو الهيئات ذات الطبيعة الاستثمارية والعمل بها له قيمة مضافة عالية تعود بالنفع على الدولة كالارتقاء بخدمات المراجعين والأقسام الأمامية التي تتعامل مع المراجعين أو الجهات الاقتصادية ذات الطبيعة الإنتاجية.
فعلى سبيل المثال لا الحصر هناك عدة آلاف من الوعاظ بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية، وهم يمثلون فائضا واضحا، هؤلاء يمكن الاستفادة منهم لسد النقص بوزارة التربية والتعليم كمساعدين في المدارس بعد تأهيلهم وتدريبهم ليكونوا معلمين بخاصة وأن مؤهلاتهم وتخصصاتهم تنسجم مع الوظائف التعليمية والتربوية وهناك كثير من النماذج في العديد من أجهزة الدولة.
إن طبيعة العمل في جهات عدة كوزارة القوى العاملة والتجارة والصناعة والسياحة والهيئة العامة لتشجيع الاستثمار وتنمية الصادرات والأمانة العامة للضرائب وكل الجهات التي لها علاقة بالإنتاج والإنتاجية له قيمة مضافة ولابد من تسريعه وتجويده وهو أمر في غاية الأهمية في المرحلة المقبلة، وربما أن هذه الجهات تعاني في صمت من قلة أعداد العاملين وتحتاج في ذات الوقت لتعزيز وتفعيل خدماتها، إلا أن ظروف التوظيف تحول دون ذلك ما يبقي طبيعة العمل على ذات النسق البطيء في حين أن العكس ينبغي أن يكون هو الصحيح في إطار حتمية علو كعب الصالح العام.
إن نسق العمل الحكومي يجب أن يكون متكاملا ومتجها كليا لتطوير الخدمات المباشرة المقدمة للمواطنين والمراجعين وتجويد الخدمات لهم وفي ذات الوقت يرتقي تصاعديا بمعدلات الإنتاج والإنتاجية وتأكيد ضمان استمرار التدفقات النقدية للدولة وهذا لا يتأتى إلا من خلال رؤية واضحة في رفد الجهات الإنتاجية والخدمية بكوادر مؤهلة خصما على التكدس القائم لدى بعض الجهات بدون فاعلية إنتاجية تذكر.
فعندما نجد أن بعض الجهات تعمد على الاستعانة ببعض الموظفين من جهات أخرى عن طريق الانتداب فذلك يعني منطقيا أنها تعاني من نقص كمي أو كيفي في العاملين وفي ذات الوقت يعني ذلك وجود فائض لدى تلك الجهة التي لم تبد امتعاضا إذ هي تتخلي عن بعض موظفيها، وتلك مؤشرات تؤكد صحة ما ذهبنا إليه.
نأمل أن يُعاد توزيع العاملين في أجهزة الدولة وأن تتم الاستفادة من الكفاءات والقدرات المكدسة في بعض الجهات وبما يسهم في تسريع وتيرة العمل في جهات تعاني من قلة في أعداد الموظفين.