وزارة التراث والثقافة تكشف عن آثار سفينة برتغالية

مزاج الأربعاء ١٦/مارس/٢٠١٦ ٠٠:٤٦ ص
وزارة التراث والثقافة تكشف عن آثار سفينة برتغالية

مسقط - محمد فهمي
كشفت وزارة التراث والثقافة عن حطام في جزر الحلانيات يعود لسفن الهند الشرقية البرتغالية والتي كانت جزء من الأسطول الحربي لفاسكو دي جاما (1502-1503) المتجه إلى الهند.
وقال مدير المشروع الاستكشافي ديفيدل ميرنز من مؤسسة بلووتر ركفوريز البريطانية خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد صباح أمس الثلاثاء بوزارة التراث والثقافة : استطعنا العثور على مجموعة من القطع واللقى الاثرية النادرة والتي توضح تفاصيل حقبة تاريخية مهمة، وتمثلت تلك اللقى في قرص من النحاس عليه شعار النبالة الملكي البرتغالي (esferaarmila) الذي كان الشعار الشخصي من الملك دوم مانويل الأول. بالاضافة الى جرس برونزي مع نقش يدل على ان تاريخ بناء السفينة كان 1498 م. وعملات معدنية ذهبية تسمى كروزايدو (cruzado) سُكت في لشبونة بين عامي 1495 و 1501م. بالاضافة الى عملة فضية نادرة للغاية تسمى إنديو (Indio) والتي سكت بتكليف من دوم مانويل في عام 1499م خصيصاَ على وجه التحديد للتجارة مع الهند. هذه الندرة الشديدة للإنديو (هناك فقط عملة واحدة اخرى مماثلة معروفه في العالم) تأتي من مكانتها الأسطورية بصفتها عملة دوم مانويل "المفقودة" أو "الشبح".
وأضاف أن الجزء الأكبر من القطع الأثرية المكتشفة كانت من المدفعية والذخائر من الترسانة التي كانت على متن السفينة. والتي شملت طلقات من الرصاص والحديد والحجر من مختلف الأحجام، وعدد كبير من قطع المدفع من البرونز وبعض الأسلحة النارية القديمة.
وأشار ديفيدل ميرنز الى أن هذه المكتشفات تقدم دليلا ملموسا على الهدف العسكري من هذا الأسطول كما أمر به دوم مانويل والذي نفذ من قبل فاسكو دا جاما واثنين من أخواله فيسنتي وبراسسودري. وإستناداً إلى الدراسات المستقبلية على القطع الأثرية فإن الأهمية التاريخية والأثرية لموقع الحطام ستكون هائلة باعتبارها واحدة من اوائل سفن الإكتشافات التي تسبق زمنياً أي إكتشاف اخر لغرق السفن الايبيرية بحوالي 30 أو 50 عاماً ، فمن المتوقع أن تكشف القطع الأثرية عن اكتشافات جديدة حول الكيفية التي كانت تدار بها التجارة البحرية والحرب في المحيط الهندي في مطلع هذا القرن.

دعم واسناد حكومي
وعن مساهمات الجهات الحكومية في مشروع اكتشاف حطام سفن فاسكو دي جاما قال ديفيدل ميرنز: لقد استفاد المشروع كثيرا من مساهمات العديد من الجهات الحكومية والمعاهد وعلماء الآثار الخبراء المستقلين الذين قاموا بتحليل القطع الأثرية بمنتهى الدقة وبإستخدام التقنيات المتطورة. وشملت الجهات الحكومية المساهمة بالمشروع البحرية السلطانية العمانية وسلاح الجو السلطاني العماني وشرطة عمان السلطانية والتي قامت بعمليات الدعم والإمداد ووزراة البيئة والشؤون المناخية بالإضافة إلى أهالي جزر الحلانيات، كما شملت معاهد ومؤسسات جامعة بورنموث ومؤسسة سميثسونيان وصندوق الإستثمار للآثار البحرية (Maritime Archaeology Sea Trust) وجامعة نوفا دي لشبونة وWGM من جامعة وارويك ومختبر أيسوتراس أكسفورد وبنك البرتغال وجمعية لشبونة الجغرافية والمعهد الوطني للطاقة والجيولوجيا في لشبونة ومركز التاريخ الجيولوجي لندن وجامعة درهام وصندوق ماري روز في المملكة المتحدة. بالاضافة الى دعم جزئي مقدم إلى مؤسسة بلوووترريكفوريز من مجلس الجمعية الوطنية الجغرافية للبعثات الإستكشافية ( National Geographic) ومؤسسة Waitt.

كفاءة ومهنية عالية
أما مستشار وزير التراث والثقافة لشؤون التراث سعادة حسن بن محمد بن علي اللواتي فقد قال: أن مشروع الإكتشاف هذا يعتبر الأول من نوعه على مستوى السلطنة والمنطقة الذي ينفذ في مجال التنقيب عن الآثار المغمورة بالمياه. ولهذا فقد سعت الوزارة إلى تنفيذ المشروع بكفاءة ومهنية عالية وذلك بالتعاون والتعاقد مع بيت خبرة عالمي في هذا المجال وأيضاً بالإلتزام بالمعايير الدولية التي أقرتها منظمة اليونسكو لحماية الآثار المغمورة بالمياه خاصة إتفاقية اليونسكو لعام 2001. كذلك فإن المشروع قد وفر فرصة رائعة في مجال بناء القدرات الوطنية تمثلت في تدريب الفريق الوطني العماني على كافة الجوانب ذات الصلة بأعمال البحث والتنقيب تحت المياه.

-----------------------------------
توثيق حقبة تاريخية
من جانبه قال الأستاذ المساعد بقسم التاريخ في جامعة السلطان قابوس د. إبراهيم البوسعيدي: يعد وصول البرتغاليين الى الهندعام 1498م بقيادة فاسكو دا جاما بداية لمرحلة جديدة من التواصل بين الشرق والغرب في مستهل العصور الحديثة، هذا الاكتشاف التاريخي يوثق لهذا التواصل ويؤكد مكانة عمان العالمية واهميتها في خضم التنافس الدولي بين القوى المختلفة منذ مطلع العصور الحديثة، سوف تسهم القطع الاثرية –التي عثرعليها ضمن حطام السفينة الغارقة الخاصة بالقبطان البرتغالي فيسنت دي سودريه (1503م) – في تزويد الباحثين والدارسين في مجال الكشوف الجغرافية والدراسات المرتبطة بالمحيط الهندي بالكثير من المعلومات التاريخية المرتبطة بطبيعة الحملات البرتغالية الى الشرق واهدافها، وانواع السفن والاسلحة اضافة الى الجوانب الاقتصادية مثل العملات، كما يضفي الكثير من الحقائق التاريخية ويدعم مادونته المصادر والوثائق المرتبطة بالوجود البرتغالي في الشرق.
يذكر أنه تم إكتشاف موقع الحطام بداية بواسطة فريق من مؤسسة بلو ووتر ركفوريز البريطانية عام 1998 وذلك في الذكرى الخمسمائة لرحلة فاسكو دي جاما الملحمية لإكتشاف الطريق البحري المباشر إلى الهند، ويعتبر العام 2013 هو الإنطلاقة الحقيقية لأعمال المسح والتنقيب الأثرية بشكل كامل وبإشراف من وزارة التراث والثقافة، بعدها تم القيام بعمليتي تنقيب إضافيتين في اعوام 2014 و2015 حيث تم إكتشاف ما يقارب من 2800 قطعة أثرية، وقد قامت الوزارة بإدارة وتنفيذ المشروع بالتعاون مع مدير المشروع ديفيد ميرنز من مؤسسة بلووتر ركفوريز وبالإلتزام التام بالقواعد الدولية المتبعه لحماية الآثار المغمورة بالمياه كما ورد في إتفاقية اليونسكو (2001) والخاصة بحماية التراث الثقافي المغمور بالمياه.