صواريخ باشينكو الكورية الشمالية

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٤/مارس/٢٠١٦ ٢٣:٥٠ م
صواريخ باشينكو الكورية الشمالية

يوريكو كويكي

إن هناك ثلاثة مشاهد عادة ما تكون موضوع الصور التي يلتقطها السياح الأجانب عندما يزورون اليابان .أحدها هو غابة أعمدة الكهرباء والثاني هو الجهاز الذي ينقل السيارات في المواقف الميكانيكية للسيارات بالإضافة إلى لعبة باشينكو .
إن باشينكو هي لعبة كرات معدنية تنطوي على المراهانات والناس يصطفون في مواجهة الإجهزة التي يتم ترتيبها بشكل عامودي وكأنهم يعملون في مصنع وطبقا لإحد التقارير المكتوبة باللغة اليابانية هناك 11،5 مليون لاعب باشينكو متحمس حيث تقدر قيمة السوق لهذه اللعبة بمبلغ 24،5 تريليون ين ياباني- حوالي ضعف مبيعات شركة صناعة السيارات تويوتا في العام الفائت.
بالنسبة للإجانب فإن باشينكو هو مشهد غريب فعادة يكون اللاعبون بما في ذلك المحترفون والذين يعتاشون من هذه اللعبة مستغرقين باللعبة لدرجة تشعر أنهم ملتصقين بإماكنهم مما يعني فرصة لا تقاوم للتصوير ولكن بالنسبة لليابان فإن هناك جانب مظلم للمرح والألعاب.
إن العديد من أصحاب قاعات باشينكو والتي يصل عددها لإحد عشر الفا ينتمون لشبه الجزيرة الكورية وبعضهم لديه علاقات مع كوريا الشمالية حيث يرسلون مبالغ كبيرة للوطن منذ سنوات عديدة وهولاء "المساهمون " في رفاهية الإقتصاد الكوري الشمالي يحصلون على تقدير النظام في بيونجيانج طبقا لمقدار دعمهم ويتم تقديم الجوائز لهم وأحيانا يحصلون على تقدير علني كأشخاص وطنيين وفي الأيام الوطنية مثل عيد ميلاد مؤسس كوريا الشمالية كيم أيل سونغ فإن هولاء المغتربين مجبرون تقريبا على المساهمة حيث من الممكن تكليفهم بجمع أموال ضخمة بحيث تكفي لتغطية تكلفة الطعام الذي يتم توزيعه على الكوريين الشماليين في مثل هذه المناسبات.
إن العديد من هذه التبرعات ليست حبا في سلالة كيم ولكن من أجل شراء سلامة أفراد عائلاتهم بالوطن فالتهديد حقيقي جدا . إن الكوريين الذين يعيشون في اليابان يعلمون كيف يمكن أن يكون الشمال قاسيا تجاه مواطنيه وحتى أن كوريا الشمالية قامت بخطف مواطنين يابانيين والعديد منهم لم يرجع أبدا.
وحتى أنه يقال أن صناديق النقود كان يتم تحميلها على متن السفينة مانجيونبونج-92 وهي سفينة ركاب تربط بين ونسان في كوريا الشمالية ونيجاتا على بحر اليابان ولقد عملت مانجيونبونج-92 كوسيلة لتهريب البضائع والبشر : معدات عالية التقنية مثل قطع غيار الكمبيوتر وأجزاء الصواريخ بالإضافة إلى الجواسيس الكوريين الشماليين .
إن هناك إعتقاد متزايد في واقع الإمر بإنه يتم إستخدام عمليات نقل "أرباح باشينكو" في تمويل تطوير الشمال للصواريخ والأسلحة النووية . إن إحدى العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية بعد تجربتها النووية تحت الأرض بتاريخ 9 أكتوبر 2006 هو منع جميع السفن الكورية الشمالية بما في ذلك مانجيونجبونج -92 من دخول الموانىء اليابانية ولكن الإجراء كان محدودا جدا ومتأخرا جدا. يوجد هناك نظام واسع من التحويلات الآن والذي يضمن أن تجد هذه الأموال طريقها للشمال وعندما يتم إغلاق بعض هذه الوسائل ، يتم فتح وسائل أخرى.
في الوقت نفسه وكنتيجة للتمويل والعناصر عالية التقنية الناتجة عن أموال باشينكو من اليابان، أصبح برنامج الأسلحة الكوري الشمالي معقدا بشكل متزايد فلقد أطلق الشمال أول صاروخ نودونج الباليستي المتوسط المدى في وسط بحر اليابان في مايو 1993 . إن ذلك الصاروخ والذي كان يعتقد أن مداه يصل إلى 1300 كيلو متر (800 ميل) كان قادرا على ضرب جميع الجزر اليابانية تقريبا وبعد ذلك بخمس سنوات في أغسطس 1998 أطلق الشمال صاروخ تابودونغ -1 الباليستي المتوسط المدى والذي يصل مداه إلى 1500 كيلو متر فوق اليابان بإتجاه المحيط الهادىء حيث أدعىت كوريا الشمالية آنذاك أنها كانت تختبر قدرة الصاروخ على إطلاق القمر الصناعي كوانغماييونجسونغ -1 في الفضاء.
ولاحقا لذلك في يوليو 2006 قامت كوريا الشمالية بإطلاق سبعة صواريخ باليستية بما في ذلك تابيودونغ-2 وهو صاروخ باليستي عابر للقارات . يعتقد أن مدى تابيودونغ -2 هو حوالي 6000 كيلو متر تقريبا علما أن مدى النسخة المعدلة قد يزيد عن 10000 كيلو متر بما في ذلك التحسن المستمرفي الأداء كما قامت كوريا الشمالية كذلك بإطلاق صواريخ باليستية قصيرة المدى في أبريل ويوليو2009 .
وحتى بعد وفاة كيم يونغ أيل في ديسمبر 2011 ،أستمر خليفته كسكرتير أول وحاكم للسلالة كيم يونغ أون في تنفيذ برنامج والده لتطوير الصواريخ وفي واقع الأمر يبدو أنه قام بتسريع ذلك البرنامج فلقد تم إطلاق عدة صواريخ خلال فترة حكم كيم يونغ أون تم فيها إستخدام قاذفات صواريخ محمولة وفي يناير من هذا العام أعلن الشمال أنه قام بتفجير قنبلة هيدروجينية على الرغم من تشكيك العديد من الخبراء الدوليين بذلك .
إن من الملاحظ أن كوريا الشمالية قدمت إخطار مسبق للصين بتجاربها الصاروخية ولكنها لم تخطر الصين مسبقا بتجربتها المفترضة المتعلقة بالقنبلة الهيدروجينية على الرغم من المحاولات المستمرة للصين لحماية نظام كيم يونغ أون من المزيد من العقوبات الدولية ولكن الشمال أصبح وقحا لدرجة أن الرئيسة الكورية الجنوبية بارك جيون –هاي والتي على الرغم من توجهها المحافظ قامت بتعميق العلاقات مع الصين ، قررت أنها لا تستطيع تحمل المزيد. وعليه أمرت الرئيسة الكورية الجنوبية بإغلاق منطقة كايسونغ الصناعية وهي منطقة إستثمارية عبر الحدود والتي كانت تؤمن إنتاج حديث للشمال وعملت كنقطة إتصال مع النظام .
لقد ذهبت بارك إلى أبعد من ذلك وذلك بتكثيفها للعقوبات الكورية الجنوبية على الشمال والآن أنضمت الولايات المتحدة الأمريكية والصين إليها في تشديد العقوبات وخاصة المنع الجديد لتصدير الوقود بما في ذلك وقود الطائرات .
على الرغم من أن هناك شكوك تحوم حول نجاح تجارب القنابل الكورية الشمالية فإنه لا يمكن إنكار التحسن المستمر في أداء صواريخ النظام هناك. إن "المارشال الشاب" الذي يبلغ من العمر 33 عاما يلعب بالنار ولقد حان الوقت أن تقوم اليابان وغيرها بحرمانه من الأموال التي يستخدمها في شراء أعواد الثقاب .

وزيرة الدفاع ومستشارة الأمن القومي لليابان سابقا.