علي بن راشد المطاعني
ألقت شرطة عُمان السلطانية القبض على الشخص الذي قام بإطلاق النار من بندقية خلف المصلين، في واقعة غريبة تم تداول مقطع الفيديو الخاص بها على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي، الحادثة أثارت استهجان كل أفراد المجتمع باعتبارها تصرف لا يشبه مجتمعنا المسالم، ثم هو أصلا ليس له ما يبرره على صعيد المنطق السوي، إذ لا ندري في الواقع ما هي الدوافع الخاصة التي أملت عليه ارتكاب هذا الفعل وهذا التصرف، فالذين قام بترويعهم كانوا خُشعا وقوفا بين يدي الله يؤدون صلاتهم المفروضة، فقام بغير وجه حق بسرقة ذلك الخشوع من بعد بث الرعب في قلوبهم جميعا، بل إن إطلاق النار قاب قوسين أو أدنى كاد أن يودي بحياة المصلين أو أحد منهم.
فالذين قام بترويعهم كانوا بين يدي خالقهم في أسمى وأجل وأعظم موقف يقفه الإنسان في يومه كله وهو يؤدي الصلاة، وهي كما يفترض أنه يعلم عماد الدين وهي التي قال عنها المصطفى صلى الله عليه وسلم (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر) في ذات هذه الصلاة حدث الترويع المريع، هنا فإن الحدث فاق حدود التصور وكل حدود الاحتمال، فالرجل لم يعط الصلاة حقها من الاحترام والتقديس والتوقير، لقد اعتبرها لهوا وعبثا، فاختارها دون غيرها ليعبث بالناس وبها فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وبما أن الترويع حدث لمصلين في سابقة غير مسبوقة في تاريخ المحدثين والأقدمين فإننا نحسب بأنه لا يعلم بأن ترويع الآمنين من ناحية عامة منهي عنه بلسان سيد الخلق صلى الله عليه وسلم عندما قال (لا يحل لمسلم أن يروع مسلما) رواه أبو داوود، وقال أيضا (من أخاف مؤمناً كان حقاً على الله أن لا يؤمنه من أفزاع يوم القيامة) رواه الطبراني، من بعد ذلك نسأل عن هول هذا الجرم الذي ارتكبه وكيف يمكننا تصنيفه.
وإذا كان هذا الشخص لا يعلم أن ترويع الآمنين منهي عنه في الدين وفي الإسلام فإنه وحتما لا يعلم أن إطلاق النار محظور في أحكام قانون الأسلحة والذخائر والتشريعات العمانية، فإذا كان لا يعلم عن الأولى فلن نندهش أنه لا يعلم عن الثانية للأسف.
حدث ما حدث رغم تحذيرات الادعاء العام المتكررة بعدم إطلاق الأعيرة النارية والتقيد بأحكام قانون الأسلحة والذخائر، غير أن المادة 25 من قانون الأسلحة والذخائر تفتقر للعقوبة الرادعة مما يستوجب معه إعادة النظر فيها وتغليظها لما تشكله هذه التصرفات من تهديد مباشر للأمن والسلم الاجتماعيين.
فالمادة المذكورة أشارت إلى عقوبة لا تزيد على 200 ريال لكل من أطلق عيارات نارية لغير طلب الاستغاثة أو أشعل ألعابا نارية أو ألقى صواريخ أو أحدث لهيبا أو انفجارات في حي مأهول أو أماكن مجاورة له أو في طريق عام أو اتجاهها دون ترخيص من الشرطة.
نأمل أن يعاد النظر في هذه المادة، إذ من الواضح أنها ليست رادعة بما يكفي، ويضاف إليها (ترويع المصلين) وهي النقطة التي لم تشملها المادة لأنها خارج نطاق التخيل والتصور، فالمشرع لم يدر بخلده أبدا أن يأتي يوم من الأيام وتنتهك فيه حرمة عماد الدين على هذا النحو، لذا، وكما يقال في القانون (الجزاء ليس من جنس العمل) ينبغي تعديل المادة.