طهران - وكالات
في الوقت الذي أمر فيه الزعيم الإيراني الأعلى علي خامنئي السلطات المختصة في بلاده بالاستعدادات لزيادة تخصيب اليورانيوم إذا انهار الاتفاق النووي أعلن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي أمس الثلاثاء إن إيران بدأت العمل على البنية الأساسية لبناء أجهزة طرد مركزي متطورة في منشأة ناتانز.
وأضاف أن أنشطة إيران النووية ستبقى ضمن إطار الاتفاق النووي الذي وقّعته طهران مع قوى عالمية.
وقال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية إن المنظمة بمثابة الجيش العلمي لإيران وما تزال تنتظر أوامر المسؤولين لاتخاذ الإجراءات اللازمة، ويؤكد أنه في حال انهيار الاتفاق النووي فإن بلاده ستبدأ بصناعة الجيل الجديد من أجهزة الطرد المركزي علماً أنها وضعت الخطط اللازمة لكل السيناريوهات.
وقال رئيس "منظمة الطاقة الذرية الإيرانية" علي أكبر صالحي إن بلاده لم تضيّع الوقت إطلاقاً في السنوات الفائتة في مسيرة تطورها، مشيراً إلى أن المنظمة هي بمثابة "الجيش العلمي لإيران" التي "كانت ولم تزل تنتظر أوامر المسؤولين لاتخاذ الإجراءات اللازمة".
وأكد صالحي في مؤتمر صحفي عقده أمس الثلاثاء أنه في حال انهيار الاتفاق النووي فإن طهران "ستبدأ بصناعة الجيل الجديد فقط من أجهزة الطرد المركزي، لكننا ملتزمون حالياً بالاتفاق بطلب من المرشد الأعلى علي خامنئي".
المسؤول الإيراني أشار إلى أن الظروف ستتغيّر كثيراً لو انهار الاتفاق النووي، مشدداً "نحن لا نرغب بذلك لكننا وضعنا الخطط اللازمة لكل السيناريوهات"، لافتاً إلى أنه "على الأعداء ألّا يختبروا عزمنا وإرادتنا فاختبار المجرَّب غير صحيح".
وكشف رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن بلاده أنشأت البنى الأساسية الحديثة لتأمين الطاقة الكهربائية لمنشأة ناتانز النووية في السنوات الفائتة.
وتتميّز أجهزة الطرد المركزي بقدرتها على التخصيب عشرين مرة أكثر من الجيل الأول المعروف بـ"آي آر1".
وتعتبر أجهزة IR8 من أكثر أجهزة الطرد المركزي المصمّمة والمصنّعة من قبل علماء إيران تطوُّراً والتي تخطت اختباراتها الميكانيكية بنجاح. كما تبلغ طاقة التخصيب لهذه الأجهزة نحو 20 ضعفاً لأجهزة الطرد المركزي من الجيل الأول "IR1" التي تقوم حالياً بعملية الإنتاج.
وكان الزعيم الإيراني الأعلى علي خامنئي أمس الأول الاثنين أمر باستعدادات لزيادة تخصيب اليورانيوم إذا انهار الاتفاق النووي مع الدول الكبرى بعد انسحاب الولايات المتحدة منه وتعهّد بألّا يقبل مطلقا فرض قيود على برنامج طهران للصواريخ الباليستية.
وتصاعدت حدة التوترات من جديد بين إيران والغرب بعد سحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بلاده من الاتفاق النووي الذي أبرمته الدول الكبرى مع طهران في 2015 واصفا الاتفاق بأنه مليء بالعيوب.
وتحاول الدول الأوروبية الموقِّعة على الاتفاق إنقاذه من خلال حماية التجارة مع إيران ضد إعادة فرض العقوبات الأمريكية لإثناء طهران عن الانسحاب من الاتفاق.
وقال خامنئي في كلمة تلفزيونية إن "أعداءنا لن يستطيعوا مطلقا وقف تقدمنا النووي... إنه حلمهم... ولن يتحقق".
وأضاف خامنئي: "أمرت وكالة الطاقة الذرية الإيرانية بأن تكون مستعدة لتطوير قدرتنا على تخصيب (اليورانيوم)" إذا ثبت عجز أوروبا وروسيا والصين وهي الأطراف الموقّعة على الاتفاق عن حماية المكاسب الاقتصادية لإيران.
ومن بين مطالب ترامب، التي يؤيدها الحلفاء الأوروبيون مبدئيا، إجراء مفاوضات لكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني الذي لم يشمله الاتفاق النووي.
واستبعد خامنئي ذلك. وقال: "بعض الأوروبيين يتحدثون عن الحد من برنامجنا الصاروخي الدفاعي. أقول لهؤلاء الأوروبيين ’الحد من نشاطنا الصاروخي حلم لن يتحقق مطلقا’".
وبموجب الاتفاق حدّت إيران من برنامجها النووية مقابل رفع معظم العقوبات الدولية المفروضة عليها والتي تعرقل اقتصادها.
واعترض ترامب أيضا لعدم تناول اتفاق 2015 النشاط النووي لإيران بعد العام 2025 أو دورها في الصراعات في اليمن وسوريا. ورغم التزام الدول الأوروبية بالاتفاق إلا أنها تشارك ترامب مخاوفه وتريد إجراء محادثات أوسع نطاقا مع إيران لمعالجة هذه القضايا.
ورفض خامنئي هذا بوصفها "حربا اقتصادية ونفسية... علينا والعقوبات الأمريكية الجديدة جزء منها".
ورغم هجوم إيران العلني الشرس على الولايات المتحدة يرى بعض كبار المسؤولين الإيرانيين الموقف الأمريكي على أنه "استراتيجية مساومة" ويعتقدون أن الباب أمام التوصل لتوافق دبلوماسي يجب أن يظل مفتوحا.
القدرة على التخصيب
كانت قدرة إيران المتزايدة على تخصيب اليورانيوم إلى مستويات أعلى من النقاء الانشطاري إحدى القضايا الساخنة خلال سنوات المفاوضات مع القوى الكبرى التي كانت تريد قصر التخصيب على الأبحاث لتقليل خطر أن تتمكن إيران من تجميع قنبلة نووية دون سابق إنذار. ونفت إيران مرارا أن الهدف من التخصيب هو صنع سلاح نووي.
وقال الميجر جنرال علي جعفري، قائد الحرس الثوري الإيراني، العام الفائت إن إيران تملك صواريخ يبلغ مداها ألفي كيلومتر يمكن أن تضرب إسرائيل عدو إيران اللدود و"معظم المصالح والقوات الأمريكية" في الشرق الأوسط.
وبعد انسحاب الولايات المتحدة في 12 مايو قالت إيران إنها لن تبقى في الاتفاق النووي إلا إذا تم حمايتها من تجديد العقوبات الأمريكية على قطاعات رئيسية من الاقتصاد الإيراني مثل النفط بالتعاون مع الأطراف الأخرى الموقعة على الاتفاق.
ومن بين الخيارات التي يدرسها الاتحاد الأوروبي لإبقاء طهران في الاتفاق النووي فتح خطوط ائتمان جديدة لإيران وزيادة التعاون في مجال الطاقة وتنفيذ قوانين الاتحاد الأوروبي لمنع رضوخ الشركات الأوروبية للعقوبات الأمريكية.
وفي كلمته في ذكرى مرور 29 عاما على وفاة قائد الثورة الإسلامية الإيرانية روح الله الخميني أصر خامنئي على مقاومة الضغوط الأمريكية وحذّر من جديد من الرد بقوة إذا تعرّضت إيران لهجوم.
وقال: "طهران سترد على الهجوم بعشرة إذا هاجمها الأعداء... الأعداء لا يريدون أن تكون إيران مستقلة في المنطقة... سنواصل دعمنا للدول المقهورة". وقال خامنئي إن إيران لا تنوي الحد من نفوذها في الشرق الأوسط وحث الشبان العرب على التصدي للضغط الأمريكي. وأضاف خامنئي: "أيها الشبان العرب عليكم التحرك وأخذ زمام المبادرة لتقرير مستقبلكم... بعض الدول في المنطقة تتصرّف كأعداء لشعوبها".