لندن - رويترز
تولّى جون بولتون -الصقر المحافظ الذي احتل مكانا بارزا في إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن- منصب مستشار الأمن القومي الجديد في إدارة دونالد ترامب، وبولتون المعروف بأنه مدافع قوي عن النفوذ الأمريكي ومؤيد لإرساء هذا النفوذ في الخارج، لم يتراجع قط عن مواقفه.
ولِد بولتون في 20 نوفمبر 1948، وقد اشتغل بالمحاماة وكذلك بالدبلوماسية، حيث عمل سفيرا لواشنطن لدى الأمم المتحدة في الفترة بين أغسطس 2005 وديسمبر 2006. وأثار اختيار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لجون بولتون ليكون مستشار الأمن القومي الجديد ردود فعل قوية في جميع أنحاء العالم ولاسيما في الشرق الأوسط. واعتبر بعض المراقبين الاختيار مسمارا آخر في نعش الاتفاق النووي الذي أبرِم في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما بين إيران وقوى عالمية بهدف الحد من طموحات إيران النووية.
وتوقع آخرون أن بولتون سيقوض أي آمال متبقية في «حل الدولتين» للصراع الإسرائيلي الفلسطيني في المستقبل القريب. وأشاد بولتون مؤخرا بخطة ترامب نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل للقدس. ووصف نفتالي بينيت، العضو البارز في الحكومة الأمنية المصغرة برئاسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بولتون بأنه «خبير أمني استثنائي ودبلوماسي مخضرم وصديق شجاع لإسرائيل».
لكن موقع هاآرتس الإخباري الإسرائيلي الذي يميل لليسار كان أقل حماسا إزاء الاختيار. ونقل عن بولتون تصريحات أدلى بها في 2016 بأن حل الدولتين (إسرائيل وفلسطين) اللتين تعيشان جنبا إلى جانب «مات منذ فترة طويلة».
ودعا بدلا من ذلك إلى وضع الأراضي الفلسطينية تحت السيادة المصرية والأردنية. وقالت الباحثة في الشؤون السياسية بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إيلي جيرنمياه: «تعيين بولتون بالإضافة لترشيح (مايك) بومبيو (لمنصب وزير الخارجية) الأسبوع الفائت يقلّص بشدة احتمالات أن يظل ترامب ملتزما بالاتفاق النووي بعد مايو». وأضافت: «عبّر الرجلان بشكل صريح عن معارضتهما للاتفاق النووي وروّجا لتغيير النظام في إيران وكرر بولتون دعوته للقصف بدلا من المساعي الدبلوماسية كحل للقضية النووية». وقالت جيرنمياه لرويترز إن ترامب يحيط نفسه بمستشارين يفكرون مثله ويتخلص من هؤلاء الذين يختلفون معه.
ويشير تاريخ الخلافات بين مستشار الأمن القومي الأمريكي الجديد جون بولتون ووكالات المخابرات في الولايات المتحدة إلى الطريقة التي قد يتعامل بها مع كوريا الشمالية وإيران وهما من التحديات الشائكة التي يواجهها هو والرئيس دونالد ترامب.
يتولى بولتون منصبه في التاسع من أبريل خلفا للفتنانت جنرال المتقاعد إتش.آر.مكماستر. وفي تصريحاته المعلنة، يبدو أن بولتون يشاطر ترامب استياءه من الاتفاق النووي الموقّع مع إيران والموقف المعادي في أغلب الأحيان لكوريا الشمالية.
لكن تصريحات بولتون بشأن الملفين تتعارض مع تقييمات وكالات المخابرات الأمريكية. وفي مقال نُشر خلال العام 2017 في صحيفة (ناشونال ريفيو) ذات التوجه المحافظ، اتهم بولتون إيران «بانتهاكات واضحة» للاتفاق النووي الموقع العام 2015 بهدف تقييد البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية. لكن مدير المخابرات الوطنية الأمريكية دان كوتس قال للكونجرس في فبراير إن طهران ملتزمة بالاتفاق الذي يمضي كما خطط له. وصنّف بولتون برنامج كوريا الشمالية النووي وبرنامجها للصواريخ الباليستية على أنه خطر، قائلا إن الطريقة المثلى للقضاء عليه هي ضربة عسكرية استباقية. وحذّر محللون في المخابرات الأمريكية من أن مثل هذه الضربة قد تؤدي لهجوم مضاد من جانب كوريا الشمالية يسفر عن مقتل عشرات الآلاف من القوات الكورية الجنوبية والأمريكية والمدنيين وآخرين في أماكن بعيدة مثل اليابان.
وقال مسؤولو مخابرات مطلعون إن بولتون بالغ في معلومات الحكومة الأمريكية عن برامج الأسلحة في العراق وكوبا وسوريا عندما كان يشغل منصبا كبيرا في وزارة الخارجية الأمريكية بين عامي 2001 و2005 كما انتقد المحللين الذين عارضوه.
وقال مسؤول سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تتجاوز خبرته 30 عاما «السؤال هو هل سيكون (بولتون) على نفس المنوال ويبدأ بالنتيجة وعلى المخابرات أن تتكيّف مع ذلك أم سيتخذ موقفا أكثر توازنا؟».
وأشار المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه إلى تخوف الكثير من رجال المخابرات المخضرمين من اختيار بولتون لهذا المنصب. وامتنع المتحدّث باسم بولتون وكذلك المتحدّثة باسم وكالة المخابرات المركزية عن التعليق.
وقال جون بولتون مستشار الأمن القومي الجديد للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن على ترامب أن يصر خلال أي اجتماع مع زعيم كوريا الشمالية على التركيز بشكل مباشر على كيفية التخلص من برنامج الأسلحة النووية لبيونج يانج في أسرع وقت ممكن. وقال بولتون لإذاعة آسيا الحرة إن المناقشات في القمة المقترحة مع كيم جونج أون يجب أن تكون على غرار تلك المناقشات التي أدّت إلى شحن مكوّنات البرنامج النووي الليبي إلى الولايات المتحدة في 2004.
وقال بولتون: «دعونا نجري هذه المحادثات بحلول مايو أو حتى قبل ذلك ودعونا نرى مدى جدية كوريا الشمالية».
وأضاف: «إذا لم يكونوا على استعداد لإجراء هذا النوع من النقاش الجاد فسيكون بالفعل اجتماعا قصيرا للغاية».
وقال بولتون إن كوريا الشمالية استخدمت المفاوضات في الماضي للتغطية على تطويرها لأسلحة نووية وإنه كان متشككا في نواياها. وقال إن كوريا الجنوبية، حليفة الولايات المتحدة التي استأنفت المحادثات مع كوريا الشمالية هذا العام، ينبغي أن تتوخى الحذر قبل الاتفاق على أي شيء مع بيونج يانج. وتابع قائلا: «إذا كان سيعقد هذا الاجتماع فينبغي أن نصرّ على أن يكون مماثلا لمناقشات جرت مع ليبيا قبل 13 أو 14 عاما».
نشر موقع الـ«بي بي سي» 5 أمور يؤمن بها بولتون في ملف الساسة الخارجية وهي:
1 - شن ضربة وقائية ضد كوريا الشمالية أمر مبرر: أعرب بولتون عن اعتقاده بأن كوريا الشمالية وبرنامجها النووي يشكّلان «تهديدا وشيكا» للولايات المتحدة، مستبعدا وجهات نظر مفادها أنه ما زال هناك وقت للعمل الدبلوماسي.
2 - قصف إيران أمر مبرر أيضا: في مارس 2015، قبل الموافقة على الاتفاق، كتب في صحيفة «نيويورك تايمز»، قائلا إن «الحل العسكري هو الوحيد لهذه المشكلة، والوقت المتاح محدود ولكن ما زالت هناك فرصة لنجاح هجوم، ومثل هذا الإجراء يجب أن يواكبه دعم أمريكي قوي للمعارضة الإيرانية بهدف تغيير النظام في طهران».
3 - ليس معجبا بالأمم المتحدة: في خطاب بالعام 1994، قال بولتون إنه «لا وجود لشيء اسمه الأمم المتحدة، بل هناك مجتمع دولي قد تقوده أحيانا القوة الحقيقية الوحيدة المتبقية في العالم وهي الولايات المتحدة، عندما يتوافق ذلك مع مصالحنا».
4 - حرب العراق لم تكن خطأ:
منذ أسابيع قليلة، وصف ترامب قرار غزو العراق العام 2003 بأنه «أسوأ قرار تم اتخاذه»، ولكن في نفس التوقيت تقريبا رفض بولتون، الذي أيّد الغزو بقوة، إدانة القرار.
5 - لا بد من التعامل مع روسيا بقوة: وصف بولتون التدخّل الروسي في الانتخابات الأمريكية في العام 2016 بأنه «عمل من أعمال الحرب تجاه واشنطن لا يجب أن تتسامح إزاءه».