خدش لكبرياء البرلمان!!

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٠/مارس/٢٠١٨ ٠٣:٢٣ ص
خدش لكبرياء البرلمان!!

علي بن راشد المطاعني

ali.matani@hotmail.com

في الوقت الذي ينبغي فيه على أعضاء مجلس الشورى أن يكونوا أكثر مسؤولية في التعاطي مع الشأن العام والتركيز على الأولويات في العمل البرلماني ومناقشة القضايا الوطنية المهمة في هذا الوقت العصيب الذي تعيش فيه البلاد ظروفا اقتصادية معروفة، نجد بعض الأعضاء في واد آخر على ما يبدو، ونقول ذلك بأسف، إذ نراهم يتجادلون في شكليات لا تسمن ولا تغني من جوع، ويلوحون بالاستقالات عبر وسائط التواصل الاجتماعي والانسحاب من الجلسات بمبررات التأخير في إرسال البيانات، وهي مبررات يمكن تجاوزها وغض الطرف عنها وتقديرها بشيء من التروي والعقلانية التي ينبغي أن تتسيد الموقف في مثل هذه الظروف، ولا يمكن أن تتوقف جلسة برلمانية يترقبها الكل لمناقشة وزير التنمية الاجتماعية، وفي مقدمتهم أعضاء المجلس الذين جاؤوا من كل ولايات السلطنة لحضورها وموافقون على استمرارها باعتبارهم الأغلبية، وكيف تؤجل لمجرد تأخر البيان عن المدة المعتادة ورغبة البعض.

إن الضجة التي حدثت تحت قبة البرلمان أثارت استياء الشارع ولا تتناسب مع القيم والأعراف إزاء الخروج أمام ضيف جاء ليناقش معهم جوانب التنمية الاجتماعية بالبلاد، فما حدث لا يتسم بالحكمة أمام ضيف وجلسة عامة كان الأحرى أن تناقش هـــذه الإشــكاليات في جلسات عادية خاصة بالمجلس.
الجانب الآخر والأكثر أهمية هو أن التلاسن في المجلس وخروج أعضاء يُنظر إليهم كقدوة في المجتمع أمر غير حميد وغير مستحب فإذا كان بعض الأعضاء يتصرفون هكذا فماذا أبقينا للبسطاء من الناس الذين ينظرون للمجلس كقمة ســـنام الهرم البرلماني العُماني وفيه صفوة المجتمع.
وعلى الرغم من أن نقطة النظام كأداة برلمانية وفقا لمنطوق المادة 58، 25 مكرر من لائحة المجلس تتيح للأعضاء حق الاعتراض وإبداء الملاحظات على عدم تطبيق اللوائح والأطر التي تحكم عمل المجلس، إلا أن تأخر الحكومة في إرسال البيان ليس بالمسألة الكبيرة التي تستوجب تأجيل الجلسة، وما أثارته من الاستقالة والانسحاب بهذا الشكل التراجيدي، بخاصة وأن الرأي القانوني أكد على مخالفة المادة 153 التي نصت على وجوب مدة معينة، لكن هذه المخالفة لا تصل إلى بطلان جلسة بيان وزارة التنمية الاجتماعية ويمكن التغاضي عنها، فالرسالة وصلت للحكومة ولا ينبغي التأجيج غير اللازم وإثارة الأمور بتلك الوضعية. فالمجلس عندما رفض طلب بعض الأعضاء استند على آراء مستشاريه القانونيين ورغبة الكثير من أعضائه، وبالتالي لم يلب طلبات لا تتسق مع دوره ومسؤولياته في تعزيز الهدوء وضبط النفس في التعاطي مع الأمور ليجسد صورة ناصعة للمجتمع في المطالبات والاعتراضات مهما كانت منطقيتها.
الجانب الآخر الأكثر أهمية يشير إلى أن الوقت الآن ليس ملائما لإثارة مشكلات وإشكالات كهذه، إذ يتعين على الأعضاء العمل قدر جهدهم لمساندة الحكومة في إدارة الأزمة الاقتصادية باعتبارها القضية الأساس في الوقت الراهن والسعي لمعالجة العديد من القضايا الوطنية الملحة والإسهام في إبداء الرأي في كيفية مواجهة التحديات على اختلافها.
بالطبع ربما بعض الأعضاء يرغبون في تقليد بعض التصرفات في البرلمانات الأجنبية، ولكن هنا وفي عُمان وباعتبار أن لنا واقعنا الخاص والمعروف إقليميا ودوليا فينبغي علينا وبناء على ذلك أن لا نستلهم الجوانب السلبية في تجارب الآخرين البرلمانية، بل علينا التركيز على الجوانب المضيئة والمشـــرقة إذا رغبنا في الالتفات إلى تجارب الآخرين ولا غبار في ذلك.
نأمل أن يكون حق الاعتراض والاختلاف متاحا لكل الأعضاء، ولكن وفقا للضوابط والتزاما بالحكمة المفضية لصحة التصرف والملتزمة بأبجديات الموعظة الحسنة، وليس بالطبع من خلال التراشق اللفظي داخل القاعة وعبر وسائط التواصل الاجتماعي، كما أن الترفع عن صغائر الأمور وتجاوزها يجب أن يكون السمة السائدة، ذلك كله في سبيل المصلحة الوطنية التي تعلو ولا يُعلى عليها في كل الظروف والأحوال، ذلك كله من أجل الوطن العزيز في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه.