مصطلحات عمالية نطاق الإشراف «Span of control»

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٦/مارس/٢٠١٨ ٠٢:٤٧ ص

علي العبيد
خبير تدريب

مصطلح نطاق الإشراف في علوم الإدارة، يُقصد به عدد الأفراد الذين يشرف عليهم مسؤول واحد، وقد يكون هذا العدد كبيرا أو صغيرا بما يتفق مع طبيعة الأعمال وأوضاع مقر العمل الجغرافية والفنية وغير ذلك من المتطلبات والخصائص التي تقدّرها الإدارة العليا.

وفي الغالب، كلما ضاق نطاق الإشراف، زادت كفاءة الإدارة العملية، وإن كان ذلك ليس دقيقا في كل الحالات والأوقات، خاصة في عصر التقنيات الحديثة ووسائل المتابعة الإلكترونية، وغيرها من أجهزة التواصل العصرية، التي غدت تربط المناطق الجغرافية المتباعدة مع مواقع العمل المتوزعة والمتنوّعة حسب طبيعة هذه الأعمال والمهمات المؤداة، وفي الرأي المقابل كلما اتسعت الرقعة الجغرافية، وكثرت أعداد العاملين وتنوّعت وسائل وتجهيزات الأعمال، كلما صعبت عملية الإشراف المباشر من قِبل شخص واحد مما يوجب تطبيق مبدأ الإشراف الضيّق من أجل توزيع الاختصاصات والأعباء، على مستوى إداري أدنى أو وسيط.
واستنادا إلى هذا الفهم المتطوّر، نجد أن هناك علاقة عكسية ما بين الإشراف وأعداد المرؤوسين الذين يمكن الإشراف عليهم بصورة مباشرة، بمعنى أنه كلما زاد عدد المرؤوسين قلّت المستويات الإدارية، وكلما قلّ عدد المرؤوسين زادت المستويات الإدارية، وبالتالي تضخّمت الأعباء المالية جرّاء زيادة رؤساء الوحدات الإدارية الوسيطة، لذلك لا بد من التوازن بين المسارين بحسبان أن الاحتياجات الفعلية وطبيعة الأعمال المؤداة ومستوى مهارات العاملين في أية مؤسسة تختلف طبيعة إدارتها في أقسامها المتعددة، بما يوجب تكييف الأمور الإدارية وفقا لدواعي كل مرحلة زمنية أو خطة من الخطط المستهدفة، وتحقيقا لذلك لا بد من الأخذ في الاعتبار بعض المؤشرات عند تنفيذ أو تحديد نطاق الإشراف المناسب لكل مرحلة أو حالة بعينها:

أولا:التباعد الجغرافي؛ لأن ترامي الأطراف الجغرافية يحتم العمل بنظام الإشراف المحدود أو ما يُسمى بالإشراف الضيّق، والعكس صحيح فإن التقارب الجغرافي يستدعي العمل بالإشراف الواسع (المباشر).

ثانيا:تنوّع وظائف الأعمال تؤدي إلى اختلاف وسائل العمل ما يفضي إلى الأخذ بقاعدة الإشراف الضيّق من خلال تفويض السلطات الإدارية لتسهيل عمليات الإجراءات الإدارية، والتنظيمية، والفنية في المؤسسة، أو المنشأة الكبيرة أو تعدد المنشآت.

ثالثا:مهارات وقدرات العاملين تؤدي بصورة مباشرة إلى تحديد نطاق الإشراف لأن القوى العاملة الماهرة لا تحتاج إلى إشراف مستمر دائما ومن هنا تبرز أهمية التدريب باعتباره مطلبا أساسيا لتأهيل المرؤوسين كل في مجاله بما يصب إيجابا في خانة التوفير المادي مستقبلا لأن الفرد المؤهل بطبيعة الحال يمتلك مهارات الأداء الجيّد بما يثري دولاب العمل إنتاجا ووفرة وحفظا للمعدات والأجهزة المستخدمة في العمل.

رابعا:رسم السياسات والأهداف العلمية للمؤسسات يُعين على فهم المسارات الواجب اتباعها بدون متابعة شخصية من الرئيس المباشر مما يقلل عدد المستويات الإدارية المتداخلة في المؤسسة الواحدة.

خامسا:إشراك العاملين والمرؤوسين في إعداد الخطط التنفيذية بشكل عام يُوجِد روح أسرة العمل الواحدة ويحفّزهم للانتماء المؤسسي وهذا بدوره يفضي إلى تقليص المستويات الإدارية المباشرة وتقليل التبعات المالية وتوظيف المال في بنود أخرى لرفع معدلات الإنتاج والأداء العام.

وكما هو متعارف عليه فإن القطاع العام والقطاع الخاص على قدم المساواة تحتاجان إلى العمل بنظام نطاق الإشراف طالما هناك أعداد من الأفراد يؤدون أعمالا على مستوى الإنتاج أو الخدمات المقدَّمة إلى شرائح المجتمع المختلفة.
وفي هذا الجانب نشير إلى أن التدريب يعتبر مرتكزا صلبا في تحسين الأداء عبر التطبيق السليم لقواعد الإشراف الإداري وتتجلى أهمية التدريب في تمكين قيم الإشراف الإداري واستيعاب الفكرة الأساسية من مبررات النطاق الممتد للإشراف والنطاق المحدود تبعا للمبررات التي تستوجبها كل حالة على حدة، ولا شك أن السمة المشتركة في كل الحالات هي الارتقاء بالمهارات والمعارف التخصصية للأفراد في كافة المستويات الإدارية وهذا لكي تسهل عملية تفويض السلطات للمستويات الإدارية الأدنى والتي ارتقت فنيا وإداريا من خلال التدريب المستمر، وتكتفي الإدارات العليا بالسياسات العامة دون الخوض في التفاصيل والجزئيات الفرعية وإن كان ذلك لا يقدح في قاعدة (السلطة تفوض ولكن المسؤولية لا تفوض)؛ لأن الإدارة العليا تظل المسؤولة عن النتائج النهائية ولها حق محاسبة المقصرين في تنفيذ مهماتهم الوظيفية المنوطة بكل واحد منهم حتى لا يختل ميزان الخطط المستهدفة.

علي العبيد، خبير تدريب