مسقط - محمد سليمان
في أغسطس 2016 تمكن قراصنة من اختراق شركة «بتفينكس» لصرافة عملة «بتكوين» الرقمية في هونج كونج وسرقة عملات تزيد قيمتها عن ستين مليون دولار، تسببت هذه السرقة في هبوط قيمة وحدة بتكوين بنسبة 20%، وحتى نهاية ديسمبر 2017 هبطت الـ»بتكوين» دون 12 ألف دولار بعدما تجاوزت 20 ألف في أوقات سابقة وأعاد الخبراء أسباب الانخفاض لانتشار عملات أخرى أدت إلى تراجع أسعارها، كما حذر مصرف «مورجان ستانلي» -سادس أكبر البنوك الأمريكية من حيث الأصول- زبائنه من مغبة الاستثمار في الـ «بتكوين»، العملة الأكثر شهرة في العالم، لتبقى بذلك العملة المثيرة للجدل محل استفسارات لدى الكثيرين، خاصة في ظل مئات الإعلانات الدعائية الداعمة لها عبر شبكات الإنترنت.
«بتكوين»، «بتكوين كاش»..»لايتكوين»..»كوارك»..»ماستر كوين»..»ربيل»..»أورورا كوين».. هي بعض لأسماء العملات الورقية التي اعترفت بها عدد من الدول مثل ألمانيا واليابان وكندا وأستراليا، غير أنها لا زالت حتى الآن محظورة في بعض الدول نظراً لكونها عملات مشفرة يصعب معها تتبع أطراف عمليات التبادل المالية بما يسمح بوجود المخالفات وغسيل الأموال ورواج تجارة السوق السوداء، وفي المقابل أيضا ساهم ارتفاعها في استقطاب شريحة كبيرة من المهتمين، لكن حجم الخطورة وفقاً للخبراء لا يتعلق بالعملة قدر ما يتعلق بشركات الوساطة غير الموثوقة محذرين المتعاملين مع هذا النوع من العملات من منح بياناتهم البنكية لأي شركات وهمية.
بدايات العملة
عضو هيئة التدريس بجامعة السلطان قابوس د.عبدالله البحراني قال: «انطلق التعامل مـــع الإنترنت من قبل المؤسسات العسكريـــة بدون أطر قانونية أو تشريعات، ولكـــن اختـــراع الشبكة العنكبوتية (www) ساعد على ظهور «إنترنت المعلومات» الذي نستخدمه حالياً وبات بإمكان الجميع تبادل المعلومات من خلاله دون عوائق». وأضاف البحراني: «في السابق لم يكن تبادل المبالغ المالية متاحاً، فما يتبادل عبارة عن نسخ وليست أصول، ولا يصلح تبادلها في التعاملات المالية أو ما يسمى بحقوق الملكية الفكرية وما يندرج تحتها».
وأوضح البحراني أنه وفي العام 2008 ومع الأزمة المالية تمت عملية تبادل أول مبالغ مالية بتقنية «peer to peer» أي من شخص لآخر دون وساطة، عن طريق عملية الـ»بتكوين» التي ابتكرها «ساتوشي ناكاموتو»، من خلال استخدام تقنية «البلوك شين» التي ضمنت كتقنية عملية انتقال المبالغ من طرف لآخر دون الحاجة لوسيط.
ويمكن تشبيه الـ»بلوك شين» على أنها كتاب سحري كبير تتوفر منه نسخ متشابهة لدى الجميع، وفي حالة تغير أو تعديل سطر، فإن العملية تتم لدى الجميع في نفس الوقت. وبهذه الطريقة لا يمكن التعديل أو تغيير قيمة بلوك معينة، بسبب أن ذلك سوف يحتاج إلى تغير الكل وهذا ما يجعل عملية اختراقها أو تغير قيمتها بشكل غير طبيعي أمر غاية في الصعوبة أو شبه مستحيل.
ومع الوقت تطورت عملية أو تقنية الـ «بلوك شين» لتظهر خاصية «smart contract» أي العقد الذكي، وهو عبارة عن برنامج ذاتي التشغيل داخل البلوك يساعد في عملية التشغيل التلقائي المتعدد لأي عملية حسابية للبيع أو الشراء أو التدقيق على حقوق الملكية الفكرية وغيرها».
رؤية أعمق
وللتعمق أكثر في سوق العملات الرقمية، يتحدث المهتمون بمجال تقنية المعلومات وعن خطورتها وماهيتها، حيث يقول وديع مرتضى اللواتي أحد هؤلاء المهتمين: «العملات الرقمية هو مصطلح يطلق على العملات التي تكون متاحة بشكل رقمي وإلكتروني فقط، وليس لها وجود مادي (مثل الأوراق النقدية والنقود المعدنية)، وهي تمتلك أيضا خصائص مماثلة للعملات المادية مع وجود خاصية مهمة وهي إمكانية المعاملات الفورية ونقل الملكية بلا حدود ودون الحاجة لوجود مؤسسة مصرفية (بنك) كوسيط، وبحسب تحليل العديد من الخبراء والمحللين والمتتبعين للعملات الرقمية، فإنهم يتوقعون أن تحل العملات الرقمية محل العملات الورقية والمعدنية وتصبح الوحيدة المتداولة حول العالم، وهناك توجه من دول عدة لاستحداث عملات رقمية جديدة خاصة بها، أو تعديل القوانين المالية والمصرفية لإتاحة المجال من أجل استخدام هذه العملات بشكل رسمي في معاملاتها. بالإضافة إلى أن هناك العديد من الدول التي اعترفت بها رسمياً ومن بينها ألمانيا. وهناك دول سمحت بتداول العملات الرقمية دون استخدامها بشكل رسمي مثل كندا وبولندا وأوكرانيا وأستراليا واليابان، وهناك دول تسعى للاعتراف بالعملات الرقمية أو في طور قبولها للتداول أو التعامل الرسمي مثل المكسيك وروسيا. وفي الجانب المقابل هناك دول قامت بمنع تداول العملات الرقمية واعتبرته أمراً غير قانوني مثل بوليفيا والصين وآيسلندا.
والخطورة الرئيسية في العملات الرقمية والتي من أجلها قامت بعض الدول بمنع تداولها هو حصول التبادل للعملات وحصول المعاملات بشكل مشفر دون وجود أي جهة حكومية أو رقابية وبالتالي يمكن استخدامها لأغراض التهرب الضريبي، غسيل الأموال، تجارة الأسلحة والمخدرات، وتجارة السوق السوداء وغيرها من أشكال التعامل غير الشرعي».
خطورة عالية
من جانبه حذر الخبير في تقنية المعلومات والاتصالات، خالد البلوشي، من التعامل مع الـ «بتكوين»، معتبراً أنها الآن محط أنظار «الهاكرز»، لا سيما بعد العملية الأخيرة التي تم فيها سرقة ما يقرب من 60 مليون دولار أمريكي، علاوة على أنها باتت فقاعة مع ارتفاعها المبالغ فيه والذي بلغ ما يقرب من 10 الآف دولار، ولا تقتصر خطورة التعامل على «الهاكزر» وكونها فقاعة اقتصادية، وإنما الشركات الوهمية التي تطرح مئات الإعلانات عبر الإنترنت من تطبيقات وبرامج ومواقع تواصل اجتماعي لجذب أكبر عدد، في حين أن تلك الشركات وهمية وغير حقيقية».