الحنطور .. مهنة تقاوم الاندثار على ضفاف النيل

مزاج السبت ١٦/ديسمبر/٢٠١٧ ١٨:٢١ م
الحنطور .. مهنة تقاوم الاندثار على ضفاف النيل

القاهرة - خالد البحيري
الحنطور .. عربة مصنوعة من الخشب والحديد، لونها في الغالب أسود، لها شكل مميز نتيجة إضافة بعض الألوان لإضفاء جو من الفخامة عليها، مع أجراس مميزة في مقدمتها لتنبيه المارة.. وتسير على 4 عجلات مصنوعة من الخشب، ويجرها أحد الخيول بينما يجلس السائق في المقدمة وفي المقعد الخلفي يجلس الركاب.
وحتى عام 1930 كان الحنطور وسيلة المواصلات الأكثر شهر في القاهرة وغيرها من العواصم العالمية، لكن الأمر كان يقتصر على النخبة الحاكمة وطبقة الأثرياء من الأمراء والباشوات، ومع دخول السيارات إلى الخدمة قلّ الطلب على الحنطور لتتوارى المهنة رويدا رويدا حتى وصل بها الحال إلى كونها وسيلة للترفيه فقط فوق كورنيش النيل وسط القاهرة يستقلها العشاق والمحبين وبعض السائحين من الخليج، وأيضا الأسر الراغبة في قضاء وقت ممتع بطريقة غير تقليدية،
"الشبيبة" رصد حكايات سائقى الحنطور علي كورنيش النيل، والتي كانت مليئة بالحب والتفاؤل والتمسك بمهنة متاعبها كثيرة لا تتناسب مع عائدها المادي القليل، فالهدف هو الحفاظ عليها لأنهم يرونها جزء من تاريخ مصر، فضلا عن أنها بالوراثة عن الآباء والأجداد.
فى البداية.. أوضح سيد صلاح 56 عاما، أنه يخرج من بيته كل صباح ليذهب إلى كورنيش النيل ويجلس بالقرب من أحد الفنادق السياحية علي عربة الحنطور الخاصة به حتى العاشرة مساء لعله يجد ما يُطعم به أسرته المكونة من 5 أفراد، حيث ورث هذه المهنة عن والده فهو يعمل سائق حنطور منذ أن كان طفلاً، مشيراً إلى أن أغلب من يقبلون على ركوب الحنطور والتنزه به فى محيط الكورنيش وأعلى كوبري قصر النيل هم السياح العرب وخاصة من دولة الكويت والسعودية، وثمن الركوب لهذه المسافة يتراوح من 100 إلى 150 جنيها (6-9 دولارات تقريبا).
وقال: "الحنطور مزاج، وليس أي شخص يركبه.. أنا زبوني يعرفني، يأتي إلي من سنة لأخرى كل صيف كي يركب معي.. وهذا ركوب الباشوات".
فيما ذكر صبري حسين 20 سنة، أنه ورث مهنة قيادة الحنطور عن عائلته، وليست القيادة فقط بل تصنيع العربة أيضا فهو من محافظة الغربية ولديهم ورشة صناعة "الحناطير"، ولكنه انتقل إلى القاهرة من أجل العمل، ولاسيما بعد انتشار التوك توك والذى أصبح ينافس جميع وسائل المواصلات ويكاد يقضي علي الحنطور علي حد قوله، لكنهم مازالوا يتمسكون بتلك المهنة ولا يبحثون عن غيرها .
وأضاف أن من أبرز المشكلات التي تواجه المهنة، ارتفاع الأسعار فى ظل ركود السوق وزيادة ثمن البرسيم والأعلاف التي يأكلها الحصان، مؤكداً أن الأوضاع تدهورت منذ ثورة 25 يناير 2011.
وفى السياق ذاته، أعرب محمود مصيلحي 50 سنة، أن مهنة الحنطور ليست بسيطة ولكنها متعبة وتسبب له إرهاقاً ومع ذلك العائد المادي منها ضعيف للغاية، كما أن العمل يكون مناسب في موسم الصيف أي ثلاثة شهور فقط نظراً لقدوم السياح والرحلات الترفيهية، أما المصريون فلا يركبون الحنطور سوى في الأعياد، مما يجعله يبحث عن عمل آخر في فصل الشتاء، لجلب لقمة العيش له ولأسرته، فى بعض الأحيان يعمل سائق توك توك أو بائع ذرة مشوية على كورنيش النيل.
وأضاف: تختلف الأجرة التي يحصل عليها سائق الحنطور من زبون لآخر، "رغم أنها متعبة ومردودها قليل لكن أحبها ولا أجد نفسي إلا فيها.. وأشعر أنها ثقافة تتكلم مع عرب وأجانب فأنا أعمل منذ 35 عاما في كسواق حنطور".
وعن تخوفه من قلة الإقبال على ركوب الحنطور قال: "الحنطور من المعالم التي تميز مصر، و يقبل السياح علي ركوبه لذلك لابد من الاهتمام بنا وحمايتنا مثل أي مهنة والعمل علي دعمنا والحفاظ على الحنطور من الاندثار".