ثلاثي التصوير.. جمعهم احتراف التصوير والموت.. الشبيبة تنشر القصة كاملة

بلادنا الاثنين ٢٧/نوفمبر/٢٠١٧ ٢٢:١٥ م
ثلاثي التصوير.. جمعهم احتراف التصوير والموت.. الشبيبة تنشر القصة كاملة

مسقط - خالد عرابي
فقدنا مؤخراً ثلاثة شباب من خيرة أبناء الوطن، إنهم ثلاثي التصوير الذين خرجوا من مسقط إلى الدقم في مهمة عمل للتصوير، أنهوها على أكمل وجه يوم الخميس 23 نوفمبر الجاري، ولم ينتظروا للمبيت حتى صباح الجمعة،وإنما أصروا على العودة في اليوم ذاته، لتكون تلك مهمتهم الأخيرة؛ فإصرارهم على هذه العودة كان بلا عودة إلى أهلهم وذويهم، ليلقوا مصيرهم المحتوم راحلين في سكون مخلفين ثلاثاً من القصص المأسوية التي ربما لم تلتئم جروح قلوب ذويهم منها بسهولة. "الشبيبة" التقت أهلهم وذويهم لتسمع منهم عنهم وعن تلك القصص الإنسانية، فماذا قالوا؟

يقول أيوب العبادي، شقيق المتوفى أحمد بن محمد بن سعيد العبادي "24 عاماً من السيب": "فقدان كبير ومصاب أليم، ولكن ماذا نقول، لا نملك إلا أن نقول: "إنّا لله و إنّا إليه راجعون"، الحمد لله، وربنا يصبرنا على مصابنا الأليم.. فقدنا أخي أحمد إلى الأبد".

ويضيف أيوب: "كان أخي -رحمة الله- خلوقاً محباً للناس يقدر قيمة العمل، وقد تخرج العام الفائت بقسم الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة السلطان قابوس، ولم ينتظر الحصول على الوظيفة الحكومية ولا حتى الخاصة وتوجه هو وزملاؤه لتأسيس شركتهم الخاصة، وهم حينما توفوا كانوا في مهمة عمل في الدقم. وأخبرنا قبل الذهاب إلى هناك بأنه مسافر للدقم لمدة يومين، وأنه سيرجع بعد أن ينهي العمل مباشرة".

وعن الحادث يقول: "كان -رحمة الله عليه- قد سافر وزميلاه محمد النهدي وعُمان العدوي في مهمة عمل لتصوير العداءين العمانيين (حمد العمري وزوجته) اللذين يقطعان المسافة من صلالة إلى مسقط على الدراجة الهوائية، وأجروا جلسات عدة لتصويرهم من قبل، أولاها كانت في صلالة قبل نحو أسبوعين، وفي جلسة تصوير تلك المرة التي كانت في سناو، سافروا يوم الأربعاء 22 نوفمبر وقاموا بتصويرهما في اليوم التالي (الخميس)، وبعد أن انتهوا من التصوير رفضوا المبيت وفضلوا الرجوع بعد الانتهاء من التصوير مباشرة، وقد كنت على تواصل دائم معه أثناء الرحلة، وفي تلك الليلة أخبرني أنهم انطلقوا وسيصلون بعد منتصف الليل، وبعدها انقطع الاتصال فظننت أنه لا يوجد إرسال ولكن بعد أن طال الانتظار ووصلت الساعة إلى الرابعة فجراً بدأنا نشعر بالقلق، حتى وصلت الساعة إلى السابعة صباحاً فتلقينا اتصالاً من نقطة شرطة سمائل تسألنا عن بعض المعلومات عنه، ثم أخبرونا بأن "أحمد" في مستشفى نزوى وأنه تعرض لحادث بسيط، ولكن عندما ذهبنا إلى هناك وجدنا أن قدر الله قد نفذ، وأن الحادث قد وقع في الرابعة فجراً في إزكي، وكان اصطداماً بين سيارتهم وشاحنة مركونة على الطريق".

وعن أخيه أحمد يقول: "كان طموحاً محباً لعمله، دائماً يسعى للإبداع، ورغم أنه خريج كلية قسم الاقتصاد والعلوم السياسية إلا أنه كان يعمل مصوراً فوتوغرافياً وللفيديو ويقوم بالمونتاج، ودائماً يسعى إلى عمل الشيء الجديد والمبتكر"، كما أشار إلى أنه كان يفكر بالزواج ولكن قدر الله نافذ ولم يمهله القدر لذلك، فرحمة الله عليه.

ويقول يوسف بن حلفان السيابي، خال المتوفى "محمد بن سالم النهدي": "كان ابن أختى محمد بالنسبة لي كابني، فأنا أربّيه هو وأخويه وأخواته الأربع مثل أبنائي، منذ أن توفي والدهم في العام 2008م، لدرجة أنني أمر عليهم في ولاية السيب كل يوم تقريباً". وأضاف: "التقيته آخر مرة يوم الثلاثاء 21 نوفمبر، إذ مررت على بيتهم في المعبيلة الجنوبية حين رجعت من العمل، كما يحدث كثيراً معي للاطمئنان عليهم، وكانت والدته قد أعدت الغداء، وانتظرته ولكن بسبب عمل عنده تأخر، فتناولت عندهم الغداء ثم جاء بعدها هو، ودار حديث بيننا عن عمله وأخبرني عن تلك المهمة إلى الدقم، وأنه سيسافر يوم الأربعاء، وتركتهم".

ويضيف السيابي: "علمت أنه بعد أن غادرت وفي تلك الليلة أصر على إحضار عشاء للأسرة وتناولوه سوياً -وهو لا يعلم أنه العشاء الأخير معهم، وبعدها ذهب إلى مقر شركته وزملائه في الموالح، وقال لهم إنه سيبيت هناك لأنه سيسافر فجر الأربعاء إلى الدقم، وظلت والدته على تواصل معه في يوم الخميس حتى الساعة الثانية بعد منتصف الليل حينما أخبرها بأنهم سيعودون ليلاً، وحينما شعر بقلقها أراد أن يطمأنها لتنام، فقال لها إنهم سيبيتون في ولاية "سناو"، وبالفعل نامت لتستيقظ في الساعة السابعة على اتصال من شرطة سمائل يعلمها أن فلذة كبدها تعرض لحادث، وأنه في مستشفى نزوى، ومن القلق والتوتر خرجت هي وأخوه إدريس دون أن يخبروا أحداً إلى مستشفى نزوى ليجدوا أن المنية وافته وسبقتهم إليه، وأنا تلقيت الخبر منهم في التاسعة صباحاً".

ويؤكد إدريس بن محمد النهدي شقيق محمد، بأنه كان -رحمة الله عليه- يدرس بكلية العلوم بجامعة السلطان قابوس، وكان قد عقد زواجه في مارس الفائت ويستعد للزفاف في أول فبراير المقبل، وكان يجهز شقته للزواج والتي أوشكت على الاكتمال، ولكن القضاء والقدر لم يمهله ليكمل هذه الفرحة التي كان ينتظرها، ولينزعها منه إلى الأبد، ومنا كذلك!

أما البراء العدوي، شقيق المتوفى "عُمان بن حمد بن ناصر العدوي" فيقول: "كان شقيقي -رحمة الله عليه- يبلغ من العمر 21 عاماً، وكان يدرس علوم الحاسب الآلي في جامعة السلطان قابوس، ولكن نظراً لأنه يحب العمل ويقدره لم ينتظر حتى التخرج، و بدأ العمل مبكراً وهو طالب، بل دخل مع أصدقائه في تكوين شركتهم التي يعملون بها، وهي مختصة بمجال التصوير والمونتاج والتصميم، وكانوا يحققون تقدماً ونجاحاً ملحوظاً".

وبأسى، يشير البراء إلى أن ما يحزنه أنه لم يلتقِ أخاه الأكبر منذ أكثر من أسبوعين، فبحكم أنهم من ولاية الرستاق، والمرحوم كان طالباً بجامعة السلطان قابوس ويقيم في مسقط وهو يعمل في الوقت ذاته كان المرحوم لا يأتي إلا مرة كل أسبوعين، ويقول البراء: "كانت آخر مرة التقيته بها في 6 نوفمبر الجاري، إذ كان هناك حفل تخرج بالجامعة وكان المرحوم يصوره، وذهبت لرؤيته، وكان يستعد للسفر إلى المملكة المتحدة لتوثيق فعالية احتفال جمعية المبتعثين العمانيين في ليفربول، وبالفعل سافر ووثق الحفل وعاد يوم الثلاثاء 21 نوفمبر، ثم سافر إلى الدقم يوم الأربعاء 22 نوفمبر، وأنهى هو وزملاؤه التصوير يوم الخميس ورجعوا في اليوم ذاته ليلاقوا قدرهم".

ويشير إلى أن أخاه عُمان -رحمة الله عليه- قبل هذا المصاب جاء خصيصاً للبيت لرؤية الأسرة وهو لا يدري أنها الرؤية الأخيرة، "وكان قدري ألا أراه، فقد كنت خارج الولاية وبقي مع الأسرة لفترة وتناول معهم العشاء وأخبرهم عن مهمة السفر إلى الدقم". وأضاف البراء: "كان أخي محباً للعمل ومقدراً لقيمته، ولذا لم ينتظر التخرج، وتعلم الكثير من الأشياء وهو طالب، فهو يدرس علوم الحاسب الآلي وتعلم الجرافيك واحترف التصوير الفوتوغرافي، وكان من أهم ما يمزه أنه مبتسم دائماً، ولكن غاب عنّا ببسمته، فغابت عن بيتنا البسمة فرحمة الله عليه".