أسعار النفط.. هل تصمد مرتفعة؟

مؤشر الاثنين ٠٦/نوفمبر/٢٠١٧ ٠٢:٠٦ ص
أسعار النفط.. هل تصمد مرتفعة؟

مسقط - يوسف بن محمد البلوشي وفريد قمر

عندما أعلن وزير النفط والغاز معالي محمد الرمحي عن استعداد السلطنة لخفض إنتاجها لتصحيح أسعار النفط، لم يكن اتفاق خفض الإنتاج قد بدا بحثه بعد، وبعد السير بالاتفاق ووصول الأسعار إلى مستوى 60 دولاراً، ثبت أن رؤية السلطنة كانت صائبة وأن مبادرتها لم تكن قابلة للتنفيذ فحسب، بل قادرة على إنقاذ العالم من انهيار اقتصادي.

للمرة الأولى منذ العام 2015، تخطت أسعار النفط العالمية عتبة 60 دولاراً، خالعة كابوساً سيطر على اقتصاديات الدول المنتجة للنفط بعدما تسبب الهبوط الحاد في الأسعار بتغيير بنيات اقتصادية كاملة في بعض الدول.
يقول المدير العام لتسويق النفط والغاز بوزارة النفط والغاز علي بن عبدالله الريامي: «إن ارتفاع أسعار النفط واقترابها من معدل 60 دولاراً يعطي بعض الأريحية للدول المنتجة للنفط، ويدلل على جدوى اتفاق تثبيت الإنتاج الذي جرى بين الدول المصدرة للنفط من داخل منظمة أوبك وخارجها»، مشيراً إلى أن الاجتماعات المقبلة ستحدد مصير هذا الاتفاق.
ويضيف الريامي في تصريح خاص لـ «الشبيبة» أن دعم السلطنة لاتفاق تثبيت الإنتاج كان نابعاً من قراءة وتحليل اقتصادي وسياسي عميقين، وما زالت ترى أن استمرار الالتزام بتثبيت الإنتاج عند المستويات المتفق عليها يدعم الاقتصاد العالمي، ويصب في مصلحة الدول المنتجة للنفط.
وأوضح الريامي أن السلطنة تراقب الاجتماعات الثنائية التي تجري بين حين وآخر بين الدول المصدرة للنفط، وتشجع التفاهمات التي تخرج عنها، خاصة تلك المتعلقة بقضايا أسعار النفط والوصول به إلى مستويات جيدة وعادلة للمنتجين والمستهلكين.
وتوقع الريامي استمرار أسعار النفط عند مستويات 60 دولاراً للبرميل في ظل الظروف الراهنة، ومن بينها استمرار الاتفاق النفطي والنمو الاقتصادي العالمي، مع إمكانية ارتفاعها قليلاً بالنسق التصاعدي الحالي، مستبعداً -في ظل الأوضاع الحالية- حدوث طفرة كبيرة في الأسعار ورجوعها إلى المستويات القياسية التي كانت عليها قبل الانخفاض الحاد في الأسعار مع نهاية العامين 2014 و2015.

إعادة توازن

بدوره، يؤكد الخبير النفطي الجزائري عبدالرحمن عية أن هناك أسباباً كثيرة اجتمعت لتحقق «تصحيح الأسعار»، مؤكداً أن ما يجري سببه أولاً الالتزام باتفاق خفض الإنتاج.
ويعتبر في تصريح خاص لـ «الشبيبة» أن هناك أسباباً جيو-سياسية تؤثر في الأسعار على غرار تهديد ترامب بالانسحاب من الاتفاق مع إيران، أو الأزمة الكورية، والتقارب السعودي الروسي.
ويعتبر أن من أهم عوامل الارتفاع «التأثيرات المالية كإعلان الصين -أكبر مستورد- أنها ستعقد صفقات شراء النفط باليوان الصيني بدلاً من الدولار، وأن ذلك سيجري مع روسيا التي تعد ثاني أكبر مصدر للنفط، بالإضافة إلى بدء تداول عملة البتكوين، ما قد يُفقد الدولار دوره الحقيقي كأول عملة دولية، ولتجنب ذلك تشجع الولايات المتحدة تداول الدولار من خلال التأثير لرفع التداول المضاربي على عقود النفط الذي يجري بالدولار مستفيدة من دخول رؤوس الأموال المضاربة إليها».

تقارب المنتجين

ويضيف عية: «أعتقد أن روسيا والسعودية ترغبان أكثر من أي وقت في استمرار الأسعار بالارتفاع وبلوغها 80 دولاراً للبرميل، الذي يمكن اعتباره سعراً توازنياً يرضي غالبية المصدرين»، ويعتبر أن ما يؤخر النمو في الأسعار هو النمو الأوروبي الذي ما زال دون المستويات المطلوبة، ما يؤخر زيادة الطلب على مواد الطاقة، آملاً ألا تنتكس الأسعار من جديد في حال حدوث أزمة على مستوى أسواق المال «خصوصاً وولستريت»، أو أن تدخل أسعار النفط في المساومات السياسية بين الدول المعنية كروسيا والصين وإيران والسعودية.

تحسن متواصل

من جهته، يقول رئيس استراتيجية السلع لدى «ساكسو بنك» أولي هانسن: «إن أسعار النفط الخام تواصل تحسنها مع عملية إعادة التوازن المدعومة بتراجع مستوى مخزونات النفط العالمية، والنمو القوي للطلب، وتغطية العرض، بفضل مجموعة «أوبك» وروسيا».
وحول احتمال بقاء الأسعار عند مستوياتها العالية يقول رئيس استراتيجية السلع لدى «ساكسو بنك»: «خلال الشهرين الفائتين، توصل التجار إلى استنتاج مفاده أن المملكة العربية السعودية توفر للسوق وضعاً حراً، بما يعني أنهم لن يدخروا أي جهد لدعم أسعار النفط.
ويستند ذلك إلى الحاجة باستقطاب أعلى تقييم ممكن للاكتتاب العام على شركة «أرامكو»، وتقريب الأسعار إلى مستوى يمكن معه تحقيق ميزانية متوازنة».
ويعتبر هانسن أن بلوغ الأسعار 60 دولاراً للبرميل يعدُّ مُرضياً للعديد من المنتجين؛ نظراً للآثار السلبية المحتملة التي يمكن أن يعاني منها المنتجون من الدول غير الأعضاء في أوبك والقادرون على تسريع الإنتاج.
وفي العام 2018، ينبغي أن يتخطى متوسط سعر خام غرب تكساس الوسيط عتبة 54 دولار للبرميل، بما يعادل ارتفاعاً بحوالي 10 دولار من مستواه المنخفض في يونيو الفائت، ويجب أن يكون كافياً لدعم النمو القوي في الإنتاج الأمريكي على مدار الأشهر المقبلة.
وعلى هذا الأساس، يعتبر هانسن أن الزخم قد يقود السوق بسهولة إلى حال ارتفاع المستمر فوق 61 دولاراً للبرميل.

تفاهم الكبار

وما يقوله هانسن تدعمه المعطيات الآتية من أكبر من منتجين للنفط من أوبك وخارجها، إذ أعلنت وزارة الطاقة الروسية في بيان بعد اجتماع بين مسؤولين من روسيا والسعودية، بمشاركة كل من أوزبكستان وكازاخستان أن الدول الأربع مستعدة للعمل بشكل أكبر لخفض مخزونات النفط العالمية.
وتقود روسيا والسعودية اتفاقاً بين الدول المنتجة للنفط داخل أوبك وخارجها لخفض الإنتاج العالمي بهدف رفع الأسعار.
وقال البيان: «الدول المشاركة عبَّرت عن ارتياحها لخفض مخزونات النفط التجارية، وأبدت استعدادها لمواصلة (بذل) جهود مشتركة في مثل هذا الاتجاه».
واستمرت أسعار النفط الخام بالارتفاع الأسبوع الفائت من أدنى مستوياتها في يونيو بحيث تخطت أسعار برنت المستوى النفسي عند 60 دولار أمريكي للبرميل، للمرة الأولى منذ العام 2015.
وواصل خام غرب تكساس الوسيط ملاحقة برنت، وساهم انخفاض صافي الواردات إلى الولايات المتحدة الأمريكية نظراً للصادرات القياسية، فضلاً عن الطلب الكبير على المصافي بعد الإعصار القوي، في استقرار وتراجع تخفيضات الأسعار بالنسبة لخام برنت. بدوره، استطاع الخام العُماني أن يحقق قفزة نوعية مقترباً من 59 دولاراً للبرميل، وهو أعلى معدل له منذ أكثر من سنتين، مما سيساهم في تراجع العجز في الموازنة العامة التي وضعت على أساس سعر وسطي يبلغ 45 دولاراً للبرميل، وما يوفر المزيد من السيولة التي من المتوقع أن تضخ لدم رؤية السلطنة لتحقيق التنويع الاقتصادي.