حوار – شيماء عبدالفتاح
عملت في التثقيف الصحي بوزارة الصحة، احتكاكها بالمجتمع كان كبيرا مما ساهم في تطوير أفكارها في مجال العمل التطوعي، كانت لديها فكرة لإنشاء جمعية للأطفال ذوي الإعاقة وكانت صديقتها شكور الغمارية لديها نفس الفكرة فجمعتا الأفكار سويا وأسستا جمعية التدخل المبكر للأطفال ذوي الإعاقة، فقد بدأ الحديث عن الأفكار وعن الجمعية في العام 1998 وتمت الموافقة على إنشائها في العام 2000.
هي امرأة ناجحة استطاعت أن تضع بصمتها في المجال التطوعي بقوة خاصة فيما يتعلق بدمج الأطفال ذوي الإعاقة في المجتمع، تنظر للمرأة العمانية على أنها نصف المجتمع، وتشير إلى أن مفهوم المواطنة يكمن في معرفة واجبات الوطن قبل الحقوق، 7 أيام التقت الرئيسة التنفيذية لـ "جمعية التدخل المبكر للأطفال ذوي الإعاقة" وعضوة مجلس الدولة المكرمة صباح بنت محمد البهلاني..
- لماذا لا يوجد فروع للجمعية في ولايات ومحافظات السلطنة الأخرى؟
التكلفة المطلوبة لإنشاء جمعية مثل جمعية التدخل المبكر عالية جدا حيث يجب أولا أن نقدم الخدمات العلاجية والوقائية التي ستحمي الطفل وهذا في حد ذاته ذو تكلفة عالية، فنحن لدينا في هذا المقر عدد كبير جدا من الاطفال وللأسف ليس لدينا القدرة على استيعاب أعداد أخرى من الأطفال.
فنحن جمعية خيرة تقوم على التبرعات في الأساس وليس لدينا دعم أو دخل ثابت وبالتالي من الصعب أن نقوم بإنشاء فروع أخرى، في الوقت الحالي لدينا خبرة في هذا العمل وإذا توفر دخل ثابت للجمعية سنتمكن من إنشاء فروع أخرى، فقد عملنا لأكثر من 15 عاما في هذا المجال لذلك أصبحت لدينا خبرة في العمل والإدارة في هذا المجال.
بدأنا عملنا كمتطوعين نقوم بتدريب الأفراد وتعليمهم للعمل في هذا المجال ولكن الآن بعدما أصبحت مؤسسة كبيرة لم يعد يصلح أن يكون العمل تطوعيا -وأقصد هنا الأفراد العاملين بالجمعية- حيث إننا لدينا الآن موظفين يعملون بدوام محدد في الجمعية وبالتالي من الصعب عليهم أن يكون هذا العمل تطوعيا وبالتالي نحن ندفع لهم رواتب وهذا يعني أنه يجب أن يكون لدينا مبالغ مالية ثابتة سنويا نستطيع من خلالها أن ندفع منها هذه الرواتب، وهذا سبب آخر يجعلنا لا نستطيع أن نفتتح فرع آخر للجمعية.
اضف إلى ذلك قلة أعداد الكوادر التأهيلية التي تعمل في هذا المجال وهذه مشكلة على مستوى العالم وليست في السلطنة فقط وبالتالي من الصعب افتتاح مركز آخر بدون كوادر مؤهلة بصورة كبيرة.
- هل تقوم الجمعية بعمل دورات تأهيلية للأسر التي توجد في المناطق والولايات البعيدة عن مسقط؟
من الصعب عمل ذلك لقلة الكوادر التأهيلية كما ذكرت وأيضا لأن الموضوع يحتاج لمتابعة من الأسرة بصورة مستمرة حيث لا يمكن أن تكون الدورة لمدة أسبوع أو شهر فقط فالطفل يمر بمراحل نمو مختلفة، لذلك يجب أن تكون هناك متابعة له بصورة مستمرة ولسنوات طويلة ولكن لدينا برامج تدريبية هنا في مسقط ونسميها بـ "الزيارات المنزلية"، فنحن نعمل في الجمعية على ثلاثة برامج أساسية:
1- برنامج الزيارة المنزلية: وفيه تقوم الزائرة بالذهاب إلى منزل الأسرة التي لديها طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة من عمر 1-3 سنوات حيث تقوم المدربة بتدريب الأم على كيفية التعامل مع الطفل.
2- من عمر 3-6 سنوات: حيث يقوم الطفل في هذه المرحلة بالانتقال من المنزل إلى الجمعية وهنا يتم تعليم الطفل المهارات الحياتية وتعليمه السلوكيات اليومية والاعتماد على النفس، بالإضافة إلى تعليمه بعض الأساسيات التعليمية للطفل كالحروف والألوان وغيرها.
3- برنامج التأهيل: ويقوم فيه الأخصائيون بتقييم الطفل وعلاجه، وهناك خمسة مجالات نعمل عليها في هذا البرنامج وهي: علاج النطق، والعلاج الوظيفي، والعلاج الطبيعي، والعلاج السلوكي، بالإضافة إلى التربية الخاصة التي يتم فيها تقييم الطفل من ناحية القدرات العقلية.
فلقد قمنا بعمل دورات تدريبية عن كيفية تعامل الأم والأب مع الطفل حيث يتم تقييم الطفل واحتياجاته وتدريب الأهل على كيفية التعامل معه في المنزل وهذا الأمر يتطلب وقت طويل حيث إن المعلومات كثيرة لا يمكن لهم أن يتعلموها في يوم تدريبي واحد بل يجب أن يكون هناك استمرارية ويجب المحافظة على حضور الدورات التدريبية بصورة مستمرة ودائمة.
- ما أنواع الإعاقات التي تستقبلها الجمعية؟
تستقبل الجمعية كل أنواع الإعقات ما عدا أن يكون الطفل مصابا بمرض مزمن كالقلب مثلا، حيث إنه ليس لدينا كوادر طبية متخصصة تستطيع العمل مع الحالات الطارئة التي تستدعي التدخل السريع، ولكن هذا لا يعني أننا لا نتابع الطفل بل نقوم بتقديم الخدمات له في المنزل إلى أن يصل لعمر 9 سنوات، وبصفة عامة نحن نسعى لجعل الأطفال ذوي الإعاقات يندمجون مع الأطفال ومع المجتمع ومع الآخرين حتى وإن لم يحققوا استفادة علمية فيكفي أنهم التقوا مع أطفال وأشخاص وهذا يحسن من الناحية النفسية لديهم.
- كونك عملتِ في التثقيف الصحي بوزارة الصحة، كيف تقيمين طرق وأساليب التوعية في السلطنة؟
إذا تحدثنا عن التوعية في السلطنة استطيع أن أقول إن السلطنة عملت في هذا المجال بقوة في ثمانينيات وتسعينيات القرن الفائت خاصة فيما يتعلق بالوقاية من الأمراض المعدية، لذلك فالمرأة العمانية على قدر عال من الوعي بما يخص الطفل والأسرة كالرضاعة الطبيعية والفطام والتطعيم والأمراض وغيرها، وتعتبر السلطنة من الدول الناجحة في هذا المجال وليومنا هذا ما زال هناك وعي في المجتمع عن هذه المواضيع رغم أن البرامج التوعوية قليلة.
إن المشكلة التي تواجه المؤسسات الصحية في السلطنة بوجه خاص والعالم بوجه عام هي أن البرامج التوعوية كانت تقوم بها وزارة الصحة نفسها فكان هناك أفراد من الوزارة يقومون بزيارات ميدانية لنشر ثقافة الوقاية والعلاج، أما الآن فالمشاكل الصحية أصبحت مشاكل سلوكية والوزارة لن تتمكن من أن تجبر الأشخاص على تغيير سلوكياتهم الصحية الخاطئة، فهنا تكمن المشكلة حيث يجب على وزارة الصحة أن تتدخل بطريقة أخرى حيث يجب أن يكون هناك تفاعل ومشاركة مع المجتمع بصورة أكبر، فيجب أن تكون هناك طرق لتعليم مهارات تغيير السلوكيات الخاطئة، فعلى سبيل المثال يجب أن يعلم مريض الضغط أن الملح مضر بصحته، والسكر بالنسبة لمريض السكري خطر على حياته، وأن الدهون خطيرة ويجب عدم استعمالها بكثرة في الطبخ مثلا وهذا يأتي من خلال عمل دورات تدريبية، وأيضا يجب نشر أن المشي مفيد للصحة وهذا يأتي بتوفير أماكن للمشي، وكلها أشياء تحتاج إلى مهارات وليست شعارات فقط وكلمات تتردد بصورة يومية لأن الكلام لن يغير السلوك، فتوفير البيئة المناسبة سبيل لتغيير السلوك، وبالتالي يجب أن يكون هناك تشريعات وتوعية وتدريب لأن كل هذه الأشياء هي مثلث التثقيف الصحي الناجح.
- من هي المرأة العمانية من وجهة نظرك؟
المرأة نصف المجتمع وبالتالي لها نصف الدور في المجتمع، وعندما نتحدث عن المساواة الكل ينظر لها من ناحية العمل ولكن المرأة هي الأم والزوجة وهي التي تربي الأجيال، إذن فحتى إن لم تكن المرأة عاملة فهي مؤسسة جيل بأكمله فهي التي تربي الرجل، إذن فإذا ما أسسنا المرأة بشكل صحيح ستكون متواجدة في جميع المجالات التي تدعم المجتمع، فبدون المعلمة لن نستطيع تخريج أجيال، وبدون طبيبات وممرضات لن نستطيع أن نكمل المسيرة، فأينما كانت المرأة لها قدرات وخبرات تختلف عن الرجل لا يمكن الاستغناء عنها مطلقا، فهي شريكة في عملية البناء ودورها مكمل للرجل، وعليه فمجلس الشورى ومجلس الدولة يعملان على وضع قوانين تخدم المجتمع والوطن وبالتالي يجب أن تؤخذ خبرات المرأة وقدراتها بعين الاعتبار، فعندما اختار جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- المرأة اختارها على أساس أنها جزء من التطور والنماء في المجتمع ولو أنننا أهملنا المرأة فلن يكون هناك تطور بالشكل المطلوب، وبالتالي يجب أن تتواجد المرأة في كل المناصب حتى تستطيع تقديم الخدمات التي تساهم في تقدم المجتمع، ومن ناحية أخرى يجب أن تكون المرأة على قدر من تحمل المسؤولية وأن تعمل وتشارك بطريقة صحيحة وفعالة.
هناك مفهوم خاطئ عن المرأة حيث ينظر المجتمع إليها على أنها يجب أن تعمل في النهار وتقوم برعاية شؤون الأسرة والبيت والأبناء بعد عودتها من العمل وهذا منظور خاطئ حيث إنه يجب أن يفهم الجميع أن المسؤوليات لا يجب أن تقع على عاتق المرأة فقط بل على الرجل أيضا لأنه من أفراد الأسرة وهو شريك لها، إذن فالأسرة مسؤولة عن البيت والأبناء، فإذا ما كان هناك تفاعل وتعاون بين أفراد الأسرة ستتحقق معادلة التطور الناجح.
- كيف تقيمين ثقافة العمل التطوعي في السلطنة؟
الكثيرون لا يعلمون مفهوم "الوطنية"، فعندما نتحدث عن الوطنية نحن نعني المشاركة في بناء الوطن دون انتظار الحكومة والجهات المعنية أن تبني هذا الوطن بمفردها، فنحن مثلا عندما نعمل في مؤسسات خيرية نتشارك مع الحكومة في بناء المجتمع، فنحن أفراد المجتمع المدني يجب أن نشارك في بناء الوطن ونقوم بدور مكمل للحكومة، ويجب أن يفهم الجيل الجديد أن مفهوم الوطنية هو أن يكون العمل من أجل الوطن وليس من أجل المصلحة الشخصية وبالتالي يجب أن يكون هناك توعية في هذا الجانب.
وبالنسبة للعمل التطوعي فما زالت هذه الثقافة غير مفهومة بالشكل المطلوب، فالعمل التطوعي لا يقصد به الذهاب للجمعية التطوعية والقيام بعمل تطوعي لمرة واحدة فقط بل هو واجب وطني يجب الالتزام به حتى تكون هناك استمرارية للجمعية أو المؤسسة، فالعطاء هام جدا ولا نطلب من الجميع أن يفرغوا أنفسهم للأعمال الخيرية فقط بل نطلب أن يكون هناك وقت للعطاء ولو لمرة واحدة في الأسبوع ولكن يجب أن يكون هذا الوقت ثابتا ومستمرا حتى يستفيد المجتمع.