ابتسم.. أنت في مسقط..

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٥/أكتوبر/٢٠١٧ ٠٤:٥٤ ص
ابتسم.. أنت في مسقط..

لميس ضيف
lameesdhaif@gmail.com

بعد زيارة خاطفة لأهلها في لبنان، قررت صديقتي المقيمة في لندن التعريج على مسقط لزيارتي. كنت قد أطنبت في الحديث عن أخلاق العمانيين وأصالة الحياة في مسقط مقارنة بمدن أخرى- تقدمت عمرانيا نعم- ولكنها فقدت في هذا التغيير جلدها، ولكنها لم تستوعبني إلا بعد موقف حدث أمامها، جعلها تتحقق مما أقول.

كان سائق المركبة المتاخمة لنا متشاغلا بهاتفه عندما ارتطمت سيارته بسيارة أخرى يبدو وكأنها قد خرجت لتوها من الوكالة. خرج السائق «المخطئ» من سيارته ليُعاين الأضرار وفعل الثاني المثل. عندما التقيا بادر الثاني بمصافحة الأول ودار بينهما حوار لم نتمكن -نحنُ الملاصقين لهم- من سماعه. شُدهت صاحبتي ثم صرخت «معؤول»، باللهجة اللبنانية، ثم أردفت مبررةً: للتو عُدت من لبنان، حيث تبدأ المشاحنات بشتم الأم والأخت وصولاً للجدة بكلمات نابية على أولوية المرور فضلاً عن عداه. وفي الحوادث التي مثل هذه «يا لطيف» تمتد الأيدي حتى قبل أن يقدر السائقان وجود ضرر من عدمه!
بالنسبة لها؛ ما رأته جزء من فيلم «خيال علمي» كذلك الذي يشبه الواقع ولا يشبهه. وعندما توالت عليها الموقف خلال أيام زيارتها تأكدت أن لا مجاملة في ما أسرده عليها عن السلطنة وأهلها.
لذا لم أتعجب -أبدا- في نشر «الشبيبة» لنتائج استبيان عربي أفضى إلى أن مسقط تقدمت في معيار السعادة على باقي العواصم والمدن العربية، وأن بيروت احتلت المركز الأخير. فالسعادة لا علاقة لها بالجو العليل، ولا بالظل الوارف ولا حتى بأناقة المباني وجمال المدن. السعادة هي الأمن أولا، والاستقرار ، وسيادة العدالة ويقظة القانون ورفق الإنسان بأخيه الإنسان.
عشت في «ست الدنيا» بيروت فترة بحكم الدراسات العليا فوجدت الغضب يحكمها. الغضب من تركة ماضي الحرب الأهلية. الغضب من كونهم ساحة لمعارك بالإنابة. الغضب من الغلاء، الغضب من البطالة، الغضب من حكومات ضعيفة ومن مستقبل غامض ومخاوف نائمة.
في مسقط، والسلطنة بشكل عام، ينعم المواطنون والوافدون على حد سواء بهذا الهدوء الساحر. والطمأنينة التي تأتي من وجود ثقة بالنظام والحكم. فضلا عن باقي النقاط التي تطرق لها الاستبيان المُشار إليه أعلاه وهي أسعار السكن وأسعار الاحتياجات اليومية المقبولة. وثبات حقوق الموظفين وقلة التلوث وغيرها من العوامل التي شملها الاستبيان فيما حلت أبو ظبي في المرتبة الثانية ودبي في الثالثة.
أعرف أن البعض يستقبل أمورا كهذه بشيء من التهكم. فلا يعرف قيمة الشيء إلا من عايش فقدانه أو نقيضة في مرحلة من المراحل. فإن كنت من مواطني هذه البلد، أو مقيما فيها، فابتسم.. وابتسم مجددا.. لأنك في مسقط..