السلطنة الأولـى عـالـمــيــاً في ضبط الـــتضـخم

مؤشر الخميس ٢٨/سبتمبر/٢٠١٧ ٠١:١٨ ص

مسقط- فريد قمر

أظهر تقرير صدر أمس عن المنتدى الاقتصادي العالمي حلول عُمان في المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر ضبط التضخم، بعد حفاظها على أقل نسبة تغيّر في معدّل تضخم مقبول رغم الصعوبات الاقتصادية.

ويأتي ذلك في المؤشرات الاقتصادية المندرجة تحت مؤشر التنافسية العالمي الصادر عن المنتدى، وقد تقدّمت السلطنة 4 مراكز في المؤشر العام.
وأوضح التقرير أن السلطنة حلّت في المرتبة 62 عالمياً في مؤشر التنافسية، لتعود إلى موقعها الذي فقدته العام الفائت، حين تراجعت إلى المرتبة 62 من أصل 137 دولة.
ونالت السلطنة 4.3 نقطة من أصل 7 نقاط في المؤشر العام، غير أنها حققت أرقاماً متقدمة في عدد من المؤشرات الفرعية كمؤشر القطاع الصحي الذي حلّت فيه بالمرتبة 28 عالمياً، بعد أن سجلت أقل معدل عالمي في بعض الأمراض الخطيرة كالإيدز (المركز الأول عالمياً).
ومن حيث بيئة الأعمال، حققت السلطنة معدلات جيدة في عدم تأثير الضرائب على الاستثمار لتحل في المرتبة التاسعة عالمياً مع 5.2 نقطة من أصل 7، بينما حلت في المرتبة السادسة عالمياً من حيث انعدام تأثير الضرائب على الأعمال مسجّلة 5.3 نقطة من أصل 7.
بالإضافة إلى ذلك، سجّلت السلطنة نتائج إيجابية على الصعيد الاجتماعي، مع حلولها في المرتبة الثالثة عالمياً بين الدول الأقل في الجريمة المنظمة، وفي المرتبة الخامسة في عدم تأثير الجريمة والعنف على بيئة الأعمال.

التقرير عالمي

خلص تقرير التنافسية العالمية التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي 2017-2018، الذي نشره المنتدى أمس إلى أن فرص الانتعاش الاقتصادي المستدام لا تزال معرضة للخطر بعد مرور عقد على الأزمة الاقتصادية العالمية، ويعزي التقرير ذلك إلى فشل القادة والسياسيين وصناع القرار واسع النطاق في سن القوانين وتنفيذ الإصلاحات اللازمة لدعم القدرة التنافسية وتحقيق زيادات في الإنتاجية التي يُعتبر العالم في أمس الحاجة إليها.
ويُعد التقرير تقييماً سنوياً للعوامل المؤدية إلى زيادة إنتاجية الدول وازدهارها. وللعام التاسع على التوالي، تتصدر سويسرا مؤشر التنافسية العالمية كونها أكثر الاقتصادات تنافسية في العالم، سابقةً بذلك الولايات المتحدة وسنغافورة بفارق ضئيل. أما دول مجموعة العشرين الأخرى في ترتيب العشر الأوائل فهي ألمانيا (5)، والمملكة المتحدة (8)، واليابان (9). هذا وحققت الصين أعلى مرتبة بين مجموعة دول البريكس، حيث زادت بمعدل درجة واحدة لتصل إلى المرتبة 27.
واستناداً إلى بيانات مؤشر التنافسية العالمي التي تعود إلى عشر سنوات، يبرز تقرير هذا العالم ثلاث نقاط مثيرة للقلق، منها النظام المالي، حيث لا تزال مستويات «السلامة» تتعافى من صدمة العام 2007 حتى أنها انحدرت إلى مستويات متدنية في بعض دول العالم. ما يبعث على القلق، خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار الدور الهام الذي يلعبه النظام المالي في تيسير الاستثمار في الابتكار الذي هو أساس الثورة الصناعية الرابعة.
ما النقطة الثانية، فتتمثل في أن مستويات القدرة التنافسية تزداد ولا تقلّ من خلال الجمع بين درجات المرونة ضمن القوى العاملة والحماية الكافية لحقوق العمال.
ومع تعطيل وفقدان أعداد كبيرة من الوظائف كنتيجة لانتشار الروبوتات والتشغيل الآلي، فإنه من المهم جداً خلق ظروف يمكن لها أن تصمد أمام الصدمات الاقتصادية وأن تدعم العمال خلال الفترات الانتقالية.
هذا وتخلص بيانات مؤشر التنافسية العالمي إلى أن فشل الابتكار في تحفيز وتحقيق الإنتاجية غالباً ما يعود إلى عدم التوازن بين الاستثمار في التكنولوجيا والجهود المبذولة لتعزيز اعتماد الابتكار في مختلف مناحي الاقتصاد بشكل عام.
يقول كلاوس شواب، المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي: «ستصبح القدرة على الابتكار السمة الأساسية والمحددة للقدرة التنافسية العالمية شيئاً فشيئاً، وستُصبح المواهب أكثر أهمية من رأس المال، وعليه فإن العالم يخرج من عصر الرأسمالية، إلى عصر الموهبة.
ويضيف: «ستكون الدول التي تستعد للثورة الصناعية الرابعة وتعزز في الوقت ذاته نُظمها السياسية والاقتصادية، والاجتماعية، هي الفائزة في سباق التنافسية العالمي».

أداء إيجابي

تمكنت كلّ من سويسرا وهولندا وألمانيا من المحافظة على مراكزها المتقدمة في المركز الأول والرابع والخامس على التوالي، أما التغيير الوحيد في المراكز الخمسة الأولى فهو في ترتيب الولايات المتحدة الأميركية وسنغافورة، واللتان تبادلتا مركزهما الثاني والثالث. أما المراتب العشر الأولى، فكان الفائز الأكبر فيها هو هونج كونج، التي قفزت ثلاث مراتب لتخطف المركز السادس من السويد التي حلّت سابعةً هذا العام متبوعةً بالمملكة المتحدة (8) واليابان (9)، والتي خسر كل منها مرتبة واحدة. أما المركز العاشر، فكان من نصيب فنلندا. ولعلّ الدولة الأفضل أداءً في ترتيب الدول العشرين هي إسرائيل، والتي تمكنت من التقدم ثماني مراتب لتصل إلى المركز السادس عشر.
وفي أوروبا، خسرت فرنسا، وهي ثاني أكبر اقتصادات المنطقة، مرتبة واحدة لتحلّ في المركز 22. وبشكل عام، نرى تحسناً ضئيلاً في سدّ الفجوة بين شمال وجنوب أوروبا، على الرغم من تغير طفيف في ترتيب إسبانيا (34) وإيطاليا (43)، واليونان (87). هذا وقد تمكنت البرتغال من التفوق على إيطاليا وتسلّق أربع مراتب لتصل إلى المركز 42. وشهدت الاتجاهات العامة على مدى العقد الماضي في أوروبا تحسناً في النظم الإيكولوجية للابتكار، وتدهوراً مقلقاً في بعض المؤشرات التعليمية الهامة، هذا وقد حسنت روسيا من ترتيبها حيث ارتفعت خمس مراتب لتصل إلى المركز 38. ولعلّ التحسينات في المتطلبات الأساسية والابتكار هي التي تدفع الزيادة.
لا تزال أمريكا الشمالية واحدة من أكثر المناطق تنافسيةً في العالم. فهي رائدة في مجال الابتكار، وتطوير الأعمال التجارية، والاستعداد التكنولوجي، وعليه فإن ترتيبها قريب من المراكز الأولى في ركائز التنافسية الأخرى، ما ساهم في رفع مستوى الولايات المتحدة إلى المركز الثاني، وتحسين ترتيب كندا التي حلّت في المركز الرابع عشر.
ومن بين 17 اقتصاداً في شرق آسيا ودول المحيط الهادئ، زادت 13 دولة مجموع نقاطها، ولو بشكل طفيف، فيما حققت إندونيسيا وبروناي دار السلام التحسّن الأكبر منذ العام الفائت. أما سنغافورة، أكثر الاقتصادات التنافسية في المنطقة، فسجّلت انخفاضاً من المركز الثاني إلى المركز الثالث، بينما تقدمت هونج كونج من المركز التاسع إلى المركز السادس متفوقةً على اليابان، التي تحتل حالياً المركز التاسع. هذا وقد برزت بعض الدلائل على تباطؤ الإنتاجية بين الاقتصادات المتقدمة في المنطقة، بما في ذلك الصين، ما يشير إلى ضرورة تعزيز الجهود الرامية إلى زيادة الجاهزية التكنولوجية وتشجيع الابتكار.
وما زالت الهند (40) أكثر الدول تنافسية في جنوب آسيا، حيث تحسّن أداء معظم بلدان المنطقة. وتعتبر دولتا الهيمالايا، بوتان (في المرتبة 82، متقدمة 15 مرتبة)، ونيبال (في المرتبة 88، متقدّمة 10 مراتب) من بين أفضل الدول أداءً على مستوى العالم، في حين أن باكستان (في المرتبة 115، متقدمة 7 مراتب) وبنجلاديش (في الرتبة 99، متقدمة سبع مراتب) حسّنتا نتائجهما فيما يخص كافة أركان القدرة التنافسية. ولا يزال تحسين البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات واستخدامها من بين أكبر التحديات التي تواجه المنطقة، ففي العقد الماضي، توقفت الجاهزية التكنولوجية عن التقدم في معظم دول جنوب آسيا.
إلى ذلك، شهدت أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي 10 سنوات من التحسن المستمر في القدرة التنافسية. وقد حافظت تشيلي على ريادتها في المنطقة حيث احتلّت المرتبة 33، تليها كوستاريكا في المرتبة 47 متقدّمة سبع مراتب. هذا وقد تلتها بنما، التي احتلت المرتبة 50 وقد سجّلت تراجعاً ثمانية مراتب. وشهدت الأرجنتين التحسن الأكبر، فاحتلت المرتبة 92 متقدّمةً 12 مرتبة. أما البرازيل فاستقرّت في المرتبة 80، وتقدّمت مرتبة واحدة، وكذلك المكسيك في المرتبة 51. وتراجعت كل من كولومبيا والبيرو خمس مراتب، وقد احتلتا المرتبة 66 و72 على التوالي، فيما احتلت هايتي وفنزويلا المرتبتين الأخيرتين في المنطقة.
أما منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فحسّنت من متوسط أدائها هذا العام، على الرغم من تدهور البيئة الاقتصادية الكلية في بعض الدول. وقد أجبر انخفاض أسعار النفط والغاز هذه المنطقة على تنفيذ الإصلاحات الرامية إلى تعزيز التنويع، وقد أدت الاستثمارات الكثيفة في البنية التحتية الرقمية والتكنولوجية إلى تحسينات كبيرة في مجال الجاهزية التكنولوجية. إلا أن ذلك لم يؤدّ بعد إلى تحول كبير بنفس القدر في مستوى الابتكار في المنطقة.
ولم تشهد القدرة التنافسية لمنطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في المتوسّط تغيّراً كبيراً على مدى العقد الفائت، فيما استمرت مجموعة من الدول (إثيوبيا في المرتبة 108، والسنغال في المرتبة 106، وتنزانيا في المرتبة 113، وأوغندا في المرتبة 114) في التحسن هذا العام. وتصدّرت الترتيب في المنطقة كلّ من موريشيوس (45) ورواندا (58) وجنوب أفريقيا (61) وبوتسوانا (63)، فيما ما زالت البيئة الاقتصادية الكلية في أفريقيا تعاني بشكل عام. هذا وقد ازداد معدل التضخم إلى الضعف بالمقارنة مع العام الفائت في حين ما يزال الاقتصاد العام يتأثر بانخفاض أسعار السلع الأساسية نسبياً، الأمر الذي حدّ من الإيرادات العامة والاستثمارات الحكومية. وفي الوقت نفسه، لا تزال الأسواق المالية والبنية التحتية في أفريقيا غير متطوّرة، وقد شهدت عملية تحسين المؤسسات فيها نكسة هذا العام مع تزايد حالة عدم اليقين السياسي في الدول الرئيسية.