مسقط -
رغم التوترات المتصاعدة على صعيد أزمة كوريا الشمالية إلا أنه يبدو أن حتى اللحظة الراهنة يظل التصعيد من قبل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مستبعدا.
فرغم تمكن كوريا الشمالية الثلاثاء الفائت، للمرة الأولى في تاريخها، من إجراء تجربة ناجحة على إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات قادر على إصابة الأراضي الأمريكية وتحديدا ألاسكا، بحسب البنتاجون والأمم المتحدة من جهة والتحركات الأمريكية الخاصة بإجراء قاذفتين أمريكيتين مناورات بالذخيرة الحية في كوريا الجنوبية والإعلان الأمريكي عن اختبار درعها الصاروخية «ثاد» الشهر المقبل في ألاسكا إلا انه ثمة مؤشرات على عدم نضوب الآمال في إمكانية الحل الدبلوماسي وتجنب المواجهة العسكرية.
الحرب مستبعدة
من جهته قال وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون، بعد لقاء مع نظيره الأمريكي جيمس ماتيس، أمس الأول الجمعة::إن اللجوء إلى خيار عسكري تتحدث عنه الإدارة الأمريكية ضد كوريا الشمالية احتمال «بعيد جدا».
وقال فالون في مركز فكري ردا على سؤال عما إذا كانت دول حلف شمال الأطلسي ستساعد الولايات المتحدة في ردع كوريا الشمالية عن مزيد من التسلح «أولا نحن بعيدون جدا عن البحث في خيارات عسكرية».
وأضاف أن الأمر «ليس تهديدا للولايات المتحدة وحدها ولا نتوقع أن تعالج الولايات المتحدة ذلك بمفردها. التهديد يطال كل الأسرة الدولية»، داعيا إلى تعزيز العقوبات المفروضة على بيونج يانج.
مجرد استعراض للقوة
من جانب آخر قال الجيش الكوري الجنوبي إن قاذفتين أمريكيتين أسرع من الصوت أجرتا مناورات بالذخيرة الحية أمس السبت، في كوريا الجنوبية في استعراض للقوة عقب إطلاق كوريا الشمالية صاروخا باليستيا عابرا للقارات.
وذكر سلاح الجو التابع لجيش كوريا الجنوبية أن القاذفتين الاستراتيجيتين من طراز (بي-1بي لانسر) انطلقتا من قاعدة أمريكية في جوام وانضمت إليهما طائرات أمريكية وكورية جنوبية مقاتلة للقيام بمحاكاة لتدمير راجمة صواريخ باليستية ومنشآت معادية تحت الأرض.
وأفاد سلاح الجو الكوري الجنوبي في بيان أن القاذفتين (بي-1بي) أجرتا المناورة بالذخيرة الحية في مضمار بإقليم جانجوون في شرق كوريا الجنوبية فأسقطتا أسلحة في محاكاة لهجوم على راجمة صواريخ.
وقال إن الطائرات المقاتلة الكورية الجنوبية والأمريكية أجرت تدريبات على الضربات الدقيقة بقصد مهاجمة أهداف معادية تحت الأرض.
وذكرت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية للأنباء أن القاذفتين حلقتا بعد ذلك ناحية الغرب مقتربتين بشدة من المنطقة الحدودية منزوعة السلاح وشديدة التحصين بين الكوريتين قبل أن تغادرا المجال الجوي لكوريا الجنوبية.
وتأتي المناورة في أعقاب تدريب مدفعي وصاروخي مشترك بين القوات الكورية الجنوبية والأمريكية بعد يوم من إطلاق الشمال الصاروخ الباليستي العابر للقارات.
تجربة مقررة منذ أشهر عدة
أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية، أنها ستختبر في مطلع يوليو المقبل في ألاسكا منظومة «ثاد» المضادة للصواريخ، في إعلان يأتي في غمرة التوتر مع كوريا الشمالية التي أطلقت هذا الأسبوع صاروخا باليستيا عابرا للقارات في أول تجربة من نوعها على الإطلاق لصاروخ قادر على ضرب الولايات المتحدة.
والدرع الصاروخية ثاد مصممة لرصد وتدمير الصواريخ التي يتراوح مداها بين القصير والمتوسط والوسيط، وأوضحت الوكالة الأمريكية للدفاع المضاد للصواريخ (ام دى ايه) أن هذه التجربة ستجرى في قاعدة كودياك في ألاسكا في مطلع يوليو»، من دون مزيد من التفاصيل، وقالت الوكالة في بيان إن الدرع الصاروخية «سترصد وتتعقب وتستهدف هدفا بواسطة (صاروخ) ثاد اعتراضي».
ومع أن هذه التجربة مقررة منذ أشهر كثيرة، إلا أن الإعلان عنها في هذا التوقيت يرتدي أهمية بالغة بعدما تمكنت كوريا الشمالية الثلاثاء، للمرة الأولى في تاريخها، من إجراء تجربة ناجحة على إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات قادر على إصابة الأراضي الأمريكية وتحديدا ألاسكا، بحسب البنتاجون والأمم المتحدة. لكن منظومة ثاد ليست مصممة لاعتراض صواريخ باليستية عابرة للقارات، ذلك أن الجيش الأمريكي لديه منظومة أخرى مخصصة لهذا النوع من الصواريخ هي منظومة «جي ام دي» الموجودة في قاعدتين فقط، الأولى في ألاسكا والثانية في كاليفورنيا.
وقت أكبر للحل الدبلوماسي
في السياق ذاته ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ستمنح خيار الدبلوماسية مزيدا من الوقت لحل الأزمة المتفاقمة الخاصة بسعي كوريا الشمالية لامتلاك أسلحة نووية قادرة على الوصول إلى سواحل الولايات المتحدة.
ونقلت الصحيفة -في سياق تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، الجمعة، عن جيمس ماتيس، وزير الدفاع الأمريكي- في أول تصريح له منذ إطلاق كوريا الشمالية، ما خلص مسؤولون أمريكيون إلى أنه أول صاروخ باليستي عابر للقارات إن واشنطن ليست قريبة من الحرب.
وأضاف ماتيس -خلال إحاطة إعلامية بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)- إن الرئيس ترامب، ووزير الخارجية ريكس تيلرسون، كانا واضحين للغاية بخصوص اتباع الولايات المتحدة للجهود الدبلوماسية والاقتصادية، مشيرا في الوقت نفسه إلى استعداد وجاهزية الجيش الأمريكي، استنادا إلى معاهداته مع الحلفاء في اليابان وكوريا الجنوبية. وجاءت تصريحات وزير الدفاع الأمريكي، بعد أن قال ترامب، إنه يدرس «بعض الإجراءات الشديدة للغاية»، ردا على خطوات بيونج يانج الأخيرة.
وقال ترامب في مؤتمر صحفي مشترك، مع نظيره البولندي أندريه دودا، في وارسو، إن قادة كوريا الشمالية يتصرفون على نحو خطرة للغاية ويجب القيام بشيء حيال ذلك. وأشارت (وول ستريت جورنال)، إلى أن ترامب، لم يوضح ما هي الخطوات التي قد يتخذها، أو ما إذا كان يدرس اتخاذ إجراءات عسكرية، غير أنه قال في وقت لاحق خلال نفس اللقاء «هذا لا يعني أننا سنتخذ خطوات، أعتقد أننا سنترقب ماذا سيحدث خلال الأسابيع والأشهر المقبلة فيما يتعلق بكوريا الشمالية».
وأفادت الصحيفة الأمريكية، أن نجاح كوريا الشمالية، الثلاثاء الفائت، في إطلاق، ما وصفه الخبراء أنه أول صاروخ باليستي قادر على الوصول إلى الولايات المتحدة، أدى إلى تصعيد التحدي الدبلوماسي، موضحة أن التهديد الفعلي ما زال غامضا، إذ يشكك كثير من الخبراء في مزاعم بيونج يانج، أن لديها القدرة على حمل قنبلة نووية على هذا الصاروخ بعيد المدى.
مخاطر كبيرة للحرب
ورأت أن انتقام واشنطن العسكري تجاه كوريا الشمالية، يحمل في طياته مخاطر كبيرة، ليس فقط على القوات الأمريكية، بل أيضا على حلفاء الولايات المتحدة في آسيا، وخاصة في الدول المجاورة لكوريا الشمالية، مثل كوريا الجنوبية واليابان.
وأشارت (وول ستريت جورنال)، إلى أن إدارة ترامب لطالما سعت إلى إيجاد سبل أخرى لعرقلة برنامج كوريا الشمالية النووي، ومنها قبل كل شيء محاولة إقناع الصين باستخدام نفوذها كأكبر شريك تجاري للبلاد، في كبح جماح «بيونج يانج».